ادب وفن

الظواهر الطارئة على الشعر الشعبي

مصطفى هلال الزاير
قد لا يخفى على احد حدوث قفزة نوعية في الشعر الشعبي العراقي بعد سقوط الصنم حيث كان يعاني من الأهمال والتدهور في زمن الدكتاتورية .لكن هذا التحول سرعان ما صاحبته ظواهر دخيلة وطارئة على الشعر الشعبي بسبب الفوضى الأدبية وصخب الشعراء الذين باتوا ينظرون لأنفسهم نظريات ما انزل الله بها من سلطان وسط غياب واضح للنقد المنهجي الذي يقنن مسار العملية الأدبية, ومن هذه الظواهر دخول المفردات الركيكة التي لا تحمل دلالات لغوية واضحة بحجة (السهل الممتنع) كلنا نعرف ان الشعر هو المختار من الكلام والمفردات الرفيعة ذات الدلالات الواضحة والعميقة وهذا ما يميزه عن الكلام الأعتيادي وليس الوزن والقافية فهما لا يتعدان كونهما عبارة عن أطارات تؤطر كلام الشاعر بالضبط كأطار اللوحة وهذا الأخير وان كان مصنوعآ من الذهب لا يشفع للوحة التي يحتضنها من دون دلالاتها ومعانيها واللمسات الفنية الساحرة لصانعها .والظاهرة الأخرى التي ظهرت حديثآ هي ظاهرة ((المتذوق)) حيث يشتبه الكثيرون خطئآ ان المتذوق هو ذاته الناقد, فليس بالضرورة كل من تذوق الشعران يكون ناقدآ فالمتذوق للمسرح على سبيل المثال لا يستطيع ان يطرح نفسه ناقدآ مسرحيآ وكذا هو الحال ينطبق على السينما والدراما والموسيقى .نعم قد تكون الذائقة احد اهم أدوات الناقد لكن وحدها لا تكفي حيث ينبغي على الناقد ان يكون مسلحآ بكافة ادوات النقد اولها واهمها يجب ان يكون محيطآ بعلم العروض لكي يتسنى له معرفة العلل والزحافات في البيت الشعري وتسمية الأسماء بمسمياتها فالأذن الموسيقية لا تكفي لهذا الغرض.كذلك يجب على الناقد ان يميز بين مدارس الشعر بنائآ وأسلوبآ ومفردات ورصد امكانية ظهور مدارس حديثة قد يستحدثها الجيل الحالي من الشعراء. ومن الظواهر الأخرى نقد الشاعر للشاعر وهذا النقد وان كان موضوعيآ في اغلب الأحيان لكنه يبقى عاجزآ عن سد الفجوة الحاصلة فمن البديهي اذا نقد شاعر شاعرآ اخر يفسر نقده بالحسد او الغيرة او الحرب النفسية وما الى ذلك وبالتالي ينمي روح الكراهية بين الشعراء والأصرار على الخطأ من اجل المكابرة .هذه الظواهر وغيرها اذا ما اردنا وضع الحلول اللازمة لها علينا احداث طفرة نقدية توازي هذا العدد الهائل من الشعراء من خلال تصدي بعض المثقفين الذين لهم اهتمام في هذا المجال ليطرحوا انفسهم نقاد حقيقيين ويأخذوا على عاتقهم تقويم الشعر الشعبي والحفاظ على مكانته التاريخية والسياسية والاجتماعية .وان يكون نقدهم موضوعيآ وبنائآ بعيدآ عن الأستهداف او الميل والترويج لشاعر ما على حساب الآخر بدوافع مناطقية او قبلية وغيرها من التخندقات الضيقة. وان يتصدوا لذلك عن طريق تشكيل جمعيات خاصة بالنقد المنهجي او مجلات تختص بهذا الشأن أومن خلال الكتابة في بعض الصحف التي تخصص صفحات ادبية او تأسيس منتديات ألكترونية من خلال مواقع التواصل الأجتماعي من اجل الحفاظ على الجمال وصانعي الجمال والوقوف بوجه كل طارئ يسئ للأدب الشعبي الذي يحتل مكانة كبيرة في نفوس العراقيين فصناعته للثورات والوقوف بوجه التحديات خير مثال على ذلك.