ادب وفن

محمد الجزائري.. عاشق الحياة / برهان الشاوي

مع رحيله فقدت الثقافة العراقية واحدا من الأسماء المهمة والمتميزة نقديا ومعرفيا.. ففي السبعينات من القرن المنصرم كان كتابه "ويكون التجاوز" محور أحاديثنا نحن الشعراء والأدباء الشباب آنذاك، إذ كان من أكثر الكتب جرأة في تناول التجارب الشعرية العراقية الحديثة.. وقبلها كتابه "حين تقاوم الكلمة"..
التقيته وجها لوجه وتعارفنا بشكل شخصي في نهاية التسعينات وبداية القرن الواحد والعشرين في دولة الإمارات.. وتوالت اللقاءات كلما مررت بإمارة الشارقة.. أو كلما زار مدينة أبوظبي حيث كنت أعمل.. ودارت بنا الدنيا وتقاطعت السبل.. إلى أن عرفت أنه استقر في بلجيكا.. في المدينة الساحرة خنت.. فتراسلنا.. وكتب حينها مقالة طويلة عن روايتي "مشرحة بغداد".. ثم تواصلنا في الحديث عن المتاهات..
قبل أيام شاهدت له صورا عند قبر صديقنا الراحل الفنان حمادي الهاشمي.. الذي كان يعيش في المدينة نفسها.. وها هو يرحل عنا... في غربته..
ربما لا يعرفه الكثير من الشعراء والأدباء الشباب اليوم لابتعاده عن مهرجان العراق الجديد... وإعلامه الطائفي والسطحي.. وقد يكون ذلك نتيجة موقفه مما جرى ويجري.. فقد كان واضحا في موقفه من الاحتلال وما نتج عنه من حكم طائفي..، وبالرغم من تعدد المنافي والغربات فقد توالت مؤلفاته النقدية والجمالية ومقالاته التي ظل فيها أمينا للثقافة العراقية الأصيلة.. بقامته الثقافية الكبيرة..
برحيله تفقد الثقافة العراقية أحد فرسانها الأصيلين..
وداعا محمد الجزائري، عاشق الحياة التي تغدر دائما.. والعزاء لعائلته ولكل أصدقائه ومحبيه..