- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 29 حزيران/يونيو 2016 10:22

في ليـلـة ، كنت’ فيها متلهفا" إلى حضور جلســة الأحتفاء ** بالشاعر الكبير يحيى
الســـماوي ، فتحققت هذه الليلة ، وحضرت وســمعت وألتقطت صورا" عديدة معه ...
وكانت حقا" ليـلة جميلة شــكلت مســاءات الدفء في ليال شــتائيـة مقمرة ، سمعنا فيها
أنغام الشعر المحلق بالصدى الأيقاعي المتواصل تحت ســــماء الصدق والأحاسيس في
عمق التراتيـل التي ما أنفكّت تتزاحم في القلوب بمعزف نادر أصيل ، كمـا كان الجميع
يرتوي بشدو عال ومحبب في النفوس لكلِ سـطر أو لكلِ حرف من حروف الأستشراق
الغرّ المصطفة على نهر جار لصوت أجش حزين ومفرح وبمحبة وأنســــــجام متوافق
ليدخل إلى أسماعنا بفيض من ترددات عزف مبهر بأوتار الحياة لنســــرح في حلم كبير
تحت مظلة أشعار راقية بألوانهـا الزاهية ، ونلتفت’ بالعودة إلى أحضان الطبيعة الباذخة
فـي عطاياها وبآفاقها الرحبة بكل ما أشتملت من شوق وحضور الألق في بواكير منفى
الكلمات وأرتداداتها ..فياليت الوقت تكون فيه الدقيقة ساعة والساعة تكون يوما" واليوم
يكون الأجمل في مدارات الكون الواسعة ... وهل نستفيق من هذا الحلم ..؟
كان لي في سالف العصر غدير ٌووترْ
وبساتين بهـا ترقص’ أفيـاء’ الشــجرْ
وقناديل لهـا شــكل’ الصباحات
وأحداق القمرْ
****
(1)
كان لي نهرٌ وزورقْ
وشراعٌ بأتساع الشــوق
وكان العشق’ فانوســا" وبيرقْ
’ثمَ لما شــنقوا حنجرتـي
صار البكاءْ
كفن الصبح وتابوت المســاء
كان لي في سالف العصر رغيفٌ
ناعمُ الدفء
ولي بيتٌ على جدرانه يثملُ زيتونٌ وزنبقْ
مقاطع من قصيدة ( كان لي )
وتتعطرالأجواء المحسوسة بماء الورد ، إذ ’يسكب على روح الشاعر الندية من غيمة
حبلى بالمــاء المعطر بألف ألف مـن حبات المطر التي نراها تلتمع عند نزولهــــا بفعـل
أشعة الشمس من خلال الغيوم المتناثرة :
فأستمطريني ...
غيمتي بماء الورد
هئت’ لعنوانك
فأستري ’عريي بسعفك
أنطقيني ...
وأفتحي ليْ دفتر الرؤيا
ليكتب
( 2)
سفر رحلته الغمامْ
ودعي شذاك
’يغيظ’
آلهـة المدامْ
من قصيدة ( إنها السماوة فأدخلي آمنة مطمئنة )
وتحكي الغربة في لحن حزين تكتنفها عذابات السـنين ، حيث دم العشـق يفور ويغور
بين الأضلع لينطق النغم الأصيـل ...فيا للصبر ، أما لك فـي الغربـة مـن تحويل مجرى
الحيـــاة إلى حياة أخرى وبمسميات أخرى ؟ ... أنها الغربة وأنه الغريب ، الذي ينتظر،
وينتظر فهوأمّا أن يكون التابوت أو أنه الجثـة المعمدة بلا حركـــة ! ... مع أنّ الكلمات
لا تتلاشـى أولا تتبعثـر في أتون معركة بين الغربـة ووحي الرجوع إلى ربوع الوطن :
أتعبني العشــق وطول الليل والســكوتْ
يخجلني لو أنني في غربتي أموت
الأهل فـي قلبي ...
وفـي أوردتي رائحـة’ البيوتْ
فهل أنا جثـة ؟
أم كنت’ أنا التابوت ؟ من قصيدة ( كوابيس )
يصيح’ .. يصرخ’ ‘... لكن صوتـه المبحوح يعلو مع وتر الربابة العازلة للكون عـن
اللاّحيـاة فـي بديهيـة غارقــة في صورأوضاع تحولت فيهـــا عيون المهـا إلى صفحات
(3)
قـد تجفَ ألوانهــــا الرطبــة لتزيدنـا تفاعلا" أيقاعيّا موحيـا" لأطيافهــا في عناق الحنين
المستديم ، ولنرســم مقادير معاناة الأنســان في وديان الذكريات غالبا" ما تطوف فيهــا
فراشات ملونة قد تنحني أجلالا" للصوت الدافق بالحب والمعاناة وفي صوره الوجدانية
مثكل القلب ... يتيم النظرات
فزعا" فرَ " عليُ الجهم " منْ زنبقة الروح
إلى دغْل الفلاةْ
راعـه’ أنَ الينابيع دماء
والبساتين موات
لا المهـا تدنو منْ الجســـر
ولا " دجلة’ " تغوي بالرياحين الفراشات
فكلُ الشرُفاتْ
أغمضتْ أجفانهـا منذ’ أجتياح السُر’فاتْ
واحة العشــق ... وأكواخ " الفرات "
من قصيدة ( نقوش على جذع نخلة )
وتبقى أيها الشــاعر العملاق : كلماتك هادئــة واضحــة ثريــة بالعطاء ُيزف هبوبهـا
كالنســـيم على شــرخ الزمن ، ليلتئم بمباركة الأحرف الندية الناطقة بصدق الأحاسيس
مـن عمق الروح على مدارج الزهو والجمـال حينمـا تكون علامات الصفـاء والمســـرّة
بيدك تتأهب لحياة جديدة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الشاعر يحيى عباس عبود السماوي : ولد في 16/3/1949 في مدينـــة الســــماوة .. أشتغل
)4)
بالتدريس والصحافة والأعلام في العراق والمملكة العربية الســــعودية ... هاجر إلى أستراليا
عام 1997 له أكثر من عشرين ديوانا" وكتب أخرى ..حائز على عدة جوائزعن كتبه.
**تمَ الأحتفاء بالشاعر السماوي بتاريخ 25/2/2016 ضمن دعوة من رابطة مصطفى جمال
الدين ألأدبية بالبصرة .
( 5)
ناظم عبدالوهاب المناصير