ادب وفن

الزمن / عبدالكريم كاصد

إلى الصديق عزيز سلام
ذلك الكتابُ يقول: "متى تقرأني"؟
تلك الورقةُ تقولُ: "لا أعرفُ شيئاً"
ذلك القدح
وقد ظلّ منذ الصباح نصف ملآن
ما الذي يقول؟
انهضْ!
ثمة طرْقٌ على الباب
ولتَدْعُ الزائر
إلى ذلك الكرسيّ الفارغ:
الزمنْ..
*
يا لمَكر الزمنْ
تلالٌ من الخراب خلفهُ،
ولا ذرةٌ من غبار
على وجههِ
أو يديه
*
الزمنْ
لا يبكي أبداً، حتى لو أبصرتَ دموعاً في عينيهِ، وقد يجلسُ معتذراً بين يديكَ فتعذرُهُ، لكن ما أسرعَ ما تندمُ، حين تراه يحدّقُ يوماً في وجهك، في المرآة
*
الزمنُ الأعمى
كم أحسستُهُ يلمسُ كتفيّ برفقٍ
حين أنوءُ برأسي
أو حين أنودُ برأسي
الزمنُ الأعمى
*
الزمنْ
يهمسُ لي:
احذرْ
احذرْ
أن توقدَ هذي الشمعةَ ثانيةً
ويمرّ
*
الزمنْ
حين يجرّك من رِدنكَ
مبتعداً
أتسرّ إليه
ما لا تتذكرُهُ أبدا؟
*
ها.. ها..
يقهقهُ الزمنْ
طائراً مثل ساحرةٍ
في الهواء
*
على ما لم أفعلْ
يؤنبني الزمنُ دوماً
*
الزمنُ لا يمرّ
*
"لن أحمل إلاّ ما خفّ
تقول الريحُ
وتمضي"
*
يسألني الزمنْ:
- أتعرفُ أينَ المكانُ الخطأ؟
قلتُ:
- لا
قال:
- مكانُكَ أنت.
*
أرادني الزمنْ
أن أكونَ شاهداً، فتقدّمتُ إلى مِنصّة الشهود، كان القضاةُ يُحيطون بي
والوجوهُ تحدّقُ بي
والأصابعُ تُشيرُ إليّ
والزمنُ واقف
كساعةٍ تُوشكُ أن تدقّ
كنتُ أنا المتّهمَ الوحيد
*
حين يقوّضُ الزمن كلَّ شيء
ما الذي يتبقّى لهُ؟
*
تاجٌ أبيض
في مملكةٍ سوداء
تاجُك أيّها الزمن..