- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 21 كانون2/يناير 2015 19:22
رشيد غويلب
تشير استطلاعات الرأي المنشورة الثلاثاء الفائت، والتي تفصلها أربعة ايام فقط عن يوم التصويت في الخامس والعشرين من كانون الثاني الحالي، الى تعزيز حزب اليسار اليوناني تقدمه على منافسه الأشد حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الحاكم.
وبموجب النتائج المعلنة، فان حزب اليسار اليوناني بزعامة مرشحه الكسيس تيبراس سيحصل على 30.4 - 33.5 بالمئة، تاركا اليمين الحاكم بزعامة رئيس الوزراء الحالي انطونيوس ساماراس خلفه بـ 26.4 - 27 بالمئة.
وأعطت استطلاعات الرأي في بداية الحملة الانتخابية، تقدما لليسار بنسبة 3 بالمئة تقريبا، ولكن استطلاعا للرأي بثه تلفزيون Skai اليوناني رفع هذه النسبة إلى 6.5 بالمئة.
ولم ينجح حزب باسوك الاجتماعي الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم في تحسين موقعه، وظل بعيدا عن المتصدرين، فبموجب استطلاع للرأي نظمه "معهد استطلاعات الرأي" في جامعة سالونيك اليونانية، فان الاجتماعيين الديمقراطيين، الذين حكموا اليونان لمدة 20 عاما تقريبا سيحصلون على 4.5 - 5.1 بالمئة فقط، وسيتحل المرتبة الثالثة "حزب النهر"، بحصوله على 5.2 - 7.5 بالمئة، وهو حزب حديث التشكيل ينتمي إلى قوى الوسط، يتبعه حزب "الفجر الذهبي" الفاشي بحصوله على 5.2 - 5.5 بالمئة ، ثم الحزب الشيوعي اليوناني 4.8 - 5.5 بالمئة، محققا تقدماً نسبياً مقارنة بالنتائج السابقة.
وبقي حزب "حركة الديمقراطيين والاشتراكيين" الذي انشق حديثا عن باسوك، بزعامة رئيس الوزراء السابق غيوريوس باباندريو بعيدا عن تجاوز العتبة الانتخابية (3 بالمئة)، فيما ما يزال حزب "اليونانيين المستقلين" اليميني الشعبوي يكافح من اجل دخول البرلمان.
وتعكس نتائج الاستطلاعات قدرة حزب اليسار على الاحتفاظ بمواقعه، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الحملة الهستيرية ضد الحزب في البلدان الرأسمالية، والتي تشارك فيها المراكز المالية، وشركات الإعلام الضخمة، مع دخول وكالات التصنيف الانتمائي حلبة الصراع الانتخابي، بتخفيضها درجة تقدير اليونان بشكل مفاجئ من "المستقر" إلى "السلبي".
من هو مرشح حزب اليسار؟
الكسيس تيبراس زعيم حزب اليسار اليوناني، ومرشحه، لم تنجذب إليه الاضواء لموقعه الحزبي الهام فقط، وإنما لشخصيته المقنعة الجذابة، وقدرته على التأثير في سامعيه. ولهذا أضفت عليه وسائل الاعلام الكثير من الصفات منها: "الشبح المخيف"، و"اخطر رجل في أوربا"، و"جيفارا اثينا".
محدود عدد السياسيين، الذين لم يتجاوزوا بعد سن الأربعين، وتمتعوا بهذا الكم الهائل من الشتائم والمديح. والمعلقون على العموم متفقون ان الزعيم اليساري متحدث رائع، ويملك مهارات سياسية، اضافة الى مظهره المتواضع والجميل. والقضية كما يعتقد الكثيرون، ما هي إلا مسألة وقت، حتى يرتقي السياسي اليساري الشاب موقعا رفيعا.
وفي سبيل الوصول الى هدفه، يعمل تيبراس المولود في العاصمة اليونانية، منذ سنين. لقد شارك كتلميذ في الحركة الاحتجاجية ضمن الشبيبة الشيوعية. وبعد سنوات قليلة انتقل إلى صفوف حزب "كتلة اليسار" الصاعد حينها، والذي وحد بزعامة تيبراس قبل اكثر من عام 13 منظمة، وحزب يساري صغير حوله.
ولفت تيبراس الانظار إليه في عام 2006 ، عندما احتل الموقع الثالث في المنافسة على منصب عمدة العاصمة اليونانية. وفي عام 2008 احتل الموقع الاول في حزبه. واثبت جدارة سياسية في إدارة الصراع داخل الحزب بشأن بقاء اليونان في الاتحاد الاوربي، ومنطقة اليورو، براغماتيته في اتخاذ القرارات الهامة، وحيويته السياسية جلبت له الكثير من المؤيدين. وتحت قيادته استطاع حزب اليسار المتشكل حديثا من احتلال الموقع الأول في اليونان في انتخابات البرلمان الاوربي في الخامس والعشرين من أيار 2014 .
وتيبراس ليس ثوريا أعمى كما يصفه الساسة المحافظون والاعلام اليميني المنافس، فعلى الصعيد الشخصي يعطي صورة للتواضع والصمود، فبعد دراسته هندسة البناء، يعيش زعيم اليونان المرتقب مع طفليه وشريكة حياته في سكن متواضع في اثينا، ويتنقل بدراجته البخارية، ولا يرغب بارتداء ربطة العنق. ويقول متابعون: بغض النظر عن النتيجة التي ستفضي إليها انتخابات الاحد القادم، فان الكسيس تيبراس قد غير المشهد السياسي في اليونان بعمق، وهذا ما سيجعله ثوريا قبل كل شيء.