مدارات

انقلاب 8 شباط الأسود مهّد للعنف المنظم في بلادنا

د . جاسم محمد حافظ الساعدي
في الثامن من شباط لعام 1963 من القرن الماضي, فاق العراقيون على انتشار الطاعون في أزقة أحيائهم الشعبية وفي المصانع والمزارع, وقد أسدل الظلام على البلاد أستاره, وسط ذهول الفقراء والكادحين وكل أحرار العراق وأصدقائه, بعد أن رأوا قطعان الحرس القومي وقد خرجت من أوكارها السرية , مسنودة بإمكانات كل قوى الظلام والردة المحلية والإقليمية والعالمية- تماماً كما حدث في الموصل اليوم - في ثار لها من " ثورة 14 تموز لعام 1958 الوطنية " وقياداتها النزيهة, تلك الثورة التي أقضت مضاجع أسياد "حزب البؤس العربي الانتهازي " وأفسدت أحلامهم, في استمرار?السيطرة على قرار العراق الاقتصادي والسياسي الحر, وعرقلة مسيرة شعبه في مواصلة الكفاح على استرداد استقلاله الوطني الناجز وإحكام السيطرة على ثرواته الطبيعية.
ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم دارت طواحين الموت في بلادنا بشكل جنوني وبدون توقف, وتواترت مظاهر الكراهية والعنف المنظم في تاريخنا المعاصر, واستعرت تحت الرماد المشاعر الطائفية, فعلى أيدي تلك المجموعة من المتفسخين طبقياً والمنحرفين, استشهد الآلاف من العراقيين في قصر النهاية والأمن العامة, وذابت الأجساد الغضة لبنات وأبناء العراق في أحواض التيزاب التي أقاموها على حواف نهر دجلة, سعياً لتشويه صورة هذا النهر الخالد في الذاكرة والتاريخ العراقي, دجلة الخير ومرتع صبا طوائف العراقيين جميعاً. فاحتضن بقايا تلك الأجساد المق?سة تطهراً بها, مثلما تطهر بما القى فيه هولاكو من نفائس نتاج العقل العراقي, إن هؤلاء الصبيان هم ذاتهم الذين ذبحوا الشبان العزل في سبايكر وأوغلوا في دماء البو نمر, هم الذين لا يضاهيهم انتهازي مخادع يجيد العودة من الشبابيك إن اخرج من الأبواب مرغماً, ينشرون الرذيلة إن صبت في طواحينهم اين ومتى شاءوا, فهل تمحو الأيام الحزينة من الذاكرة الجمعية للعراقيين , حملاتهم الإيمانية وانتشار والتشدد الديني في بلادنا ؟.
انه لمن المحزن حقاً, ان السياسيين النافذين في حكم العراق بعد تلك التجربة الدموية مع البعث - يتبارون اليوم على الفوز بجائزة السبق برد الاعتبار له ولقياداته, وفي التمييز بين من تلطخت أياديهم بدمائنا ومن لم تتلطخ, متناسين عمداً بان عقيدة هذا الحزب وأفكاره جُبلت من الجماجم والدم.
أيها الواهمون قصداً لارتباط المصالح - تذكروا ان الملطخة عقولهم بدمائنا كانوا يحاصرون الناس في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ودور العبادة والنوادي الثقافية والترفيهية, ويفسدون على الشعب علاقات حسن الجوار مع أصدقائه, فأذا ما أعمتكم المصالح الحزبية الأنانية الضيقة, فلا تخدعوا أنفسكم بوهم ان هذه الجثث الهامدة ستأخذكم إلى الفردوس, ان كان من بينكم من يريد إكرام البعث لحاجة في نفس يعقوب - فليدفن هذه العقيدة القومية العنصرية الإرهابية والى الأبد لتكون درساً للعنصريين في بلادنا جميعاً.