مدارات

اوكرانيا.. حزمة قوانين لمنع الحزب الشيوعي!

رشيد غويلب
أقرت الاكثرية اليمينية المتحالفة مع الفاشية في البرلمان الأوكراني الخميس الفائت قانونا يمنع تداول الرموز والإشارات الشيوعية، ويعاقب القانون المخالفين بعقوبة السجن، في حين تبقى عمليات تدمير نصب لينين التذكارية بلا عقاب، كما حدث في عطلة نهاية الأسبوع في خاركوف.
وستجد وسائل إعلام السلطة في أوكرانيا في المستقبل باستمرار أمثلة لرموز ووسائل دعائية يسارية يعاقب عليها القانون، الذي يرى المتابعون ان الرئيس بترو بوروشينكو مستعد لتوقيع وادخاله حيز التنفيذ، ولكن هذا الإعلام لا يفعل الشيء نفسه، اذا تعلق الأمر باليمين المتطرف والنازية الجديدة. ولتأمين هذا الواقع عمل اليميني المتطرف "اوليغ ليشيكو"، الذي عرف خلال الحملة الانتخابية جلاداً. لقد استطاعت كتلته تمرير قانون، اعتبرت بموجبه جميع افراد الاحزاب والمليشيات الأوكرانية التي قاتلت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية الى جانب النازية الألمانية، وضد الجيش السوفيتي، مناضلين في سبيل حرية اوكرانيا في القرن العشرين. وسيتمتع هؤلاء بتكريم الدولة وحمايتها لرموزهم، وسيشمل هذا أيضا فوج "آسوف" ، الذين يحملون إشارات مليشيا الـ "اس اس" النازية الألمانية على خوذهم وأسلحتهم.
وكان وزير العدل الأوكراني بافلو بترينكو قد اعلن في بداية نيسان الحالي بان البرلمان سيقر حتى التاسع من أيار المقبل، أي يوم النصر على الفاشية الألمانية في روسيا الاتحادية المجاورة، حزمة من القوانين لطرد الشيوعية من البلاد. ولتمرير قانون "اجتثاث الشيوعية" ما دامت هناك اكثرية برلمانية و"إرادة سياسية".
وكان "بترو بوروشينكو" الذي اصبح في هذه الأثناء رئيسا للبلاد قد قال خلال الاحتجاجات: "يمكنني أن أفعل الكثير لضمان حرية التعبير والديمقراطية في أوكرانيا". وبموجب اربعة قوانين أقرت لحد الآن، ترى الحكومة الأوكرانية ان الظرف ناضج لوضع قانون منع نشاط الحزب الشيوعي على جدول الأعمال، ولكن يبدو ان العملية لا تسير بسلاسة بالنسبة للقابضين على السلطة في كييف، لضعف الأدلة المتوفرة لديها، ولهذا فان الملفات ما تزال تدور في اروقة القضاء بمستوياته المختلة. وبعد سرقة ملفات محكمة كييف، قدم قضاة المحكمة استقالة جماعية، ولهذا يجب ان يجري تشكيل المحكمة من جديد، بشكل تأمل منه الحكومة تحقيق اهدافها، ولكن القاضي المكلف لم يعد بالكثير، لان الحزب الشيوعي قد اقام دعوة ضد إجراءات وزارة العدل.
ومنذ عزل الرئيس السابق في شباط 2014 ، يسعى المنتصرون لإزاحة الحزب الشيوعي من الخارطة السياسية. ففي أيار 2014 اصبح الكسندر تورتشينوف رئيسا مؤقتا للبلاد ورئيسا لبرلمان البلاد، ويشغل حاليا منصب رئيس مجلس الأمن الأوكراني، ومنذ ذلك الحين يتدخل مباشرة في مسارات هذا الملف، الهادف الى التحقيق في اتهامات موجهة للحزب الشيوعي منها " ممارسة نشاطات إنفصالية وإرهابية"، لغرض منعه من ممارسة النشاط العلني. وكان الطلب الأول لحظر نشاط الحزب الشيوعي، قد قدم في شباط 2014 من قبل كتلة حزب "الحرية" الفاشي، في برلمان الذي كان الشيوعيون يشغلون فيه 32 مقعدا.
وما تزال الحملة واسعة النطاق جارية ضد الشيوعيين، ففي نهاية اذار الفائت، اكتشف برلماني متطرف وجود سكرتير الحزب الشيوعي الأوكراني سيمونينكو على منصة رئاسة اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي في موسكو، وحسب ما نشرته البرافدا فان الأخير حل ضيفا على الاجتماع لتقديم شرح مفصل للاوضاع في بلاده. ولكن رئيس جهاز المخابرات الأوكراني لم يكتف باتهام الزعيم الشيوعي بممارسة الارهاب، بل نشر دعاية مفادها ان سيمونينكو يحمل الجنسية الروسية، وعضو في قيادة الحزب الشيوعي الروسي، وبسبب هذا الاتهام خضع سيمونينكو لتحقيق مخابراتي دام 11 ساعة.
وفي بداية نيسان وجه سيمونينكو رسالة الى احزاب اليسار الأوربي، واعضاء كتلة اليسار في البرلمان الأوربي:"ان جميع هذه التهم مختلقة، وتهدف الى التخلص من قوى اليسار الاوكراني بشكل مبكر، وتدمير منظماتها، وتحويل المعارضة الحقيقية لسلطة الطغمة الحاكمة الى معارضة تابعة". ووصف الزعيم الشيوعي امام الصحفيين جهاز المخابرات في بلاده بـ"الجندرمة السياسية"، ويرى فيها مرادف للمخابرات الألمانية النازية (الغستابو).
وفي شباط 2014 قامت مجموعات العنف في الميدان بتدمير المقر المركزي للحزب الشيوعي، واشعال النار في بيت سكرتير الحزب. وما تزال التوصيفات التي اطلقتها قيادة الحزب الشيوعي على الفاعلين تحتفظ براهنتيها:"هوس العداء للشيوعية"، والقادمين من "كهوف التخريب"، وعصابات "اللصوص".