مدارات

جمعة الزيني: الخلافات السياسية تعرقل العمل في محافظة البصرة

طريق الشعب حملت " طريق الشعب " هموم محافظة البصرة الى الرفيق جمعة الزيني، عضو مجلس المحافظة فكان الحوار الآتي:
كيف تقيم سير العمل في مجلس المحافظة و الحكومة المحلية في البصرة ؟
لازال العمل في مجلس المحافظة و الحكومة المحلية دون مستوى الطموح و لم يرتق الى الحال الذي يشعر فيه المواطن البصري انه قد تحقق له انجاز ملموس. كانت بداية عمل المجلس و الحكومة المحلية متعثرة بسبب الصراعات من اجل المناصب و امتد هذا التنافس غير المشروع لمدة سنة . الا انه في الاشهر الاخيرة حصل تحسن في العمل و الاداء بسبب حالة الانسجام داخل المجلس ومع الحكومة المحلية وانتظام عقد الجلسات واتخاذ عدد من القرارات لصالح ابناء البصرة و العمل الميداني الواسع و زيادة الصلة و تعميقها مع الناس و التوقف عند ابرز المشاكل ويمكن ان يكون الاداء افضل لو تم استكمال تشكيل اللجان .
من الواضح ان الخلافات السياسية في البصرة تعرقل العمل و الانجاز. برأيك ما هي مستلزمات تجاوز هذه الخلافات ؟ وهل لمستم رغبة لدى القوى السياسية في المحافظة في تجاوزها و الشروع في العمل الجماعي من اجل خدمة اهالي المحافظة ؟
لا شك ان الخلافات السياسية في البصرة ساهمت الى حد كبير في تعطيل عمل المجلس و الحكومة المحلية و انعكس ذلك على نسبة انجاز المشاريع و اخذت هذه الخلافات مدة ليست بالقليلة خصوصا في بداية عمل المجلس و هناك اطراف لازالت تسعى للعرقلة وتعيش على المتناقضات . حيث انشغل المجلس بأمور حتى خارج اختصاصاته و تعطلت كثير من القرارات و لم يتم الشروع بتنفيذها من قبل المحافظة بسبب التقاطع بين المجلس والمحافظة. الادارة الجديدة للمجلس استفادت من التجربة السابقة واخذت تعمل على ايجاد اجواء سليمة داخل المجلس و مع الحكومة المحلية و تعاملت بمهنية مع كثير من المقترحات وبوتيرة واحدة في العلاقة مع الاعضاء . كان لنا دور محوري في خلق هذه الاجواء من خلال الاتصال مع اغلب الاطراف والتأكيد على أهمية العمل الجماعي المنسجم وان يتم التحلي بالشجاعة في تحمل المسؤولية امام جماهير البصرة . استجابت اغلب القوى المؤلفة للمجلس لجهودنا في خلق بيئة منسجمة داخل المجلس ومع الحكومة المحلية. حالة الانسجام كانت نتيجة للحوار المباشر و الشفافية و المراجعة النقدية للفترة الاولى و احترام الاخر و عدم الاقصاء و التهميش و الايمان بالتعددية و اهمية الشعور بالمسؤولية .
المؤكد ان البصرة تأثرت بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد هل لدى مجلس وحكومة البصرة رؤية عن كيفية تجاوز هذه الازمة و شحة الاموال ؟
لم تتبلور مثل هذه الرؤية لحد الان حيث كان المجلس و الحكومة المحلية منشغلين بأعداد خطة عام 2015 و المصادقة عليها لكن توجد افكار . شخصياً قدمت مقترحاً للمجلس لمناقشة هذا الموضوع.
يشير المقترح الى ترشيد الانفاق والاستهلاك، الاستثمار الجيد للموارد البشرية و المالية و ترتيب الاولويات . تشجيع الاستثمار المحلي و الاجنبي , التشريك بين كل القطاعات , الاستفادة من المنافذ , فرض رسوم محلية وتسهيل عملية الاستثمار ( امتيازات ) , كذلك تسهيل التعاملات المصرفية منح ( الفيزا ) و تجاوز الروتين . البصرة غنية بالثروات و فيها منافذ عدة وموانئ و بيئة جيدة للاستثمار يمكن ان نتجاوز الازمة لو جرى العمل على ايجاد رؤية استراتيجية اقتصادية و تخطيط و ادارة جيدة .
الى اي مدى تضررت الزراعة في البصرة . ماهي ابرز الاسباب و ماذا عن سبل العلاج و ما هي فرصته ؟
لم تنظر السياسات المتعاقبة في العراق وفي البصرة خاصة الى القطاع الزراعي باعتباره عنصراً فعالا ً في النمو الاقتصادي وقوه دافعة له بوسعه تقديم مساهمات مهمة في التحول الهيكلي للاقتصاد. وكان من نتائجها الضرر البليغ الذي لحق بالإنسان والحيوان والنبات والارض. كما نشير الى غياب الرؤية الاستراتيجية لأحداث تنمية زراعية ملائمة لكل قطاعات الانتاج الزراعي في البصرة تعتمد على مقومات طبيعية متوفرة وقوة عاملة وخبرات عالمية كبيرة، وكذلك ضعف التخطيط وسوء الادارة وعدم استثمار الموارد البشرية بشكل صحيح وغياب التنسيق والتعاون بين القطاع الزراعي والقطاعات الاخرى . وبقيت مشاكل الملوحة وانخفاض الانتاجية على حالها وتقطعت المساحات الزراعية وازداد عزوف الفلاحين عن الزراعة ، وتفاقمت ظاهرة تجريف البساتين وتقلص الدعم من قبل وزارة الزراعة واندثرت مشاريع الري والبزل وازدادت معاناة الفلاحين بسبب عدم التعويض ونزاعات الملكية وقلة الخدمات .
الا انه في السنوات الاخيرة حصل تطور ايجابي حيث التوجه لانعاش القطاع الزراعي وتمت الاستفادة من الفرص التي منحتها الدولة رغم الملاحظات عليها ( المبادرة الزراعية ) وقامت المحافظة بأجراءات عديدة لتحسين الواقع الزراعي ، وتدشين مشاريع استصلاح وانشاء قنوات اروائية ، تشجيع الزراعة المحمية ، مشاريع مكافحة ، مشاريع ارشادية ، تعويضات عن الاضرار ومنح قروض ، توزيع مستلزمات ، ساحبات ، حاصدات ، وضع برامج وخطط واخرها المصادقة على مشاريع زراعية بعدد 22 مشروعاً وبكلفة اكثر من 65 ملياراً . على اثر هذه الخطوات حصل تحسن في زيادة الرقعة الانتاجية والمساحات الزراعية وهو ما انعكس على زيادة الانتاج في المحاصيل الرئيسة. الامور تبشر بخير جراء زيادة الاهتمام وتوفر الفرص.
كم هو عدد المشاريع المقامة في البصرة . كم مشروع منها متلكئ وهل لديكم احصائية او ارقام تقريبية ؟
العدد الكلي للمشاريع المقامة في البصرة من الدورة السابقة للمجلس والحكومة المحلية هو 999 مشروعاً موزعاً على قطاع المباني والمجاري والطرق والجسور والبلدية و البلديات و الماء و الزراعة.
وهي كالآتي:
المشاريع المستمرة 313 .
المشاريع المنجزة من الدورة الحالية 506.
المشاريع المتوقفة لمختلف الاسباب 70.
المشاريع المتلكئة 58.
مشاريع مسحوبة العمل 28.
مشاريع لم يباشر بها بعد 10.
مشاريع مفسوخ عقدها 13.
في خطة عام 2015 بلغ مجموع المشاريع فيها 497 بكلفة 4,636,786 ترليوناً. نشير الى انه اتخذت قرارات من المجلس و الحكومة المحلية الحالية تخص جميع المشاريع غير المنجزة .
هل هناك معالجات جدية لأوضاع الخدمات المتدهور في المحافظة و اطرافها ؟
نعم توجد معالجات و اجراءات جدية عملية لمعالجة حالة التدهور الا انها ليست بالمدى الواسع و التحسن الكبير لعدة اسباب في مقدمتها الفساد و الاحالة الى شركات غير رصينة، بالإضافة الى الروتين و تداخل الصلاحيات، ففي مجال خدمات الماء هناك مشروع وزاري هو مشروع القرض الياباني الذي يؤمن 14000 م3 / ساعة والذي يغطي كل مناطق البصرة الا ان العمل فيه بطيء وحاليا في بداية مراحله الاولى من التنفيذ ، بالإضافة الى انه تم تنفيذ 100 مشروع معالجة والتي هي عبارة عن وحدات معالجة صغيرة ، وشبكات مياه في مختلف المناطق وخطوط ناقلة ، ومحطات ضخ بلغت نسبة الانجاز 90 % خففت الى حد ما مشكلة المياه وهذه المشاريع تتعارض مع مشاكل الاستملاك.
في جانب الخدمات البلدية هناك 116 مشروعاً منها 24 مشروعاً مستمراً ، 56 منجزة كلياً و36 متلكئة، وهي كذلك ساهمت في تحسين الخدمات البلدية تحسنا ً بسيطاً لان معظم هذه المشاريع عبارة عن اعمال دفن ، مد شبكات ماء ومجاري وامطار، محطات مجاري ، تبليط طرق ، ارصفة ، زراعة جزرات وسطية ، تجهيز اليات. فيما هناك مشاريع استراتيجية لو جرى تنفيذها يمكن ان يحصل تطور واضح مثل انشاء جسور ، تطهير الانهر ، انشاء مركز تجاري.
اما اعمال البلديات في الاطراف فقد تم انجاز 38 مشروعاً من مشاريع 2013 لتحسين الخدمات البلدية في الاطراف تضمنت ردم مستنقعات ، تبليط ، شبكات مجاري ، محطات مجاري ، اعمال دفن ، انشاء ساحات رياضية ، الاعمال واضحة ويمكن مشاهدتها ويمكن القول: ان الخدمات البلدية في الاطراف افضل من المدينة .
اما اعمال المجاري فقد اتخذت اجراءات لتحسين حالة المجاري في المحافظة الا انها تبقى حلولاً ترقيعية اذا لم تنفذ المشاريع الاستراتيجية المخطط لها في خطة عام 2015 . وتوفر الامكانية لانجاز هذه المشاريع التي هي عبارة عن تنفيذ شبكات ومحطات اعداد دراسات وشراء اليات وبناء مخازن واعمال صيانة.
اما مشكلة النفايات ورفعها ، فهناك تقصير واضح في اداء بلدية البصرة بسبب الفساد المستشري في دوائرها. سعت المحافظة الى دعم البلدية بالأليات ودفع الاجور لرفع هذه النفايات والخلاص منها . وجراء التلكؤ اضطرت المحافظة على اثرها للتعاقد مع شركة كويتية وبالفعل باشرت الشركة الكويتية وكانت بدايتها متعثرة لعدة عوامل منها وضع العراقيل امامها وتأخير منح الفيز لها وتحريض العمال العراقيين لعدم الاشتغال فيها وبالإضافة الى ان جهدها لم يغط كل مناطق البصرة .
حصل تحسن في الكهرباء بفعل اشتغال عدد من المحطات ومشاريع انتاج الطاقة والنقل والتوزيع وحاليا ً هناك تنسيق بين المحافظة والوزارة لتأمين ساعات اشتغال اضافية لتؤمن 24 ساعة وكذلك الاستفادة من الوقود البديل لتشغيل المحطات.
هل جرى عملياً نقل صلاحيات بعض الوزارات الاتحادية الى الحكومات المحلية أم ان خطوات نقل الصلاحيات متلكئة وبطيئة وإذا كانت كذلك ما هي الأسباب ؟
نعم اتخذت خطوات بهذا الشأن حيث أعلنت الحكومة الاتحادية بأنها ستباشر بنقل الصلاحيات بعد سحب الطعن على اثر اجتماع مشترك ضم رئيس الوزراء والمحافظين وقدمت الحكومة الاتحادية الجدول الزمني لنقل هذه الصلاحيات مقابل ذلك أعلنت المحافظات بأنها هيأت نفسها لتقبل هذه الصلاحيات وفعلا اتخذت خطوات جدية، حيث تم نقل بعض صلاحيات وزارة البلديات والصحة والتي لم تلق قبولا من المحافظات كونها عبارة عن صلاحيات محدودة وبسيطة وسرعان ما تم إيقاف هذه الصلاحيات لحين الانتهاء من قانون 21 .
وأسباب ذلك في تقديري هي مساعي بسط الهيمنة والبيروقراطية والصراع من اجل السلطة والنفوذ والثروة .
ما تعليقكم على الدعوات لإقامة إقليم البصرة ؟
أن إقامة الإقليم حق دستوري وهناك قانون لتشكيل الاقاليم جرت المصادقة عليه من مجلس النواب .الا ان موضوعة الاقاليم يجب ان لا يتعامل معها بردة فعل لموقف سياسي محدد ، كما حدث في الدعوات بمناطق العراق الغربية وفي البصرة ذاتها، بل يجب التعامل معها كحاجة ضرورية يقررها السكان كما تجب تهيئة الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لها والعمل على انضاجها وان يكون هناك توافق سياسي وان تسبقها تهيئة وتثقيف جيدين. نقدر ان الامر في البصرة الآن غير جاهز لأنه يفتقر الى دراسة ورؤية دقيقة للواقع البصري وستتعثر الدعوات الحالية كما حصل للدعوات السابقة وقد صرح الداعون الى اقامة الاقليم الآن بان هناك اختلافات واجتهادات. لا اعتقد أن الإقليم يحل مشكلة الفساد والصلاحيات كما يتصورها الداعون، الافضل الآن هو تطبيق قانون 21 التعديل الثاني لعام 2008، وتوسيع الصلاحيات وتطبيق اللامركزية.
كيف تقيم اوضاع شركات ومصانع التمويل الذاتي ؟ وكيف تعامل المجلس والحكومة مع الحراك العالمي؟
الحقيقة ان المصانع والشركات الموجودة في البصرة تشكل دعامة أساسية لاقتصادنا الوطني لو تم تشغيلها واستثمارها الا انه من المؤسف ان هذه المصانع والشركات متوقفة حالياً وبعضها يعمل ليس بكامل طاقته التصميمية وهناك دعوات الى خصخصتها من قبل وزارة الصناعة ، المجلس والحكومة المحلية أولا اهتماماً كبيراً بهذه المصانع والعاملين فيها وقاما بخطوات لاعادة الحياة لهذه المصانع وتأهيلها ، إلا أن الفساد والإحالة الى شركات غير رصينة حال دون تشغيلها حالياً وقدمت مقترحاً لمناقشة أوضاعها والعاملين فيها ، وقد تم عقد جلسة لمناقشة أوضاع العاملين فيها والاتصال بهم وعقد اجتماع موسع لمدراء هذه المصانع تم فيه تدارس تشغيلها وحال العاملين والحراك العمالي واتخذت خطوات لتسهيل منح الرواتب لهم في موعدها والتعامل كان ايجابياً.
في 2018 ستكون البصرة عاصمة الثقافة العربية ، كيف يجري استقبال الحدث وهل تتوقع ان يجري تجاوز التجربة الأليمة لبغداد عاصمة الثقافة ؟
لا اشعر ان هناك استعدادات واضحة لاستقبال هذا الحدث حيث لم تتضمن خطة عام 2015 اي مشاريع لتحسين الواقع الثقافي كما ان المشاريع المقامة غير كافية وبعضها متلكئ مثل اوبرا البصرة ولا زال الكثير من البنى التحتية يعاني الإهمال. حتى المؤسسات الثقافية الحالية التي تمثل المجتمع المدني لا يوجد لها اي نشاط ملموس. نعم هناك قلق من ان يكون هذا الحدث حاله حال ما حصل في بغداد.