مدارات

هكذا استعاد أردوغان الأغلبية في البرلمان !

رشيد غويلب
على الرغم من كل التوقعات التي سبقت الانتخابات التركية، استطاع حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ استعادة الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي شهدتها تركيا الأحد الفائت.
وحصل الحزب على 49,2 في المائة، منحته 313 مقعدا من أصل 550 مقعد، وبهذا سيتمكن الحزب من الاستمرار بالإنفراد في حكم البلاد، ولكنه فشل في الحصول على أغلبية الثلثين التي تمكن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من تغيير الدستور، وفرض نظام رئاسي يصبح من خلاله الحاكم المطلق لتركيا.
وبعد إعلان النتائج قال اردوغان، ان نتائج الانتخابات أكدت "الحاجة الوطنية للاستقرار"، وادعى الرئيس التركي عرقلة كل المؤامرات الدولية ضد تركيا.
وكان الحزب الحاكم قد خسر في انتخابات حزيران الماضي، الأغلبية البرلمانية المطلقة التي كان يتمتع بها، وحصل على 41 في المائة، ثم فشل في الحصول على حليف يشاركه تشكيل الحكومة، عندها قرر اردوغان الذهاب الى انتخابات مبكرة "لتصحيح الأخطاء".
وكان واضحاً، بحسب محللين، أن إلغاء عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني في أواخر تموز يهدف إلى إضعاف حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحركة التحرر الكردستانية، وفي الوقت نفسه استرداد أصوات ناخبي حزب "الحركة القومية" الفاشي. ويبدو ان "إستراتجية التوتر" التي اتبعها اردوغان حققت أهدافها، فقد خسر اليمين الفاشي 4 في المائة من أصوات ناخبيه لصالح حزب الرئيس، مكافأة لسياسته العدوانية ضد الشعب الكردي وقوى اليسار.
من جانبه، استطاع حزب الشعب الجمهوري (الكماليون) تحقيق تقدم ضئيل مقارنة بانتخابات حزيران وحصلوا على 25,5 في المائة، وبهذا أصبحوا الحزب الأقوى في معسكر المعارضة. فيما تمكن حزب الشعوب الديمقراطي، وهو تحالف بين الحركة التحررية الكردستانية وقوى يسار تركية، من الحفاظ على تواجده في البرلمان، بعد حصوله على 10,7 في المائة من الأصوات، على الرغم من خسارته 2,5 في المائة تقريبا، مقارنة بالنتيجة التي حققها في انتخابات حزيران.
وقال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرتاز بعد إعلان النتائج أنه "لم نستطع تنظيم حملة انتخابية، ولكننا جنبنا شعبنا مجزرة"، في إشارة منه إلى الظروف المجحفة التي عمل الحزب في ظلها.
وكان حزب الشعوب الديمقراطي، وبعد جرائم تفجير المركز الثقافي اليساري في سورجي، والتفجيرات ضد تظاهرات اليسار في انقرة، التي نفذتها داعش تحت مرأى ومسمع الشرطة التركية، قد ألغى التجمعات الانتخابية. كما اغلقت معاقل الحزب في المدن الكردستانية بسبب الحملات التي نفذتها وحدات الشرطة الخاصة.
وحسب معطيات الحزب، فأن التفجيرات الأجرامية أدت الى مقتل 258 مدنيا بينهم 33 طفلا. وتم اعتقال 500 من اعضاء وكوادر الحزب، وقامت المجاميع الفاشية المدعومة من انصار الحزب الحاكم بتدمير 200 من مقرات الحزب في مناطق مختلفة من البلاد.
واعتبر ديمرتاز نتائج الإنتخابات "انتصارا كبيرا" لحزب الشعوب الديمقراطي، اذ استطاع الحزب ان يحتل الموقع الأول في 12 محافظة تسكنها اكثرية كردية، واحتل المرتبة الثالثة في البرلمان بحصوله على 60 مقعدا. وشدد على ان التضحيات العزيزة، ودماء الشهداء، هي التي منعت "ابعاد الحزب من البرلمان".
والجدير بالذكر، أنه في مساء يوم الإنتخابات هاجمت الشرطة التركية تجمعات ناخبي حزب الشعوب الديمقراطية امام مقره في مدينة ديار بكر بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع. وتعيش المعارضة العلمانية و العلويون وانصار رجل الدين المحافظ فتح الله غول حالة من القلق بعد فوز حزب العدالة والتنمية بالإنتخابات. ويتوقع ان يعود ما يسمى بـ"ليل السكاكين الطويلة" ضد الصحافة المعارضة. واشار نشطاء منظمات اجنبية شاركت في مراقبة الإنتخابات الى حالة الصمت الغريب الذي ساد منطقة هوكاري، على الرغم من فوز حزب الشعوب الديمقراطية بـ 86 في المائة في هذه المنطقة. ويبدوا ان الناخبين الذين انحنوا امام سياسة الإبتزاز و صوتوا للحزب الحاكم، املا في الوصول الى حالة من الإستقرار، سيصابون بخيبة امل كبيرة، فقد هدد رئيس الوزراء بمهاجمة وحدات حماية الشعب الكردي في الجانب السوري من الحدود المشتركة. اي ان السياسة الخارجية التركية ستسمر في توظيف العنف على سبيل تحقيق خطط الهيمنة في بلدان الجوار.