مدارات

المتظاهرون: هل يستيقظ مجلس النواب من غفوته؟

أصدر المتظاهرون في بغداد،يوم أمس، بيانا عن دور مجلس النواب المطلوب في دعم حركة الاصلاح والقيام بدوره التشريعي والرقابي والواجبات العاجلة التي عليه التصدي لها . ننشر في مايلي نص البيان:
يواصل شعبنا العراقي احتجاجاته السلمية الواسعة على الاوضاع المزرية التي تمس الامن والخدمات، مطالبا بفتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين الذين نهبوا الاموال العامة وتركوا العراق يعيش الفقر والعوز والامراض والامية، واذ تدخل الاحتجاجات اسبوعها السابع عشر، فان المتظاهرين لم يجدوا غير الصمت واللامبالاة من لدن مجلس النواب، والمفترض به ان يكون اول المستجيبين لصوت المحتجين باعتباره ممثل الشعب، كما نص الدستور، ولم يسمع عنه شيء سوى اعلان ورقة إصلاحية يوم ٩/٨/٢٠١٥ والتي بقيت حبرا على ورق، وواعدا بإطلاق حزمة ثانية، وبدا انها محاولة لامتصاص غضب الشعب، المبتلى بالمآسي والكوارث والرازح تحت نير الظلم.
لم يكلف مجلس النواب نفسه كي يجيب على بيان المتظاهرين يوم 6/11/2015، الذي تطرق في احدى فقراته الى دور مجلس النواب في الاصلاح، ومنها تشريع قوانين تعالج الثغرات القانونية في حزمتي إجراءات مجلس الوزراء.
كما تقاعس مجلس النواب عن واجباته الدستورية والمهمات المناطة به، ولم يكترث للازمة المستفحلة التي اوهنت البلد وافقرته وجعلته ساحة للارهاب الدموي المنفلت، جراء المحاصصة الطائفية والاثنية المنتجة للفساد والحامية للفاسدين .
وها نحن نذكر مجلس النواب مرة اخرى بأهم الواجبات الضرورية والعاجلة والتي ينبغي له التعاطي معها فورا من دون ابطاء وتسويف، ونحمله مسؤولية تبعات الازمة وتفاعلاتها، إلى جانب السلطة التنفيذية.
اولا : على الجانب التشريعي
1- الاسراع بتشريع قوانين لتوفير غطاء قانوني لكافة الفقرات في حزم الاصلاح التي اصدرها مجلس الوزراء، وذلك بالتنسيق مع رئاسة الوزراء والحكومة اذ ندرك ان الاصلاحات لا بد ان تكون مقترنة بمنظومة تشريعية تلبي حاجتها وتنظم اعمالها وترسم الطريق لها.
2- سن التشريعات التي تنسجم مع وجهة الاصلاح ، ومعالجة أي خلل او نقص قانوني في المنظومة التشريعية والغاء القوانين التي لا تتلاءم مع وجهة الاصلاح. فان اغلب التشريعات النافذة لا تلبي حاجة الاصلاحات، وهي متخلفة عنها.
3- الغاء تشريعات النظام السابق، حقبة الدكتاتورية والاستبداد والتي بقيت نافذة حتى الان، حسب المادة 130 من الدستور التي تنص على: (تبقى التشريعات النافذة معمولا بها، ما لم تلغ او تعدل، وفقا لأحكام هذا الدستور). حيث ان العديد من تشريعات النظام السابق قد صدرت استجابة لقانون الاصلاح القانوني رقم 35 لسنة 1977، المستمد أفكاره من التقرير السياسي للمؤتمر القطري الثامن لحزب البعث المنحل، اذ ليس من المعقول ابقاء العراق بعد مرور اثني عشر سنة على التغيير، تحت قوانين وقرارات البعث.
4- تكييف التشريعات التي اصدرتها سلطة الائتلاف المؤقتة منذ بداية الاحتلال ولحين مغادرة رئيسها التنفيذي بول بريمر، وبما يتلاءم مع خصوصية العراق ودستوره. اذ انصب قسم من التشريعات لفهم المحتل ومصلحته وفلسفته لتلك المرحلة. وليس من بينها ما يسهم في البناء المؤسسي للدولة، كما لم تضع الأسس المطلوبة لبناء الدولة، ولم يكن من بينها ما ينفع لدعم الإصلاحات المطروحة .
5- سن القوانين المطلوبة بموجب إحكام الدستور. اذ ان العديد من مواد الدستور انتهت بعبارة: (وينظم ذلك بقانون)، اي ان عدد القوانين التي الزم الدستور تشريعها يبلغ (67) قانوناً، وهي القوانين المؤسسة للدولة على وفق الفلسفة التي تبناها الدستور الساري المفعول. لكن مجلس النواب، ومنذ تأسيسه وبدوراته المختلفة، لم يصدر منها سوى (19) قانوناً، شرعت ضمن مخاض عسير للمحاصصة المقيتة، مصحوباً بضعف التأهيل المهني للعملية التشريعية والعوز المعرفي المطلوب لآليات التشريع، فقد خرجت للنور غير مستوفية لأسباب التشريع، وفاقدة لحبكة الصياغة القانونية المطلوبة، وفي قسم منها غير منسجم مع النافذ من القوانين.
6- ان ما تم تشريعه من قوانين طيلة الدورات الانتخابية، لا يسعف الحكومة في انجاز إصلاحاتها، والمطلوب قاعدة تشريعات رصينة تمكّن الحكومة من المباشرة بالإصلاح، وغياب تلك التشريعات يجعل الإصلاحات فاقدة لمشروعيتها. لذا فغياب التشريعات الساندة للإصلاحات يجعل تحقيق تلك الإصلاحات بعيد المنال.
7- إصدار القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية، التي تساعد في اصلاح القضاء بشكل حقيقي.
8- أن تنطلق فلسفة التشريعات من تعزيز المواطنة والوحدة الوطنية وإشاعة ثقافة المحبة والتسامح وتوسيع المشاركة السياسية، وإلغاء المحاصصة ونبذ الطائفية السياسية.
ثانيا: مكافحة الفساد:
1- غياب الجهد الحقيقي والملموس في مكافحة الفساد، اذ لم يقترب مجلس النواب،من ملفات الفساد، وذلك نتيجة لتوافقات المحاصصة الطائفية، التي امتدت الى محاصصة الفساد، لذا نطالب عاجلا بفتح تحقيق في الملفات التالية من دون ابطاء (قضية سبايكر، صفقة الفساد في الأسلحة الروسية، الإستيلاء على عقارات الدولة، مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، جهاز كشف المتفجرات، الحسابات الختامية للسنوات الماضية، خاصة عام 2014، صفقات بناء المدارس، جولة التراخيص النفطية التي حملت العراق خسائر لا مبرر لها)
ثالثا: الجهد الرقابي
1- تنظيم متابعة القضايا التي حولت الى السلطة القضائية، والمطالبة بمعرفة الاجراءات على صعيد مكافحة الفساد العام وكذلك الخاص المتعلق بالسلطة القضائية.
2- تردي الوضع الصحي ونقص الخدمات في هذا المجال، وكذلك حماية الاطباء من العصابات المسلحة المنفلتة.
3- تراجع التعليم ونسب الرسوب العالية.
4- مستقبل النقل الجوي والخطوط الجوية العراقية.
5- الأسباب التي تقف دون دعم المصانع والمعامل المملوكة للدولة، وهناك خشية من بيعها لحيتان الفساد.
6- متابعة جولة التراخيص النفطية التي حملت العراق خسائر لا مبرر لها ، والمطالبة بمراجعتها في ضوء التجربة وتحسين ادارتها بما يضمن إزالة الهدر الانفاقي للشركات.
رابعا: إدارة مجلس النواب
1- نقل حال مجلس النواب من ساحة لصراعات المحاصصة والتغطية على الفاسدين الى قبة تدافع عن الشعب ومصالحه، من دون الاكتراث للمصالح الشخصية والفئوية.
2- الموقف الحازم من غياب النواب وتسيب عدد منهم، واهمية اتخاذ قرارات رادعة بحق الذين لا يؤدون مهمتهم على اكمل وجه، ونشر اسماء المتغيبين في محاضر الجلسات.
3- تقليص عطل البرلمان والعمل على استثمار الوقت بشكل افضل من اجل العمل الحقيقي للبرلمان؛ التشريعي منه والرقابي والسهر على مطالب المواطنين.
4- تأمين حضور عدد من المواطنين لجلسات مجلس النواب، ونقل جلسات البرلمان بشكل حي ومباشر في وسائل الإعلام باستثناء الجلسات التي تخص الأمن الوطني.
5- ترشيق الهيكل الإداري للمجلس وإزالة الحلقات الزائدة من الموظفين والمستشارين وموظفي الخدمة على أن يتم البدء فوراً بذلك وشمول الأقارب والمحسوبين على هيئة وأعضاء البرلمان.
6- الغاء نفقات الضيافة ونثريات المجلس، وعدم جعل أروقة المجلس استراحات لأغراض اللقاءات والمجالس الشخصية.
7- الغاء الايفادات غير الضرورية وإلغاء الامتيازات والنائب كالمواطن يراجع المستشفيات الحكومية. ولا يصرف أي مبلغ للمشافي الخاصة.
8- تقليص الحمايات، وان تربط الحمايات ، ادارة ومالية مؤسساتيا ، وليس عبر عضو المجلس وذلك دفعا للفساد والافساد والفضائيين.
وندرك ان البرلمان ان بقى متمسكا بالمحاصصة الطائفية والصراعات غير المجدية والمناكفات، والتعارض غير المبرر مع السلطة التنفيذية وعدم وضع شروط التعاون، فلا يفضي ذلك الا الى تعميق الازمة اكثر، واعادة انتاج الفساد وسيطرة المفسدين على حساب حماية البلد وبنائه.
ان الشعب العراقي الذي هب عبر فعاليات متنوعة منها التظاهرات المستمرة والاحتجاجات المتواصلة، اثبت قدرته وحيويته وتمسكه بحقوقه التي لا يتنازل عنها، وهو عازم بكل قوة على الحفاظ على حاضره، وحماية مصالحة، والدفاع عن مستقبله، ومن اجل كل هذا لا يجامل أي مؤسسة او فرد يقف حائلا امام رغبته في السلام والتنمية والعيش الكريم ، وفي الحرية والعدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات والقانون والديمقراطية الحقة.