- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 25 تشرين2/نوفمبر 2015 18:45

يبدو العنوان غريباً قليلاً، تحويلة مفاجئة بلغة المرور، فالحديث عن المرور يردفه الاقتصاد. ثم ان المرور ليس شركة وليس مؤسسة اقتصادية، وهو ليس مصنعاً ولا غرفة تجارة. اقول نعم ولكني من الصباح الى المساء اواجه التقاطعات، والنشازات واللا معقول احياناً، حتى وصلت الى عبارة « تحريك الاقتصاد «. وهذه تعني ان الاقتصاد إما تالف او متجمد او ميت فاقد الحياة. لكن يبدو انه متجمد او مشلول ولهذا جاءت الدعوة لتحريك الاقتصاد.
وبغض النظر عن جدية هذه الدعوة ومن هم الخبراء الموكلة اليهم مهمة « التحريك « او « التدليك « او « الانعاش « او « الدفع « بالايدي.. أقول، أتوسل، أرجو ان تفهموني: كيف يمكن اصلاح الاقتصاد والدولار نهر الى الخارج؟ وكيف ونحن نستورد ماءً ونستورد كبريت لايلاع السجاير ونستورد خيط للخياطة وازرار وجوارب ولبن و .. تمر؟
اعيد السؤال: كيف يحركون الاقتصاد في البلد وهم يحركون امواله الى الخارج؟ ثم أي قوة تنفيذية توقف السّراق والمهربين و « البانكرز « الجدد ومن « يتعاملون « اي يتساومون على هذه الوزارة الاكثر ايراداً و « نفعاً « لا تلك؟ وصل الحد ان وزارة الري ووزارة الثقافة لا يريدهما احد وبلا خجل!
بقيت مسألة، تأخرت قليلاً عن البدء بها، تلك هي « المرور « وقد كانت على العنوان. الحقيقة ان بلادنا كلها مسرات، تشغلنا الواحدة عن الاخرى..
على اية حال: في المرور اعني النقل، وإليكم المسألة ببساطتها وسذاجتها: أمس وانا في الطريق من الباب المعظم- شارع الجمهورية الى الباب الشرقي، توقفت السيارة ثلاث مرات، كل مرة قاربت العشر دقائق. اختناق لا بأس به قرب الميدان. اختناق الشورجة، اختناق السنك..
سألت نفسي: اذا كانت السيارة لا تتحرك، كيف يتحرك الاقتصاد؟ الاقتصاد يستوجب حركة استيراد وحركة تصدير وحركة نقل بضائع وحركة ناس وحركة معاملات. لكن الطرق الداخلية هي هكذا، والخارجية يواجه فيها ناقلو البضائع « شلعان گلب « وهلاك انتظار والتوقيع على المعاملة يحتاج فندقاً ومبيت ليلة وربما اسبوع! المسؤول مشغول بعلاقاته او شركته او تجارته ومواعيده. ونتائج التحقيق تحتاج هيئة تحقيق!
كيف يتحرك الاقتصاد وهي هذي العجلات ولا واحدة صالحة للحركة؟ اسأل الناس، جميع الناس، من بائع البسطية الى صاحب الشركة، ومن الفقير الى التاجر الى الوزير: كيف بعد كل هذا يتحرك الاقتصاد؟ بزيادة سعر كارتات الموبايل؟ والله عيب!
نعود الى المرور، ازدحام السنك يمكن حله بنفق. صارلكم درزن سنين! ومسطحات الدكاكين في الشورجة المفروشة بطابق واحد متهالك يمكن ان تكون سوقاً عصرياً كبيراً بعدة طوابق مع شارعين او ممرّين جانبيين للبضائع.. والخبرات المرورية لا نشك بها، ولكن الحاجة واضحة لخبرات مرورية- هندسية، وان تتعهدها شركة اجنبية قديرة تنظم شارع الجمهورية، شريان البلاد التجاري، وتعيد الحياة لشارع الرشيد وحركته التجارية، وكذا الكفاح والشيخ عمر.
اربع شوارع بخارطة حديثة وتصميم حديث. لا يمكن ان ينظم الاقتصاد في اي بلد بلا مرور منتظم، بلا نقل منتظم.
فقط اريد ان افهم، كيف مع هذا الزحام في الداخل، والبضائع نائمة في الطرق وعلى ابواب المدن، ونتحدث عن تطوير وانعاش الاقتصاد؟
قليلاً من الجدّ والعقل في الكلام!
راصد الطريق*