مدارات

الحزب الشيوعي الفرنسي يعقد مؤتمره السابع والثلاثين ويدعو إلى جبهة شعبية ومواطنية جديدة

باريس - طريق الشعب
عقد الحزب الشيوعي الفرنسي مؤتمره السابع والثلاثين خلال الأيام 2 إلى 5 حزيران الجاري في مدينة (اوبرفيليه) في ضواحي باريس تحت شعار "زمن المشترك، المساواة، السلام ، التقاسم" ، بمشاركة 736 مندوبا وبحضور 130 حزبا وحركة وشخصية سياسية شيوعية ويسارية وتقدمية أجنبية يمثلون 54 بلداً، و مثٌل حزبنا في المؤتمر الرفيق رائد فهمي، نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب.
في مبادرة متميزة، مهد الحزب للمؤتمر بتنظيم "مؤتمر عالمي من أجل السلام والتقدم " في مقره الرئيس في باريس يوم الأول من حزيران شارك في جلساته ومناقشاته التي استغرقت طوال اليوم حوالي 50 ضيفا من السياسيين والمثقفين والنقابيين ومن ممثلي منظمات المجتمع المدني الفرنسية والدولية، من بينهم ممثل حزبنا وعن الحزب الشيوعي اللبناني ، وعادل عامر ،سكرتير عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي وهيثم مناع عن المعارضة الديمقراطية في سوريا، الكاتب والباحث اللبناني جورج قرم ونائب رئيس حزب اليسار الألماني دي لنكه ،وممثل عن رابطة حقوق الأنسان الفرنسية وقيادات سياسية ونقابية من العديد من البلدان . وقد توزعت اعمال المؤتمر على اربع طاولات مستديرة ناقشت قضايا الأمن والسلام والتنمية المستدامة في أوروبا والشرق الأوسط وقارة افريقيا وامكانية تحقيق عالم افضل اذا ما تجمعت وتوحدت جهود ونضالات القوى المحبة للسلام والديمقراطية والتطور الإنساني المتناغم مع البيئة في مواجهة هيمنة الرأسمال المعولم ونهج الليبرالية المفرطة المنتج للأزمات والاستقطابات الشديدة في توزيع السلطة والثروة، و لمحفزات فكر التطرف وحواضن الإرهاب إلى جانب سياسة عسكرة العلاقات الدولية . وأعرب المشاركون عن تقديرهم العالي للحزب الشيوعي الفرنسي لتنظيمه هذا اللقاء ودعوا إلى جعله لقاءً دوريا. وفي ختام اللقاء عشية افتتاح المؤتمر، عبر بيير لوران ، السكرتير الوطني للحزب عن ارتياحه الكبير لنجاح الفعالية في جمع طيف واسع من القوى والأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية والشخصيات على عدد من المشتركات المهمة ، ويؤشر إلى الإمكانيات الواعدة لتجميع مزيد من القوى على المستويات الوطنية والعالمية ويؤكد ضرورة ان ينفتح الشيوعيون واليساريون والديمقراطيون نحو بعضهم البعض ونحو سائر المواطنين الذين يتقاسمون التطلع نحو السلام ونبذ جميع اشكال الظلم والتمييز والتطرف والانتهاك لحقوق الانسان .
افتتح المؤتمر السابع والثلاثين بكلمة ترحيبية من عمدة المدينة وهي عضوة قيادية في الحزب اعقب ذلك مقاطع مصورة عن تظاهرات ونشاطات الشبيبة الشيوعية وتجمع مجموعة من أعضاء الشبيبة الشيوعية واتحاد الطلبة الشيوعيين في مقدمة قاعة المؤتمر وهم يلوحون باعلامهم وينشدون أناشيد وأغاني ثورية و تعاقب في الحديث السكرتيرة الوطنية لحركة الشبيبة الشيوعية وسكرتير اتحاد الطلبة الشيوعيين وانشدوا النشيد الأممي، وانضم اليهم السكرتير الوطني للحزب، قبل انسحابهم وبدء أعمال المؤتمر للتأكد من اعتماد مندوبي المؤتمر والتصويت على قائمة مكتب إدارة المؤتمر التي تضم 98 رفيقا ورفيقة بنسبة متساوية ومن بينهم السكرتير الوطني للحزب. وارتباطا بالحركة الاحتجاجية التي تعم فرنسا منذ شهر آذار 2016 ضد قانون العمل الجديد، تبنى المؤتمر نداء تضامنيا مع النقابات والحركة الاجتماعية يؤكد عزم الشيوعيين على مواصلة التعبئة لمواصلة الحملة المناهضة للقانون وللمادة الثانية منه التي تعطي الأولوية للاتفاقات التي تعقد بين ممثلي العمل وارباب العمل في المنشأة على الاتفاقات التي تعقدها النقابات واتحادات ارباب العمل على المستوى الوطني.
وشغلت مناقشات الوثيقة الأساسية المطروحة من قيادة الحزب المعنونة "زمن المشترك" والتي تحدد استراتيجية عمل الحزب للفترة القادمة معظم أعمال المؤتمر خلال اليومين الأولين. إلى جانب الوثيقة المطروحة من قيادة الحزب ، كانت التنظيمات الحزبية قد ناقشت أربع وثائق أخرى طرحت من قبل أربع مجموعات من أعضاء الحزب، ثلاث منها تحسب على التيار الأكثر تمسكا بـ"الهوية الشيوعية" والتي يعتقد أنها مهددة بالتغييرات التي طرأت على خطاب الحزب وآليات عمله وانفتاحه على القوى الأخرى، وقد حصدت هذه الوثائق مجتمعة على 25 في المائة من أصوات أعضاء الحزب في مرحلة التحضير للمؤتمر، والوثيقة الرابعة التي تحمل عنوان " الطموح الشيوعي من أجل جبهة شعبية ومواطنية" فقد حصلت على ما يقارب 24 في المائة من الأصوات فيما حصلت الوثيقة المقترحة من قيادة الحزب " زمن المشترك على " 51 في المائة من الأصوات وقدمت بمفردها إلى المؤتمر كأساس للنقاش. ومن نقاط التباين الرئيسة في التوجهات المقترحة في الوثائق المختلفة ما يتعلق بالتحالفات والموقف من الحزب الاشتراكي الفرنسي ، وانعكاس ذلك في طريقة تحديد مرشح اليسار في الانتخابات القادمة عام 2017.
فالحزب الشيوعي الفرنسي يرى انه لأجل احداث تغيير في موازين القوى السياسية في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 لصالح نهج وسياسة تضع مصلحة الإنسان في مركز اهتمامها وليس تحقيق الربح ومصالح الرأسمال المعولم ووضع حد للسياسات الليبرالية السائدة . لا بد من تكثيف وتوسيع العمل لبناء أغلبية جديدة.
ولكي تنجح الجهود في تجميع وتوحيد عمل الطيف الشديد التنوع لقوى اليسار، وتأمين الأغلبية السياسية لمشروع جديد يوفر القاعدة الفكرية –السياسية لهذه الأغلبية ، ينبغي العمل لتصبح رهانات الانتخابات الرئاسية القادمة شؤونا وقضايا تستقطب الاهتمام والمشاركة الشعبية الواسعة. تحقيقا لهذه الغاية ، تبني المؤتمر نص استبيان لتقوم تنظيمات الحزب بالاتصال بما لا يقل عن 500 الف مواطن خلال الفترة الممتدة حتى أوائل أيلول القادم لاستطلاع آرائهم تمهيدا لصياغة " عهد الالتزامات المشتركة" والذي يزمع الحزب طرحه جماهيريا لاحقا ليكون البرنامج السياسي لمرشح وحيد لليسار يتم اختياره من خلال تنظيم انتخابات أولية PRIMARY ELECTIONS يشترك فيها مرشحو مختلف قوى اليسار.
وفي اليوم الثاني للمؤتمر ، تم الاحتفاء والتضامن مع الحركة الاحتجاجية الواسعة ضد قانون العمل بحضور فيليب مارتينيز، سكرتير عام الاتحاد العام للعمل (سيه. جيه. تيه.C.G.T)
وخلال أيام المؤتمر، دعي عدد من ممثلي الأحزاب والحركات لإلقاء الكلمات، كممثل السلطة الفلسطينية وسكرتير عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي والحزب الشيوعي الكوبي وحزب اليسار الأوروبي ، وكان لحزبنا كلمته في اليوم الثالث للمؤتمر والتي قوبلت بترحيب وتضامن المؤتمر.
وفي اليوم الأخير تم انتخاب المجلس الوطني ، والهيئة القيادية للحزب، حيث طرحت على المؤتمر قائمتان تم دمجهما بعد مناقشات، وقد حصلت القائمة الموحدة على ما يقارب 82في المائة من الأصوات ، ومعارضة اكثر من 8 في المائة وامتناع 10 في المائة عن التصويت. ويضم المجلس الوطني 170 عضوا وعضوة ، ولم يتجدد ترشيح وانتخاب 109 عضو من المجلس الوطني للدورة السابقة ، من بينهم سكرتيرة الحزب السابقة ماري جورج بوفيه، وضم المجلس الجديد 61 عضوا جديداً ، من بينهم 35 امرأة، واعيد انتخاب بيير لوران سكرتيرا وطنيا للحزب، واصبح متوسط الأعمار في الهيئة القيادية 48 سنة اثر دخول العديد من الشباب في المجلس الوطني.
وعقدت اثناء المؤتمر العديد من اللقاءات مع الأحزاب المشاركة، حيث عقد لقاء استغرق ساعتين بين قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي مع الوفود الأممية المشاركة في المؤتمر، قدم فيها العديد من الأحزاب مداخلات تطرقت لأوضاع بلدانهم وملاحظات حول العلاقات الثنائية مع الحزب الشيوعي الفرنسي وحول سياسة فرنسا.
وعقد ممثل حزبنا في المؤتمر لقاءات مع الوفود والأحزاب والحركات الشيوعية والتقدمية العربية من البحرين والكويت وفلسطين والجزائر ومع حزب اليسار الألماني. وتم عقد لقاء مطول مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الفرنسي ليديا ساماربكش، عبرت خلاله عن حرص الحزب الشيوعي الفرنسي على تطوير العلاقات مع الحزب الشيوعي العراقي وتوثيق الصلات، مجددة تضامنهم مع نضال حزبنا والقوى التقدمية المدنية الديمقراطية العراقية، ومع معركة شعبنا ضد قوى الإرهاب ومن اجل الأمن والسلام وبناء العراقي الديمقراطي الاتحادي الموحد.