- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 29 حزيران/يونيو 2016 18:50
رشيد غويلب
لم تسفر الانتخابات العامة في اسبانيا، الأحد الفائت، عن تغيير كبير في توازن القوى الذي أفرزته انتخابات كانون الاول 2015 ، كما جاءت هذه النتائج لتبقي ملف تشكيل الحكومة معقدا. لقد استطاع حزب الشعب اليميني الحاكم ان يعزز مواقعه وحصل على 137 مقعدا مقابل 123 مقعداً في انتخابات 2015 ، واستمرت سلسلة خسارات الحزب الاشتراكي (وسط) ليحصل على 85 مقعدا بخسارة 5 مقاعد، وهي اسوأ نتيجة انتخابية في تاريخه.
ولم ينجح حزب المواطنيين اليمني الليبرالي حديث التشكيل في الحفاظ على الـ 40 مقعداً التي حصل عليها في الانتخابات السابقة وحصل على 32 مقعدا فقط. اما تحالف اليسار الجذري "متحدون قادرون" الذي يضم حزب "بودوموس" واليسار الاسباني المتحد" الذي يعتبر الحزب الشيوعي قوة اساسية فيه، واليسار البيئي وقوى يسارية محلية اخرى فقد حقق على صعيد عدد المقاعد تقدما نسبيا اذ حصل على 71 مقعدا مقابل 69 مقعدا، ولكنه لم يستطيع الوصول الى هدفه الرئيس وهو تجاوز الحزب الاشتراكي واحتلال المرتبة الثانية بعد المحافظين وبالتالي قيادة حكومة التغيير اليسارية، ولهذا فقد عدت حصيلة اليسار في هذه الانتخابات مخيبة للآمال، على الرغم من احتلاله الموقع الثالث. وشهدت الانتخابات المبكرة ادنى مستوى للمشاركة الناخبيين منذ نهاية دكتاتورية فرانكو الفاشية عام 1975 .
بودوموس : لقد توقعنا نتائج أخرى
عبرت قيادة حزب بودوموس اليساري عن خيبة املها من نتائج الانتخابات، وقال بابلو اغليسياس رئيس حزب بوديموس "لقد توقعنا نتائج اخرى"، وعبر اغليسياس عن قلقه من النتائج التي حققها اليمين، والتي جعلته اقرب الى تشكيل الحكومة، واكد على انها "لحظة للتفكير والحوار بين القوى التقدمية" ورغم امتعاضه من النتائج، الا انه شدد على ان تحالف اليسار هو "الطريق الصحيح"، مستطردا " لقد ثبت ان عملنا المشترك هو الطريق الصحيح، انطلاقا من مسؤوليتنا اتجاه البلاد، وهو مقدمة لخلق اوسع كتلة تقدمية قادرة على تطوير سياسة مؤثرة لمواجهة سياسة تقليص النفقات".
اليسار الأسباني المتحد : لا شك في صحة المسار المشترك
من جانبه شدد المنسق العام لليسار الاسباني المتحد البرتو غارثون على ان النتائج غير المرضية سوف لن تغيير من القتاعة في التمسك بالعمل المشترك لان "هذا يمثل في لغة السياسة فكرة عظيمة" وان وحدة عمل اليسار اكبر من لحظة الانتخابات، ويجب ان تتطور على قاعد "المشاركة والتعبئة من الاسفل". وان النتيجة سيئة، لان الأمر لا يتعلق "بعدد اقل او اكثر من المقاعد، فتحالف اليسار دخل الانتخابات ليفوز بالحكومة، وهذا ما لم نحققه".
عوامل حددت مسار الناخبين
في التحليلات الاولية التي اعقبت اعلان النتائج يمكن الاشارة الى بعض العوامل التي اثرت على قرار اللحظة الأخيرة للأوساط المتحركة من الناخبين لعل اولها الخوف الذي ولده خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي، وهو موضوع ركز عليه الحزب الحاكم في آخر فعالياته الانتخابية، طارحا نفسه ضمانة لبقاء اسبانيا في الإتحاد. ومن بعده يأتي اقرار تحالف اليسار المسبق بالموافقة على استفتاء في شأن استقلال بعض الولايات مثل كاتالونيا واقليم الباسك، كما ان النسبة المتدنية في المشاركة في التصويت أضرت تحالف اليسار بدرجة اكثر من منافسيه. وكذلك الخوف الذي يمتلك اوساط غير قليلة من دعم المشاريع الجديدة لشكل الدولة. ويمكن القول نتائج الانتخابات اكدت الضرر الذي سببه تردد بودوموس من الدخول في قائمة مشتركة مع اليسار المتحد في الانتخابات السابقة، والذي كان يمكن ان يحسم قضية التغيير مسبقا ودون الدخول في انتخابات مبكرة جاءت نتائجها تحت تأثير مستجدات لم تكن قائمة قبل ستة اشهر.
الحكومة المقبلة
معلوم ان اجراء الانتخابات المبكرة جاء نتيجة فشل اليمين في الوصول الى تحالف حكومي قادر على تشكيل الحكومة في حينه، ورفض الحزب الاشتراكي الدخول مع اليسار لتشكيل حكومة يسار الوسط وهو امر كان ممكنا آنذاك. ولم يأت اثر نتائج الانتخابات الحالية بصورة مختلفة كليا عن سابقتها، فحزب الشعب اليميني حتى لو تحالف مع اليمين الليبرالي، فسوف لن يحقق الاكثرية المطلوبة. والحزب الاشتراكي يرفض حتى الآن الدخول مع اليمين في ما يعرف بتحالف الكبار، كما يرفض دعم حكومة أقلية يمينية في البرلمان.
لعل امكانية تشكيل حكومة يسار الوسط ليست مستحيلة اذا وافق الاشتراكيون على اختيار هذا المسار، وبادرت قوائم الأحزاب اليسارية في بعض الولايات بالدخول في يسار الوسط المفترض.
وباختصار شديد ان جميع الاحتمالات لا تزال مفتوحة بما في ذلك الذهاب الى انتخابات مبكرة ثالثة، على الرغم من ان اليمين يراهن على امكانية تغيير موقف الحزب الاشتراكي بحجة تجنيب الناخبين الذهاب الى صناديق الاقتراع لمرة ثالثة. من جانبه يسعى اليسار الى تجميع القوى والوصول الى امكانية تشكيل حكومة يسار الوسط التي تمكن لها ازاحة حزب الشعب اليميني المثقل بملفات الفساد عن السلطة.