مدارات

في الذكرى الـ 71 لمأساة هيروشيما وناغازاكي الدمار الشامل لا يزال يهدد العالم

رشيد غويلب
في يومي 6 و 9 آب 1945 القت الطائرات الامريكية قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين على التوالي. وادت الجريمة الى قتل 100 الف مواطن في الحال.
وخلال نفس العام فقد 130 الفا حياتهم متأثرين بما اصابهم نتيجة التفجيرين. وفي السنوات اللاحقة فقد مئات الالاف حياتهم بسبب هذه المأساة، ولم يبق من مجموع سكان مدينة هيروشيما، البالغ عددهم حينها 350 الفا، سوى 70 الفا. وحتى اليوم لم تسلم الاجيال الجديدة حديثة الولادة من التشويهات الخلقية ايضا.
والغريب ان دعاة الحرب في البلدان الرأسمالية المتطورة ما زالوا يقللون من بشاعة الجريمة، ويعيدون ما قالته ماكنة الدعاية الامريكية من أكاذيب حولها، مدعية ان قصف ثاني اكبر مدينتين في اليابان بالقنابل النووية سهّل تسريع انهاء الحرب في المحيط الهادي في 2 آب 1945 ، واستسلام اليابان من دون قيد او شروط في 15 منه.
واليوم، ما زال العالم يعاني المخاطر المتزايدة لاستخدام الأسلحة النووية، ومن عدم تخلي حلف الناتو، والدول الاعضاء المؤثرة فيه منفردة، عن سياساتها العدوانية وفلسلفة فرض المصالح وتمرير الاولويات بقوة السلاح. كذلك استمرار سياسة الحلف تجاه روسيا على الرغم من معاهدات نزع السلاح المختلفة، وآخرها معاهدة ستارت الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2011 والتي تعهدت الولايات المتحدة وروسيا بموجبها ان تقلصا اسلحتهما الاستراتيجية النووية في البحر والبر الى النصف.
ومعلوم إن الاسلحة النووية المتبقية لدى الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية وفرنسا والصين والهند وباكستان والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية تكفي للقضاء على الجنس البشري عدة مرات.
لقد شكل قصف المدينتين اليابانيتين بالسلاح النووي، المدخل الحقيقي لحقبة الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة المريكية، والإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفييتي. وعلى الرغم من مرور 25 عاما على تفكك الاخير وحل حلف وارشو، الا ان حربا باردة جديدة تطل بخطرها مجددا على العالم.
لذلك تطالب قوى اليسار في جميع انحاء العالم بايقاف عمليات تطوير اسلحة نووية جديدة، وباتلاف المخزون منها، وايقاف عمليات سباق التسلح في مجال الاسلحة التقليدية. وتشدد هذه القوى على حل حلف الناتو نظرا لانتفاء الأسباب الموجبة لاستمراره، وابداله بنظام عالمي جماعي للأمن والسلام، بمشاركة روسيا الإتحادية وعلى قدم المساواة مع البلدان الغربية المتطورة عسكريا، والتوقف عن استخدام الحرب والعسكرة وسيلة لحل النزاعات الدولية.
ومنذ عام 1947 يستذكر سكان المدينتين اليابانيتين سنويا المأساة، ومعهم مئات الآلاف من رافضي الحرب ودعاة السلام في انحاء كثيرة من العالم، مؤكدين بشاعة ما حدث ومنوهين بقيم الأمن والسلام. ويتوجه العديد من الشخصيات المعروفة عالميا ومحليا، سياسيا ودينيا وثقافيا ومن ممثلي الأحزاب السياسية ونشطاء حركة السلام ومراكز البحث في هذه القضايا، مطالبين بعالم خال من الاسلحة النووية، وبحلول سلمية للصراعات المستعرة في العالم.
لقد أحيت اليابان السبت الفائت الذكرى السنوية الـ71 للمأساة، وحث رئيس بلدية هيروشيما في حفل تذكاري اقيم للمناسبة زعماء العالم، على الاقتداء بالرئيس الامريكي في زيارة المدينة وتخليص العالم من الاسلحة النووية.
ودق جرس السلام في هيروشيما في الساعة الثامنة والربع من صباح السبت، وهو الوقت الذي القت فيه قاذفة قنابل امريكية القنبلة الذرية على المدينة، في ذلك اليوم قبل 71 عاما.
اعقب ذلك الوقوف دقيقة صمت، شارك فيها نحو 50 الفا من المشاركين في الحفل التذكاري، احياء لذكرى عشرات الآلاف من سكان هيروشيما الذين قضوا في ذلك اليوم.