عرف حزبنا منذ عقود بأنه حزب الشهداء. ورغم إني لا أعرف من أطلق عليه هذه التسمية، لأول مرة، لكني أكاد أجزم بأن الهدف من ذلك كان الإقرار بقدرة أبناء هذا الحزب على التضحية من جهة، وتمجيد سيل المفاخر التي إجترحها هؤلاء الأبناء. غير أنه ومع تغير الظروف، ونكوص وعي البعض الى مستوى يستحيل معه فهم الجوهر العظيم والإنساني الرائع لهذه التسمية، ظهرت ولا تزال مقالات وبعض الأعمال (الأدبية !) التي تحاول، واهمة، أن تغمز من قناة الحزب بإعتبار التسمية نوعاً من التغني بالموت أو ندباً متواصلاً لماضي «لن يعود» أو سذاجة راحلين الى وهم مدن فاضلة! وغالباً ما تتعالى هذه الأصوات، في شباط، حين يحتفي الشيوعيون بيوم الشهيد، وقبيل مناسبات مهمة في المسار الكفاحي للحزب، كالإنتخابات مثلاً.
لقد علمتني السنين بأن الشيوعيين وكل من أمتلك بصيرة وحيادا موضوعيا، يبقون غير آبهين بهذه الإدعاءات، حيث سجل تاريخ العراق المعاصر لهم عشقاً للحياة الإنسانية وحباً بأن تكون حرّة وسعيدة وكريمة، وحيث صارت مديات ذلك العشق مدعاة للتضحية بالروح كي يعيشَ البشرُ بحريةٍ وكرامةٍ وعدلْ، وكي تعودَ للإنسان أدميتـُه المستلبة!
غير إن لتلك الأصوات «النشاز» بعض المردود «الإيجابي» حين تدفع بالشيوعيين لأن يبتكروا كل عام شكلاً للأحتفاء بيوم الشهيد، وأن لا يجعلوه أبداً تغنيا بالموت أو ندباً للماضي.
لقد تحول يوم الشهيد لديهم الى مقام للفخر يتعلمون منه ما يسدد خطى أيامهم التوالي، والى نشيد يعيد لإفواههم مذاق الوطن ولون الأرض وشميم الفعل، والى مناسبة لإدراك معنى الشهادة، كسباحة مطلقة في فضاء محسوس لا يدركه البصر وكشجرة ضياء ينهمر من إثدائها المباركة مزيج من الصدق والحب والوفاء.
كما لا بد أن يكون فرصة للدفاع عن هذا اللقب، حزب الشهداء، ففي تبنيه صلاة تطهر من أي خطأ ونكوص، ونجمة هادية تشير: من ها هنا سنسير!