الديمقراطية هدف انساني سام، وغاية نبيلة، تسعى البشرية التقدمية لتحقيقها. فهي الاداة الفعالة لنشر العدالة والمساواة بين المواطنين، وتعزيز الترابط الاجتماعي، فينعم المواطنون بالامن والسلام. وتتعزز روح المواطنة والارتباط بالوطن، ويرتفع الوعي السياسي بين المواطنين، اضافة لانتاج المواطن الديمقراطي القادر على تلبية متطلبات التنمية وبناء الوطن الديمقراطي.
ان ظروفنا الآنية تحتاج الى مشروع جاد لتنمية ثقافة ديمقراطية تقوم على تنمية الوعي السياسي لدى الطلبة وكل شبيبة الوطن وتنمية ثقافتهم الديمقراطية وتأكيد الروابط مع قيم الانتماء الوطني، والقيم الاخلاقية، في بنية ثقافة الديمقراطية، وتنمية القدرات العقلية للشبيبة لتستطيع تحقيق مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ويمكن ان ننمي ثقافة الديمقراطية بالحوار حول ارادة العمل الوطني، والمحتوى الادراكي الذي يجعل المواطن قادراً على فهم الاحداث والمشكلات، وفق معايير العمل والانتماء الوطني.
ان السياسات التعليمية والتخطيط لاجل الديمقراطية لها محوران، يرتبط الاول بالتوجيه لتنمية الوعي السياسي، وزيادة المعرفة بمعاني الديمقراطية ومضامينها وآليات المشاركة السياسية في العمل الوطني. والثاني يعنى بتوجيه المتعلم الى نوع جديد من السلوك، لدعم اتجاهات التنمية او المشاركة في الاعمال الوطنية من خلال برامج محددة.
الابعاد الرئيسة للديمقراطية والتعليم
توجد ثلاثة ابعاد اساسية، لقضية التربية والتعليم اولها ديمقراطية التعليم والمقصود بديمقراطية التعليم عدالة النظام التعليمي وما يحتويه من تكافؤ فرص الالتحاق به والارتقاء فيه. وبموجب ديمقراطية التعليم يتم بناء النظام التعليمي وتطوير التشريعات التي ترسم بنيته، وتحدد مكوناته واساليب تمويله. وتخطط مدخلاته وتبوب عملياته وتنمي ممارساته، بما يحقق تكافؤ الفرص للدارسين وينمي شخصياتهم الى اقصى ما تؤهله اليه امكاناتهم، من دون ان يكون للوضع الاقتصادي والاجتماعي اثر يحول دون الالتحاق بالتعليم والارتقاء في سلمه. وهذا يستدعي العناية بالتعليم وبالفروق الفردية للمتعلمين، حتى يستطيع التعليم تنمية شخصية المتعلم الى اقصى ما تؤهله اليه قدراته. فيوفر رعاية الموهوبين والمتفوقين والمبدعين. وكذلك تقديم التعليم الخاص لبطيئي التعلم، وذوي الاحتياجات الخاصة.
اما البعد الثاني: فهو الديمقراطية في التعليم بمعنى ان الاداة الفاعلة في تسيير النظام التعليمي وادارته بأساليب ومعايير ديمقراطية. وهذا يعني:
* ان ادارة النظام التعليمي وتنظيمه وهيكلته في جميع المستويات الادارية والتنظيمية المختلفة، المدرسية والاشرافية، ومديريات التربية والوزارة تسير باسلوب ديمقراطي يضمن المشاركة المؤسسية، والتفاعل مع جميع الفئات ذات العلاقة بالعملية التربوية داخل النظام التعليمي وخارجه.
* يستدعي بالاضافة الى اعتماد الممارسات الديمقراطية من قبل جميع الفئات المعنية بالنظام التعليمي، تطوير التنظيمات الطلابية ورفع مستوى حرية المعلم الاكاديمية وتقليص القيود السياسية والامنية عليه.
* ان توفير الممارسات الديمقراطية في التعليم يوفر المناخ المناسب للتفكير الناقد والمبادرة والابداع لدى الدارسين.
والبعد الثالث: فهو تعليم الديمقراطية والمقصود به تنمية قدرات الدارس ومهاراته في الممارسات الديمقراطية. اي بنشر تعليم اسس الديمقراطية وقيمها، وجعلها اسلوباً للتعامل اليومي بين الدارسين، وبين ابناء المجتمع. وهذا لا يتم إلا بتزويد المتعلمين بالمفاهيم والمعلومات والمهارات والقيم والاتجاهات الخاصة بالديمقراطية عن طريق معرفة التشريعات والمؤسسات والممارسات الديمقراطية لحصولهم على تربية تساعدهم في المستقبل على ممارسة الحياة الديمقراطية والمساهمة في بناء المجتمع الديمقراطي.