عندما يحدث الانفجار بالسيارة المفخخة او الحزام الناسف ويحدث العصف، يتطاير كل شيء، البشر وقطع الحديد والكتل والشظايا، وتختلط مع بعضها وتنتشر على مسافات مختلفة. ،بعدها يتجمع المارة والمسعفون وذوو الضحايا وفرق الاطفاء وافراد من منتسبي الداخلية والامن لجمع الاشلاء وترتيبها كيفما شاء وتوضع الاعضاء الممزقة والمقددة في علب او توابيت او بطانيات وتنقل الى المستشفيات القريبة ، اما الجرحى فيتم نقلهم بالسرعة الممكنة لانقاذ حياتهم المهددة بالموت. في المستشفى يتم التعرف على القتلى والجرحى من قبل ذويهم وعوائلهم وتنقل الضحايا اما الى المقبرة او الى البيت. وبعد الدفن والتابين تتضح وتظهر صورة وشكل الماساة التي يجب على العائلة ان تتقبلها، وتتجسد الكارثة امامهم، بعض العوائل تفقد معيلها وعزيزا من افرادها وتبتلى اخرى بالمعاقين وهي الاكثر الما وعذابا من الوفاة، لان المعاناة ستستمر طويلا مع عمر العائلة، فتفقد الحياة بريقها والقها وسعادتها عند هذه العائلة المنكوبة بمعوق واحد، فكيف يكون الحال اذا تضاعف العدد؟
بعد اكمال معاملة التعويض يتم تعويض الموتى والمصابين بمبالغ يسيرة قد تكفي لعيش العائلة لسنة لا اكثر وبعض هذه التعويضات الزهيدة تسبب للعائلة مشاكل وصراعات وراثية تفضي الى تفرق العائلة وتشتتها وايضا ضياعا وتشردا لبعض افرادها ويتحولون الى متسولين في الشوارع والتقاطعات او مجرمين وقطاع طرق، اومدمنين ومشردين يشوهون سمعة المجتمع حيث لا توجد مؤسسات رعاية تكفي لايواء هذا العدد المتزايد من الضحايا لتكرار الخروقات الامنية كل يوم، بل كل ساعة والمحصلة يتحول كل العراقيين الى هذا النوع من السكان. هنا يواجهنا السؤال التالي: لماذا يستمر سقوط الضحايا؟ وعلى من نلقي باللائمة والمسؤولية؟ ولماذا الاستهانة بارواح واموال وممتلكات المواطنين الابرياء، وما المقصود من تكرار الحالة واستمرار القتل والتعويق؟ المسؤولون عن امن المواطن وسلامته يقفون موقف المتفرج واللامبالاة ازاء ما يجري، وبمرور الزمن تصبح الحالة طبيعية ويمكن غض النظر عنها وكانها امر مقدر ومقضي، او انه قضاء وقدر . اظن ان هذا التعليل والتفسير هو ما يرغب المسؤولون ان نعتقد به ونصدقه والوقوف عنده، نرثي موتانا ونندب حظنا ونشرد عوائلنا ونصبح معاقين ومشردين في وطننا، وهذه الحالة لم تحصل ولا سابقة لها في مجتمعات العالم، انه واقع مؤلم ليس له شبيه.