مرة اخرى وقفت اللغة عائقا امامي، حين هممت بوضع عنوان لعمودي في هذا الاسبوع، الذي تصاعدت فيه حمى الملصقات الانتخابية. احترت بين مفردتين: هل حجبوا عنا (الرؤية) ام (الرؤيا )ام كليهما؟
المعجم الوسيط يشرح المفردتين ويقول: رآه ( رؤية ) بمعنى أبصره، وجمعها رؤى. ورأى في منامه (رؤيا ): حَلِمَ، وجمعها رؤىً.
الدعاية الانتخابية لم توفر جدارا او سياج مدرسة او مستشفى او مسجدا او كنيسة. واعمدة الكهرباء صارت مثل حبال الغسيل، وقد نشروا عليها ملابسهم الجديدة بجانب القديمة، التي حاولوا دعكها وغسلها، ورغم كل الجهود المبذولة لتنظيفها، الا ان بقعا زيتية ظهرت فيها واضحة، ومنها تنبعث رائحة نفط!
وراحت الساحات والحدائق بزهورها وشجيراتها ونصبها، تعاني من قلة الهواء نتيجة احاطتها بصورهم مختلفة الاحجام.
وقد غضب عدد كبير من المواطنين وهم يرون السيدة كهرمانة تنزل من اعلى نصبها، لتشكو لدى الشرطة المرابطين بجانبها قلة الاوكسجين، بسبب تلك الصور! ولكن ماذا بوسع الشرطة ان تفعل؟ وهي المشغولة بمراقبة المفخخات والكواتم والعبوات والمرور والأحزمة الناسفة وأحزمة الامان .. صحيح انهم لم يكتشفوا حزاما ناسفا واحدا، الا انهم استطاعوا ان «يضبطوا» العديد من الداخلين والخارجين الى الكرادة بسياراتهم من دون احترام لحزام الامان و.. «كصله وصل» !
ضابط الشرطة قال لكهرمانة: عودي لمكانك اختي العزيزة وابقي مع الحرامية .. نحن لا نستطيع ان نترك مهامنا ونروح ننفذ مهام امانة العاصمة .. هذا شغلهم .. صحيح امينهم مريض، لكن يجب ان لا يتسرب مرض امينهم الى مفاصل الامانة .. كان عليهم تحديد امكنة خاصة لتعليق الدعايات الانتخابية وغير الانتخابية، ومو اليوم، بل كان يجب ان يعدوا عدتهم منذ زمن .. دتشوفين اشلون صايرة بغداد «زرق ورق « !
بدا المواطنون غاضبين من كهرمانة، لانها تركت واجبها الاصلي، وهو حراسة الجرار كي لا يهرب منها احد الحرامية. الا انها ضحكت ملء شدقيها، كما تقول العرب، وقالت: لم يبق حرامي في الجرار يا اعزائي، لقد خرجوا وتوزعوا في نواح متعددة من المدينة، واستطاع قسم منهم ان يتخفى خلف تلك الصور، التي امتصت الاوكسجين، وحجبت عنا الرؤية والرؤيا !