المنبرالحر

لا هزيمة لثقافة التكفير والتجهيل الا بثقافة التنوير/ حيدر سعيد

لقد سعت الانظمة الدكتاتورية منذ سيطرتها على السلطة في بلداننا العربية على تجهيل وتدجين الشعوب، بسلب ارادتها وتشويش افكارها وتسطيحها نتيجة الدوامة والفوضى المستمرة التي ادخلتها فيها ، مبعدة اياها عن الثقافة التنويرية ، العدو الحقيقي للافكار الظلامية المتخلفة التي اعتمدت من قبل تلك الانظمة اساساً لنهجها ، تاركة الابواب مشرعة امام تلك الافكار المتخلفة ، ان تتوسع وتتمدد في المجتمعات ، متخذة من الدين غطاءاً لدعم ونشر تلك الثقافة الظلامية ،منطلقة من بناء مدارس تغذي روادها بمفاهيم العداء للتنوير والثقافة المتحضرة ،وكلفت مجاميع من عناصرها المخابراتية ، منتقاة من العناصر الاكثر اخلاصاً لنهجها الفاشي ، لتمارس نشاطها التخريبي لاحقاً في اوساط الجماهير ، حتى ان بعضهم قد ارتدى العمائم السوداء والبيضاء !! وقد بدأت فعلا في حشو الادمغة بالفكر المتطرف التكفيري وخاصة في اوساط الناس البسطاء، وقد تسلم المهمة بالعراق المجرم ( مسيلمة الكذاب ) عزة الدوري الذي اطلق على حملته( الحملة الايمانية )!! و الذي يقود اليوم ما يسمى النقشبندية حليف داعش الملتحي ! والذي ينطبق عليهم قول الشاعر محمد صالح بحر العلوم في قصيدته اين حقي ؟:

ليتني استطع البحث في بعض الجماجم

لاريح البشر المخدوع من شر البهائم

واصون الدين عما ينطوي تحت العمائم

برياء تقتل الحق وتدعو اين حقي ؟

ان التأسيس للثقافة الظلامية العنفية الفاشية المغلفة بالدين ، في مجتمعاتنا العربية ، والذي عمقته الاحزاب الاسلامية التي تصدرت المرحلة بعد التغييرات في المنطقة بالسطو على نضالات الجماهير في هبتها ( بالربيع العربي ) !! بالتوجه الاثني القومي الذي الغى الهوية الوطنية بالتجييش الطائفي.

ان اعداء العملية السياسية والوحدة الوطنية ، طفحوا على السطح كما يطفح ( نغل الباقلاء ) عند وضع الباقلاء بالماء المغلي، ولذلك على كل القوى الوطنية الديمقراطية ان تحشد كل الجهود لانضاج النهوض الجماهيري والتصدي لداعش واخوانها غير الشرعيين، بابراز الثقافة الوطنية على نطاق الوطن والتأسيس لحكومة وحدة وطنية تجسد القانون وتكافح الارهاب بكل صوره ، فهي الرد الحقيقي على ثقافة الظلام والهمجية ، وعلى الذين يستغلون الاوضاع السيئة في العراق، من تهجير ابناءه او قتلهم او اختطافهم وسرقة اموال الشعب العراقي وخاصة ثروته النفطية لينتقموا من الشعب العراقي ويعاقبوه على نهجه الديمقراطي، بحجج واهية منها شخصنة المواقف .وهم يدركون ان الاشخاص زائلون بينما الشعب العراقي باقً.

وكما يقول الجواهري :

(باق واعمار الطغاة قصار )

وكما يقول الشاعر المصري في قصيدة له القاها في محكمة الشعب :

( آت غد وغد الطغاة قريبٌ

يا ناسياً ان القضاة شعوبٌ )

ان الصراع بين ثقافة الظلام والتنوير يحتدم اليوم في العراق، تتجلى صوره بما تقوم به ( بهائم داعش الملتحية) ومن وراءها ومن يحالفها من اعمال اجرامية بشعة ،مجردة من المشاعر الانسانية.تزرع ثقافة الانقسام والنزاع والشقاق،و التجهيل وتغييب الوعي.

لذلك يتطلب من قوى التنوير في البلد من مثقفين( ادباء، فنانين مسرحيين سينمائيين، كتاب ) وسياسيين وطنيين وديمقراطيين ورجال دين متنورين ،وقوى المجتمع المدني .ان يتصدوا لثقافة التكفير والظلام والجاهلية هذه ، بتثوير المجتمع بتنويره، والعمل بمسؤولية وطنية في احداث نقلة نوعية في بنية المجتمع لسحب الارض التي دنستها اقدام داعش القذرة واعادتها لحضن الوطن ، فسلاح الكلمة المتنورة لا يقل تاثيراً عن السلاح اذا لم يكن فعله اقوى وامضى عندما يوجه بوعي وابداع ، مدعوماً بالارادة الوطنية المخلصة والايمان بالقضية التي من اجلها يحمل السلاح .
حيدر سعيد