المنبرالحر

فليخرج مجلس الخدمة العامة من غرفة الانعاش / ابراهيم المشهداني

نصت المادة 107 من الدستور على ما يلي :(يؤسس مجلس ، يسمى مجلس الخدمة العامة الاتحادية ،يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة الاتحادية ، بما فيها التعيين والترقية ، وينظم تكوينه واختصاصاته بقانون .) وها قد مضت تسع سنوات على اصدار الدستور ، وقانون مجلس الخدمة ما يزال راقدا في غرفة الانعاش وليس معروفا حتى اليوم متى يسترد عافيته .وخلال هذه الفترة الطويلة التي عجز البرلمان العراقي خلالها عن تشريع هذا القانون ، دخلت الكتل السياسية في سباق مع الزمن من اجل الاستحواذ على اكثر ما يمكن من الدرجات الوظيفية في جهاز الدولة الاداري من المقربين اليها من الطبالين والمزمرين والمصفقين سعيا وراء تشكيل قاعدة انتخابية توصلها الى مواقع السلطة والقرار ، وبالفعل فقد وقع ما كان يخشى منه من ان تتحول وزارات الدولة الى بيئة لتفريخ الفاشلين والفاسدين .
ولم يشأ مبدأ المحاصصة الطائفية الاثنية الذي اصبح القاعدة الاساس في تسيير شؤون الدولة ، والذي راح ينخر كالجرثومة في جسمها من رأسها حتى اخمص قدميها ،إلا ان يدخل الى مشروع هذا القانون كي يحرم منظومة هذا الجهاز من الكفاءات الرصينة المعروفة بالخبرة والنزاهة وينشئ بورصة خاصة تتحكم في التعيينات والترقيات وتعمل على وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب ما ادى الى شيوع المحسوبية والمنسوبية وبالتالي فقد ادخل مشروع هذا القانون بفعل هذا السلوك الى غرفة الانعاش .
لقد لعب مجلس الخدمة العامة الذي الغي في سبعينات القرن الماضي ، دورا اساسيا في تغذية وزارات الدولة بالكفاءات المؤهلة علميا عبر الاختبارات التي كان يجريها المجلس كمعيار لتحديد الكفاءات المؤهلة في التعيينات والترقيات ، إلا ان حزب البعث الحاكم انذاك اراد من الغاء هذه المؤسسة سلما لإيصال اعضائه وأنصاره ومؤيديه الى وظائف الدولة وتوسيع قاعدته الحزبية من خلال احتكار الية التوظيف وبالفعل حقق جمهورا واسعا بين مزمر ومطبل ومهرج ، وهي الصورة ذاتها التي نراها اليوم كما رأيناها في ذلك العهد البغيض .
ان اقتصادا متينا وتنمية مستدامة ترفع من مستوى الانتاج المحلي الاجمالي وخدمات تلبي حاجات المواطنين في الكهرباء والصحة والتعليم والخدمات الاخرى ويستوعب الملايين من العاطلين لا يمكن ان يتحقق الا عبر جهاز اداري كفء قائم على العدالة في توزيع الدرجات الوظيفية وهذا بدوره لا يتحقق الا بسرعة اقرار مشروع مجلس الخدمة العامة الاتحادية من قبل البرلمان الجديد الذي ينبغي ان يكون من ضمن اولويات مشاريع القوانين الموضوعة على طاولة البرلمان ومنها قانون النفط والغاز وقانون الاحزاب وقانون الضمان الاجتماعي وقانون العمل وغيرها من القوانين ذات المضمون السياسي والاقتصادي والاجتماعي فهل هناك ضوء في نهاية النفق في عهد برلماننا الجديد.