المنبرالحر

مزاج مُكـلِـف للغاية / قيس قاسم العجرش

لا يمكن حشر الناس في مزاج واحد وذائقة واحدة إلا بالفرض والترهيب. طبعاً يمكن أن نقيس انفتاح «مزاج «المجتمع بمقدار مراعاته واحترامه لأمزجة الأفراد. وهي على العموم علامة صحة أن نقبل ما تطرحه التفاعلات الداخلية والنفسية للآخر.
إقبلوا بالإختلاف فيطيب يومكم وينتهي جزء كبير من معاناتكم.
لكن متى علينا أن «ننتقد» الإختلاف؟ ربما تكون السياسة هي المجال الوحيد الذي يجب أن يتعرّض فيه الإختلاف الى نقدٍ حاد.
حين تختار مجموعة من الناس، نعني مجموعة كبيرة وواسعة اختياراً يتـّضح فيما بعد بجلاء وبلا مواربة أنه إختيار كارثي تسببَ في تراكم السوء، عندها علينا أن ننتقد بلا تحفظ وبلا خوف من أن نتهم بالتضييق على حرية الاختيار.
فكرة التغيير في نظام يتبع الإنتخابات ينبغي ان تبدأ أولاً من تغيير يعتمده الناس في الـ»مساطر» التي يقيسون بها اختياراتهم.
كيف يكون التغيير مع من لا يرغب بتغيير رأيه وطرقه في الحياة و»ثوابته» التي أدّت في النهاية الى أن نخوض جميعاً في مستنقع الفوضى؟
ليس مفاجئاً أن يفوز نائبٌ مثلاً بمقعدٍ وزيادة في الأصوات لمجرد انه أجاد انتهازالتعابير الطائفية والإستعدائية. هذا حدث ببساطة لأن هناك من بين الناخبين كمّ كافٍ من الطائفيين يمكن أن يرفع هذا النموذج الى مجلس النواب، ناخبون طائفيون بمعنى إحتكامهم الى المعيار الطائفي في الإختيار وبالتالي لا غرابة في أن يتلقى أحد السياسيين الإشارة ومن ثم يعتمد هذا الخطاب كمنتج يبيعه في حارة لا تطلب إلا السماع.
المنجز ليس لغواً تلفزيونياً او هذراً في الشعارات ، المُنجز هو تعهد وخطة وتنفيذ يتلوه نقد للأخطاء...لا يعقل أن يقفز أحد ما على هذه المراحل ويتوقع نتائج طيبة.
كما لا يعقل أن يحذِف صاحبُ السلطة مرحلة النقد وسماع الإنتقاد، ويتوقع بعد ذلك أن يخرج بنتائج افضل.
وما يقال هنا عن المسؤولين أولى أن يقال عن وجهة أصوات الناخبين، فهي الأخرى يتوجب ان تخضع للنقد والتمييز من قبل الناخبين أنفسهم.
لا شيء يعيب المراجعة والشخص الذي يحظى بانتخابكم مرة ليس بالضرورة ان يحظى به كل مرة، خاصة إن فشل في تحقيق ما وعد به، إما لأنه لم ينتقد ذاته او لأنه لم يحسن وضع الخطط.
أما ان يتحرك السياسي وهو يعلم ان الناخب سيصوت له مهما فعل وأياً كان منجزه، فتلك هـوّة يسقط فيها الناخب نفسه. الفرق انه سيسقط هنا «بمزاجه» الخاص.