المنبرالحر

توقيع الوزير / علي فهد ياسين

بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وفق نفس الاسس التي اعتمدت في تشكيل الحكومات الأربع التي سبقتها ، تكون الأحزاب التي فازت في الأنتخابات الأخيرة قد خذلت ناخبيها ، بعد أن أعتمدت برامج انتخابية تروج للتغيير وحصدت أصواتهم على أساس ذلك ، وبدلاً من السعي في طريق التغيير ، عادت وأغلقت الطرق المؤدية اليه بذرائع واهية ، ربما يأتي في مقدمتها تدهور الوضع الأمني ، مع يقين معرفتها بأن منهج المحاصصة الذي سارت عليه منذ سقوط الدكتاتورية ، كأن الاساس لكل ما تعرض له العراق وما عانى منه العراقيون من خسائر بشرية ومادية متلاحقة ، نتيجة مستويات الفساد غير المسبوقة وصولاً الى أحتلال الاراضي العراقية من عصابات داعش التي تمثل اعلى مراحل الفوضى التي تهدد مستقبل العراق وشعبه .
لقد دفع هذا الاسلوب العقيم في ادارة البلاد بعموم العراقيين الى أن يتوقعوا الفشل الذريع للحكومة الجديده ، بالرغم من المبادرات الشخصية التي قام بها رئيس مجلس الوزراء الجديد لجهة تصويب بعض أخطاء أقرانه في الحكومات السابقة ، التي كانت مخالفة للدستور ومسكوت عليها بالاتفاق ، كالصور والالقاب والتنازل عن الجنسية الأجنبية ، وهي على أهميتها لا يمكن أن تعطي ثمارها اذا لم تعتمد كقوانين شاملة لجميع المناصب العليا في الدولة ، بالتوازي مع تغيير مفهوم الصلاحيات التي توفرها تلك المناصب من خادمة لجهات وأحزاب وأفراد الى مؤدية لوظائف عامة تحقق أغراضها في خدمة عامة الشعب .
أذا كان هناك بصيص أمل في أن تكون هذه الحكومة مختلفة عن سابقاتها ، فأن ذلك ربما سيأتي من تغيير آليات عمل الوزراء فيها ، لا أن يستلم الوزير الجديد حقيبة وزارته الموبوءة بالفساد ، ويتخيل نفسه هو الوحيد القادر على معالجته بقرارات شخصية ومرتجلة تؤرخ لاستلامه الوزارة بديلاً عن سلفه كما حدث في كل الدورات الوزارية السابقة ، انما باعتماد مبدأ جديد يستند على تشكيل فريق عمل من الخبراء والأكاديميين من الكفاءات العراقية ، من الذين استبعدتهم الحكومات السابقة لأنهم لم يكونوا منتمين لأحزابها، هؤلاء يقترحون المشاريع والخطط العلمية المناسبة ويراقبون مراحل تنفيذها ويضعون آليات تغيير بعض خطوطها وفقاً لنتائج التنفيذ ويتحملون مسؤوليات نجاحها وفشلها ، ليكون دور الوزير في النهاية هو التوقيع عليها لتكون خططاً ومشاريع وواقع حال لوزارته التي يقودها ، لسبب بسيط هو أن جميع وزراء هذه الحكومة وسابقاتها لم يكن لهم علاقة بأختصاصات وزاراتهم ، لأنهم سياسيون وليسوا متخصصين علميين ، وقد كانت النتائج مخيبة للآمال ولم ينجح أحد في أدارة وزارته بكفاءة يحقق من خلالها المنفعة العامة التي هي الغاية العليا لنشاط الوزارات .
معلوم أن ذلك يقترب من المستحيل في الواقع العراقي الآن ، بعد ان تحولت المناصب الى اقطاعيات لا تمت بصلة لمفهومها الدارج في العالم ، لكن من يريد أن يخدم شعبه كما يدعي وكما تدعي الأحزاب والكتل التي تتقاسم الوزارات ، فليس له الا هذا السبيل يعتمده ليكون بعيداً عن الوحل الذي نزل اليه من سبقوه ممن فضلوا مصالحهم الشخصية والحزبية على مصالح شعبهم ، ومن يعمل به ويتعرض للضغوط والتهديدات التي يعتمدها الفاسدون ، فليس له الا ان يعلن للشعب ذلك ، وأن يستقيل اذا أُجبر على غير منهجه ان كان صادقاً واميناً على حقوق الناس وعلى سمعته ، وأن يثبت فعلاً أن المنصب هو تكليف وليس تشريف كما يصرح الجميع في وسائل الاعلام دون أن نجد تطبيقاً واحداً نعتمده مثالاً على لذلك .