المنبرالحر

موازنة 2015 وكفاءة المسؤولين / علي فهد ياسين

بعد عبور محنة موازنة العام الماضي الذي انتهى دون إقرارها ، يتصاعد صراع الاطراف السياسية على موازنة هذا العام ، دون اكتراث للنتائج الوخيمة المترتبة على ذلك ، من تعطيل للمشاريع الخدمية وزيادة في اسعار المواد الغذائية وتصاعد نسب البطالة وغيرها من التأثيرات السلبية التي يتحملها الشعب ولا تؤثر على الطبقة السياسية الحاكمة واحزابها وبطاناتها من أثرياء المرحلة التي تناسلت اعدادهم طوال السنوات الماضية .
الموازنة التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب للتصويت عليها ، بعد مناقشتها حسب الدستور ، يفترض أن تكون مستكملة للشروط الرئيسية المتفق عليها بين الاطراف السياسية الرئيسية الممثلة بوزراء في الحكومة ، مع امكانية ابداء الملاحظات القابلة للتنفيذ دون المساس بخطوطها العامة ، من أجل الاسراع بتمريرها في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد ، لتوفير الامكانات المادية للمعركة المصيرية ضد الارهاب ، اضافة الى تحصين الجبهة الداخلية المتأثرة سلباً بالأداء الضعيف للأجهزة الحكومية بحجة عدم توفر التخصيصات .
لكن الذي أعلنه عضو اللجنة المالية النيابية السيد ( فالح الساري ) اليوم ، من أن لجنته تسلمت ( 500 ) ملاحظة بشأن قانون الموازنة ، يأتي بالضد من أمكانية الاسراع بتمريرها ، أضافة الى أنه يكشف أن اللجان التي وضعت الميزانية القابلة لتحمل هذا العدد من الملاحظات وأصحاب الملاحظات عليها ، ليست لهم دراية عميقة بأوضاع البلاد والعالم ، وهو أمر لا يمكن تبريره ولا قبوله ، لأن الطرفين هم مسؤولون في الدولة وأعضاء في أحزاب السلطة ولهم ممثليهم في مجلس الوزراء ، الذي صاغ الميزانية مستشاروه ومكاتبه وتمت مناقشتها وقبولها داخله ، قبل ارسالها الى مجلس النواب ، اضافة الى أن الغالب في تلك الملاحظات ، كما أوضح السيد الساري ، هو المطالبة بزيادة التخصيصات لبعض أبواب الصرف ، في الوقت الذي يعلم الجميع أن هناك عجز متفاقم في الميزانية نتيجة لانهيار اسعار النفط دون الخمسين دولاراً للبرميل ، فيما اعتمد واضعوا الميزانية على سعر ستين دولاراً ، وهو سعر لا يشير الى حنكة في قراءة الاحداث واستقراء واقع السوق النفطي ، وهي صفة مهمة يفترض أن يتحلى بها الاختصاصيون في هذا المجال .
على ذلك يكون قانون الموازنة مناسبة للتأكيد على أهمية أن تشغل الكفاءات العراقية مواقع وظيفية تستحقها عن جدارة وخبرة ، بعيداً عن الولاءات الطائفية والحزبية والشخصية التي لازالت معتمدة منذ نصف قرن ، والتي تسببت بكل فصول الخراب الذي اصاب مناحي الحياة في زمن الدكتاتورية وما بعدها ، خلافاً لتجارب الشعوب الناهضة للبناء والاعمار ، التي اعتمدت المناهج العلمية والكفاءات المتخصصة في تسيير شؤون المؤسسات ، ونجحت في تجاوز الصعاب وحافظت على المال العام وقدمت للعالم نماذجاً مهمة تستحق الاحترام .