- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 08 نيسان/أبريل 2015 20:01

في جنازة الدكتور يعقوب زيّادين، السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي الاردني حدث ما هو متوقع. ومع ذلك، ربما يستحق الراحل الشكر على آخر ما يقدمه من كشف وهو في طريقه الى المثوى الأخير.
في مدينته، الكرَك..غاب المحافظ والرسميّون وغابت الحكومة عن مشهد تشييع هذه الشخصية الوطنية، وهو غياب ذو معنى بالغ في سعة التملّق التي تبديها بعض الاوساط العربية الرسمية لقوى التشدد المحلية والسلفية، والتي تتبرقع في الأردن بعدة أثواب، لكنها كلها أسمال مثقوبة تُظهر ما خلفها من فضائح.
النوّاب الاردنيون الذين سبق أن حضروا مجالس العزاء المقامة للزرقاوي أو رائد البنا أو غيرهما من الإرهابيين الذين لقوا حتفهم مجللين بالعار في العراق، غابوا عن مشهد وداع الزيادين. الغياب متوقع لكنه يعزز ذات الفكرة .. وهي»إنتهازية» السياسيين العرب في التعامل مع التطرّف، واستخدام لغة المواربة في الحديث عنه. لكنهم إزاء تكريم شخصية وطنية شيوعية مثل الدكتور زيادين اختاروا الإبتعاد تماماً..وفي الحقيقة لم ينقص من قدر زيادين غياب من يجاملون التشدد في الأردن قدر انه غياب يفضح تملقهم.
حين سقط الطيار الاردني معاذ الكساسبة أسيراً، ثم شهيداً بأيدي عصابات داعش، شَخَصت الأبصار المحلية الاردنية متابعةً ردود فعل القوى الإسلامية وحصل بالفعل ما هو متوقع...خرجت قيادة الأخوان المسلمين بكلمة خجولة متأخرة، تعمّدت فيها عدم نعت الكساسبة بـ»الشهيد» بينما كرّرت في بيان مماثل كلمة «شهيد» تسع مرات حين تحدثت عن (طفلة)! استخدمتها قوى فلسطينية متشددة كانتحارية تجاه قوات الإحتلال الإسرائيلي.
الغياب الرسمي الأردني عن جنازة زيّادين كان له ان يمرّ بلا ملاحظات، لولا أن التشييع شهد تضامناً ووداعاً شعبياً واسعاً ..يعني عكس الرسالة التي أراد الغائبون الرسميون إيصالها عن الشعب الاردني.
نعم، آلاف الأردنيين والفلسطينيين ودعوا زيادين في مشهد نادر ومعبر.
وفيما السياسيون الاردنيون يحلبون التطرّف ويبتزون القوى الأقليمية به، نرى الشعب الأردني يبتعد عنه وينتهز مناسبة تشييع شخصية ماركسية مقدسية مهمّة مثل الدكتور يعقوب زيّادين ليبدي تضامنه مع التيار العلماني الوطني الفلسطيني والأردني الذي يمثله.
هذا الأداء الإزدواجي للسياسيين الأردنيين، يتكرر للأسف تجاه الحرب على الإرهاب في العراق تحديداً. وهو أداء ضبابي مخاتل، يعتبر أن داعش في سوريا شرّ مطلق ينبغي محاربته، لكنها في العراق تحتمل وجهات نظر أخرى !
المفرح ان التجربة أثبتت قصر عمر هذا النوع من الفهلوة السياسية وانه لا يشتغل على طول الخط بل سرعان ما يعطب عطباً نهائياً.