- التفاصيل
-
نشر بتاريخ السبت, 25 نيسان/أبريل 2015 20:33

تشير التوقعات الى ان اسعار البترول ستأخذ بالارتفاع في نهاية الصيف القادم وفي تقرير نشرته صحيفة التلغراف اللندنية المقربة من الشركات النفطية العالمية توقعت حصول زيادة في اسعار النفط تصل الى 100 دولار للبرميل الواحد نهاية الصيف المقبل بانية هذه التوقعات على زيادة الطلب العالمي على البترول والاضطرابات الامنية في منطقة الشرق الأوسط.
وهذه التوقعات لم تفاجئ الاقتصاديين والمهتمين بالشؤون النفطية الذين اعلنوا عن احتمال عودة الاسعار الى مستوياتها السابقة وذلك بسبب تركيز العالم على التخلص من المعروض والبحث عن إمدادات جديدة فضلا عن ان بعض اسباب انخفاض الاسعار سياسية غايتها ممارسة الضغط على الدول النفطية البارزة ومنها روسيا وإيران وفنزويلا الخارجة عن ركب السياسة الامريكية، إلا ان مثل هذه الاسباب غالبا ما تنتهي في حال تغير الظروف الدولية خاصة وان الازمة الاقتصادية الدولية في اوروبا والولايات المتحدة ومحاولات انفراجها تدفع هذه البلدان للبحث عن حلول للازمات السياسية مع الخصوم.
ومهما يكن من امر المتغيرات في اسعار النفط والعوامل التي تقف وراءها سواء كانت دولية او اقليمية، فان الدرس البليغ الذي يجب اخذه في الاعتبار هو عملية تقييم السياسة الحكومية السابقة حينما كانت مدخولات البترول مئات المليارات التي كانت تتدفق بسبب ارتفاع اسعار النفط إلا ان العراق رغما عن ذلك كان في حالة تراجع بنيوي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي ومرد ذلك كله غياب الاسترتيجية الاقتصادية التنموية الشاملة والتنوع في مصادر التمويل وإهمال القطاعات السلعية في القطاعين العام والخاص ونمو الاقتصاد الاستهلاكي اعتمادا على الريع النفطي ونمو الاستيراد تبعا لذلك، وعلى الصعيد الاجتماعي ظهور طبقة كامبرادورية تقف عقبة امام التوجه لتنمية القطاعات الانتاجية خارج قطاع النفط، من خلال ايقاف العمل بالقوانين الحمائية التي كان الغرض من تشريعها توطيد القدرة التنافسية للمنتج المحلي ازاء البضائع المستوردة وبمعنى اخر فشل الحكومة في ادارة الموارد المالية وتوظيفها في ايجاد مصادر تمويل اخرى الى جانب الموارد البترولية وكان ثمار هذه السياسة الفاشلة استفحال عمليات الفساد التي تحولت مع الوقت الى نظام مؤسساتي خطر جدا بحيث تحول الى سد منيع ضد اية عملية للإصلاح الاقتصادي والإداري، بدليل اننا لم نلحظ حتى الان الاطاحة بأي رأس من الرؤوس الفاسدة التي ساهمت في تعريض اموال العراق الى الهدر والاستباحة .
هذه التجربة المريرة تضع امام الحكومة العراقية الجديدة مهمة مراجعة السياسات الاقتصادية ورسم استراتيجيتها التنموية على دراسة شاملة للواقع الاقتصادي وفحص الامكانيات المتاحة المادية والبشرية وتوظيفها في العملية الانتاجية في اطار بناء القطاعات السلعية في الصناعة والزراعة والقطاعات الخدمية وإشراك البرلمان بسن التشريعات الملزمة لتنفيذ الاتستراتيجية بعيدا عن الانتقائية في التعامل مع عملية التنمية، وتنشيط الاجهزة الرقابية وإلزامها بتقديم تقارير دقيقة عن اداء الوزارات وتشخيص مكامن الفشل والفاشلين وتشديد المحاسبة بحق المقصرين واعتماد معايير الكفاءة في ادارة المؤسسات الانتاجية .وعدم التغاضي عن الحسابات الختامية كما كان يجري في كل عام عند اعداد الموازنة الاتحادية العامة من اجل تحديد ابواب الصرف في المجالات المخصصة لها والكشف عن الوجوه الملثمة التي كانت تقف وراء المشاريع الوهمية، تحذيرا للحاكم المؤمن من الوقوع في نفس الحفرة مرتين.