- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 07 حزيران/يونيو 2015 19:32

الحروب موجودة منذ القدم، وقد مرت بتطورات وتغيرات عدة، وبفضل الثورة التكنولوجية والعلمية اصبحت الحروب ذكية، بمعنى انها تدار من دون ان يشعر بها احد، والتي انبثقت عنها الحروب المستقبلية وتشمل: (حروب الشبكات وحروب الطقس والحروب الالكترونية والحروب الذكية والحروب الناعمة).
وعليه فان الحروب المستقبلية التي يطلق عليها الحروب الجيوفيزيائية تعتبر الطقس هو السلاح الذي توجهه تجاه الدول المعادية، ولذا فان الحروب الجيوفيزيائية تعني استخدام العلم والتكنولوجيا الحديثة وبشكل مصطنع لخلق الزلازل والعواصف والاعاصير والضباب والبرد والانهيارات الارضية والانهيارات الجليدية وتدفق الحطام والفرق في درجات الحرارة بين منطقة واخرى واستخدام الطاقة الشمسية والقوى الطبيعية الاخرى لتحقيق اغراض عسكرية وقتالية (الحرب من خلال الطقس).
ان اهم ما يميز الحرب الجيوفيزيائية هي انها تختلف عن سابقاتها باعتبارها حربا ذات بعد تدميري شامل، اذ ان استخدام المواد الكيمياوية او المواد المتفاعلة (المتفجرة) لا سيما من خلال الامطار او الهواء او السحب او تحت الارض او في داخل المياه الجوفية ما يهيئ لدمار الكرة الارضية والذي يسبب خللا في توازن القشرة الارضية، حيث تتداخل فيها الاشعاعات الكهرومغناطيسية والموجات الزلزالية.
ويقول عالم الجيو فيزياء جون فيتز جيرلد الخبير في التكتيكات الحربية والذي يبحث عن تكنولوجيا التحكم بالبيئة للاغراض العسكرية (ان السر في الحرب الجيوفيزيائية هو تحديد مواضع عدم الاستقرار في البيئة التي يمكن بواسطتها اضافة قدر ضئيل من الطاقة في تلك المواضع لاطلاقها بصورة هائلة)، والفرضية التي تقوم عليها الحرب الجيوفيزيائية هي (ان الطبيعة بجوانبها وتفرعاتها كافة لا يمكن اخضاعها والسيطرة عليها بسهولة). وعليه فانها تسلط الضوء على كيفية فهم الظواهر الطبيعية ومن ثم اخضاعها وتوجيهها.
ومن الادوات التى اعتمدت عليها غاز الكميتريل ومشروع هارب الذي تضمن الشفق الازرق كخطوة رئيسة للمشروع. ان مشروع "هارب" هو صناعة الزلازل ويتم باستعمال موجات صغيرة تؤثر في الغلاف الجوي الخارجي لمكان محدد لإحداث اعاصير مدمرة، كما حدث في ميانمار وايضا يعمل على صناعة تفجيرات قوية في اعماق الارض تؤدي الى تحريك الطبقة التكتونية في الارض، ما يحدث زلازل مدمرة، بينما الشفق الازرق يقوم على انبعاث شعاع يرسم صورا خيالية في ذهن العدو لكي ينساق باتجاه هذه الرؤيا والتشكيك في وجودها ويمكن ان نشبهها بالسراب.
اما مادة الكميتريل التي سوف نبحث فيها، فهي عبارة عن سحاب ابيض يشبه الخطوط المتكثفة التي تطلقها الطائرات ولكنه يتركب من مواد كيمياوية ولا يحتوي على بخار ماء كالضباب ويرش عمدا من على ارتفاع عال.
ان الكميتريل مركب من كلمتين الاولى chemالتي تعني المواد الكيمياوية والثاني tral وتعني الاثر، ويستخدم عادة لاجل الاستمطار ويعتبر الكميتريل من المواد ذات المعادن الثقيلة بما فيه الالمنيوم والباريوم واملاح المغنيسيوم والكالسيوم وغيرها من التيتانيوم والالياف المجهرية، فمثلا اذا كان الهدف منه الاستمطار يتم استخدام التالي: (خليط من ايوديد الفضة على بيروكلورات البوتاسيوم ليتم رشها فوق السحب فيثقل وزنها ولا يستطيع الهواء حملها فتسقط امطارا وبناء على هذه التقنية يتم تغيير المواد والمركبات الكيمياوية، ما يؤدي الى خلق حالة من الجفاف والامراض والاعاصير والزلازل). وبمعنى آخر عندما تطلق طائرة في الهواء غاز الكميتريل تنخفض درجات الحرارة في الجو لانها تعمد الى حجب اشعة الشمس وعكسها الى الخارج ما يؤدي الى انخفاض الرطوبة بسبب امتصاص الارض لهذه المادة، وهذا بدوره يؤدي الى انكماش في الكتلة الهوائية ما يحيل الى منخفضات جوية مفاجئة في طبقة الغلاف الجوي (الاسترانوسفير) والذي بدوره يؤدي الى تغيير للرياح وقد يخلق صواعق ورعداً وبرقاً من دون سقوط امطار.
ان مادة الكميتريل لا يمكن اعتبارها مادة سلبية فقط، إذ لديها من الايجابيات ايضا لكن ذلك يعتمد على مستخدميها بالدرجة الاساس، انه يعتبر وسيلة ردع كيمياوي من شأنها ان تقوم بتصفية ضوء الشمس وبالتالي يقلل الاشعة فوق البنفسجية والذي يقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري ويفيد في الاستمطار في الاراضي القاحلة والتحكم بالمناخ لاهداف اقتصادية مثلما سعت الصين في الفترة 1995- 2003، حين استمطرت 3 ملايين متر مربع اي قرابة ثلث مساحة الصين وحصلت على 210 مليار متر مكعب من المياه وجاء ريعها من الزراعة في تلك السنة 1- 5 مليار دولار بتكلفة 265 مليون دولار.
ولكن عادة ما يتم استعمال هذه المادة لاجل اغراض تقوض من قوة الطرف الآخر كالزلازل الصناعية ونشر الجفاف والتصحر والتي قد تؤثر على الصحة كالامراض مثل ضيق التنفس والزهايمر لانه يحتوي على مادة الالمنيوم التي تؤثر على القلب والكبد، وقد يسهم في زيادة الاحتباس الحراري وخصوصا في المناطق والمدن الكبيرة ذات الزخم السكاني وسير العربات، ويؤكد المراقبون للاشعة الشمسية ان الارض فقدت ما يقارب الـ 22 بالمئة من اشعة الشمس نتيجة استخدام غاز الكميتريل.
ان اول من اكتشف غاز الكميتريل هم السوفيت في اوائل القرن العشرين، على يد الباحث الصربي "نيقولا تسيلا" الذي اكتشف الموجات الكهرومغناطيسية وكيف يمكن صناعة الاعاصير الصناعية، ومن ثم تلته الصين في هذا المجال، اما الولايات المتحدة الامريكية فأنها بدأت بتصنيعه وتطويره بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واطلقت عليه الادارة الامريكية اسم السلاح الزلزالي.
ان المثير في الأمر هو ان الادارة الامريكية سعت بجهود كبيرة للحصول على الموافقة سواء من منظمة الصحة العالمية او الكونغرس الامريكي او الامم المتحدة طوال الفترة التي تلت الانهيار السوفيتي حتى حصلت على الموافقة في عام 2000 ولكن المشروع جوبه بالرفض من الكونغرس الامريكي وبعد مناقشات عدة تمت الموافقة عليه في عام 2003 باعتباره سلاحاً حقيقياً مضاعفاً للقوة، تحت عنوان (امتلاك الطقس في عام 2025). والتي يمكنها من خلاله التلاعب والتعديل في الطقس وفقا لاهداف استراتيجية في المستقبل.
ان هذا لا يعني ان الادارة الامريكية لم تعمد الى استعمال الكميتريل في الفترة التي سبقت الاعتراف به. اذ ان هناك تقريراً صادراً عن us air force في عام 1996، يتضمن ان الولايات المتحدة تسعى عن طريق البحوث والدراسات للتوصل الى امكانية السيطرة على الطقس، ويقول بريجنسكي في كتابه (بين حقيقتين)، "ان التكنولوجيا سوف تسمح للأمم الكبرى بأستخدام اسلحة غير مرئية لا يعرفها الا القليل من القوات السرية، وتمتلك وسائل للتأثير على الطقس فيمكن احداث اعاصير وجفاف تؤثر بها على اعدائها للقبول بشروطها".
وظهرت هناك اشارات من داخل الولايات المتحدة الامريكية ومن خارجها، منها المحاضرة التي القاها الكونيل (تامزي هاوس) احد الجنرالات في الجيش الامريكي والتي نشرت على موقع شبكة المعلومات الجوية الامريكية بالنص:
" ان الولايات المتحدة الامريكية ستكون قادرة في عام 2025 على التحكم بطقس اية منطقة في العالم عن طريق التكنولوجيا الجوية العسكرية غير النووية التي يتم اطلاقها من خزانات ملحقة بالطائرات النفاثة، مشيرا الى ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى لاستخدام تقنية الكميتريل كجزء اساسي من الادوات الرئيسة في الحروب المستقبلية".
ويشير عالم الطقس الكندي (ديب شيلد)، من خلال عمله في مشروع الدرع الامريكي في عام 2003 الى انه كشف عن وثائق سرية مخفية تحت عنوان (هولمز ليد)، قرأ فيها ان هناك وقائع سرية عن استخدام غاز الكميتريل في العديد من الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، ومنها فوق كوريا وافغانستان واقليم كوسوف (اثناء الحرب الاهلية اليوغسلافية) واثناء حرب الخليج الثانية على العراق والسعودية.
واشار الدكتور منير محمد الحسيني استاذ مكافحة البيولوجية وحماية البيئة والمناخ، الى ان علماء الفضاء والطقس في امريكا اطلقوا الكميتريل في المرة الاولى فوق اجزاء كوريا الشمالية، ما ادى الى تحول الطقس هناك الى طقس جاف وتم اتلاف المحاصيل والارز والغذاء الرئيس والى موت الالاف شهريا. حيث توفي 6.2 مليون طفل و1.2 مليون بالغ في الفترة ما بين 2002- 2004. المثير في الامر ان الدول المجاورة لها مثل الصين وكوريا الجنوبية لم تصب بهذا الجفاف، وهذا يوضح اهم مميزات الكميتريل باعتباره سلاحاً موجهاً الى اماكن محددة.
وتم استعماله في تورا بورا في افغانستان اثناء الحرب، وذلك عندما تم اطلاق غاز الكميتريل عن طريق الطائرات الامريكية لغرض تجفيف النظام البيئي في المنطقة لاحداث عملية نضوب المياه في المنطقة، ما يدفع المقاتلين الافغان الى الفرار والخروج من المخابئ فيسهل اصابتهم.
وكذلك ما تم اعلانه عن وكالة ناسا في عام 1991 التي تؤكد اطلاق الكميتريل فوق العراق قبل حرب الخليج الثانية من قبل الولايات المتحدة الامريكية، بعد تحميله بالسلالة النشطة من الميكروب المهندس وراثيا لحساب وزارة الدفاع الامريكية للاستخدام في الحرب البيولوجية، ويشير الدكتور (ارث نيكلسون) الى انه كشف عن استعمال الولايات المتحدة هذا الميكروب من خلال استخراج تحليلات الحامض النووي للجنود الامريكان الذين عادوا الى الولايات المتحدة بعد اصابتهم بهذا الميكروب، واستنتج انه تم تطعيمهم باللقاح الواقي من هذا الميكروب قبل ارسالهم الى العراق. وبالرغم من ذلك زعمت واقرت وزارتا الدفاع والصحة الامريكيتان بأنه مرض غير معروف واطلقوا عليه تسمية (مرض الخليج).
وفي حرب يوغسلافيا وتحديدا فوق اقليم كوسوفو، رصدت الاقمار الصناعية الروسية وجود سحب الكميتريل التي اطلقتها طائرات حلف الاطلسي وطائرات البوينج المدنية المتعاقدة مع مشروع الدرع الصاروخي، وكانت الغاية من استخدامه فوق السحب هي زيادة شدة البرودة في الشتاء كأجراء تعجيزي يهدف الى الحد من حركة المقاتلين والمواطنين مع التسبب في الموت بردا.
والملاحظ ان المفاجأة التي اصطدمت بها منطقة الشرق الوسط هي حدوث زلازل في المدة الاخيرة بالرغم من ان هذه المنطقة بعيدة عن خط الزلازل، وحدث في الفترة الاخيرة العديد من الزلازل وارتفاع في درجات الحرارة والفيضانات وهي حالة لم تكن تصيب هذه المنطقة حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الى اتساع الفجوة في الغلاف الجوي والتي تمنع من تقليص الحرارة التي تسلطها اشعة الشمس، واسباب زيادة الفيضانات هي ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات بسبب ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي الى ذوبان الثلوج في المناطق الجليدية ما يؤدي الى حدوث فيضانات، اما اسباب الزلازل فهي التغيير في الطبقات التكتونية للكرة الارضية وبسبب حركتها ما يؤدي الى حدوث تشققات في الغلاف الخارجي للكرة الارضية مؤدياً الى احداث زلازل مدمرة، لكن في الحقيقة ان هذه الحالات والكوارث هي مصطنعة ويمكن ارجاع اسبابها الى استعمال الكميتريل عن طريق السحب من خلال الطقس او من خلال الانظمة البيئية.
ويمكن ان نعطي مثالا آخر هو الاعصار الذي اصاب عمان والذي اطلق عليه (اعصار جونو) وأدى الى خسائر كبيرة وأحدث خراباً وتدميراً كبيراً جدا وكان الاعصار اول ما ظهر في سلطنة عمان وبعدها توجه الى ايران، وتشير المصادر والبحوث الى انه لم يكن يستهدف عمان بالدرجة الاساس وانه اعصار مصطنع ساهمت فيه كل من الولايات المتحدة واسرائيل وكان الهدف الرئيس هو ايران ولكن بسبب خطأ في بعض التقديرات والارقام الحسابية تحول الاعصار الى عمان في اوج قوته وعندما وصل الى ايران فقد قوته التدميرية، ما أسفر عن نتائج مدمرة قليلة نسبياً.
ويذكر الدكتور الحسيني ان الولايات المتحدة الامريكية سوف تعمد الى استعمال مثل هذه التقنية في المستقبل لكي توجهها الى كل من كوريا الشمالية وايران لثنائها عن برنامجها النووي ويمكن ان تستعمله من دون ان تشعر به هذه الدول عن طريق خلق اعاصير ذات الدرجة الخامسة والتي تبلغ سرعتها 250 كم بالساعة وهي ذات قدرة على التدمير الشامل.
بالتالي فأن العالم قادم على حروب يسميها البعض خيالية إلا انها في الحقيقة واقعية، لكن بسبب التطور التكنولوجي وزيادة الجمود الفكري للانسان ونتيجة أجهزة الكومبيوتر والانترنت والتواصل الاجتماعي التي أدت الى ضعف الثقافة الفكرية، يمكن التكهن بان العالم مهدد بحروب تدميرية تدار بصورة غير مباشرة وليس كما كانت عليه في السابق بالغزو والاحتلال وانما بالحروب الغامضة التي ستظهر على انها كوارث طبيعية، ويكون الكميتريل الاداة الرئيسة في هذه الحروب، وهنا يطرح السؤال التالي:
بما ان الكميتريل يعتبر احدى الادواب الرئيسة في الحرب الجيوفيزيائية، وان هذه المادة تعتبر من ادوات اسلحة الدمار الشامل.
هل ستسعى الدول من خلال تجمع دولي او اتفاقية دولية او من خلال منظمة الامم المتحدة للتوصل الى اتفاق بشأنه وان يحظر استخدام وحيازة وتطوير ونقل وانتاج وتخزين وتمويل مثل هذه المواد وصناعتها؟
وهل يمكن ان توضع لجان تفتيش لضمان تنفيذ مثل هذه الاتفاقية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ماجستير في السياسة الدولية