عام 1970 خاطبنا مدير معهد المعلمين في البصرة وهو قادم من ألمانيا الشرقية سابقا بشأن مهمة المعلم الموكلة الينا مستقبلا.. حيث قال: الألمان وجدوا بلادهم بعد الحرب العالمية الثانية خرابا ورمادا.. انتفضوا على انفسهم بروح وهمة وطنية عالية ودعوا اهل الحل والعقل إلى مناقشة من أين يبدأ بناء ألمانيا بعد النازية؟

الجميع اتفقوا على ان البداية هي المعلم وهو نواة بناء البنى التحتية وتأكدوا بعد الرصد والتوقيف على تهيئة معلم قادر على القيام بهذه المهمة حتى اصبحت المانيا التي نراها الان.. وكذلك اليابان وتجارب اخرى في العالم.

وقبل عام 2003 انتشر العراقيون في أنحاء العالم, والغريب انهم دخلوا الى اواسط افريقيا واسرائيل بحثا عن لقمة العيش.

وبعد عام 2003 ابتدأت رحلة العراقيين الجديدة, ولكن المؤسف أن الامور تسير من سيء الى اسوأ حتى وصلت الرحلة الى تصفير ميزانية عام 2015 وضياع ميزانية 2014 وما ان نخرج من نفق حتى ندخل في آخر اكثر ظلاماً من الصراع الطائفي والسياسي ويزداد الصراع على توزيع المغانم والمكاسب والحصص. والفقراء من شعبنا يدفعون الثمن واقفين على حافتي دجلة والفرات منتظرين الأحسن خلال 12 سنة ولم يأت. الذي اريد ان اذكره يخص تدهور القيم الاخلاقية وتردي الوضع الاجتماعي والامني في المحيط الذي اعيش فيه خلال شهرين من أواخر عام 2014, والذي حدث:

1- شاب قام بقتل اولاد عمه الثلاثة بإيعاز من والده ولأسباب لا تستحق هذه الجريمة البشعة وأمام الملأ وفي النهار ولاذ بالفرار.

2- أحد الملالي قتل ابنته الحامل وزوجها وابنتها في وضح النهار وفي منظر بشع يندى له الجبين، عدد القتلى 4 اشخاص ولاذ بالفرار.

3- حادث مخجل ولم يحدث في مجتمع سوق الشيوخ سابقا, حيث تم حرق زوجة احد القضاة مع طفليها في الساعة الواحدة ظهراً, قام به احد افراد حمايته بعد محاولته سرقة مبلغ يعود إلى القاضي والمبلغ سلفة وعندما عرفته زوجة القاضي وهو ملثم قام بارتكاب تلك الجريمة البشعة.

4- قتل امرأة من مواليد 1958 ولديها أولاد متزوجون بسبب الطمع من جانب أخوانها.

تلك نماذج من الجرائم المعروفة لنا في وضح النهار.. فما بالنا بالحوادث الخفية والفساد المستشري والبيع والشراء بطرق غير اصولية.

اما في مجال الصراع العشائري وخاصة في المناطق الجنوبية في الناصرية والعمارة والبصرة فالضحايا عشرات الأشخاص.

يا أهل الحل والعقد, أما ترون التدهور في الاخلاق والتمزق في النسيج الاجتماعي؟

أدعوا الناس إلى الأخلاق كما نراها في المجتمعات المتطورة القريبة والبعيدة. ادعوا الناس من على المنابر إلى عدم الإساءة وزيادة التلاحم والمحبة.

اعقدوا الندوات بإشراف أشخاص لهم شأن في التربية وعلم النفس في أجواء ديمقراطية وبروح منفتحة لإنهاء ثقافة العنف والسلاح والقتل، وخاصة إيقاف الاعتداء على المذاهب بالقذف والسب والشتم.

واجعلوا مناسباتنا فرصة لنشر المحبة والطمأنينة التي بشر بها الامام علي (ع). ولنا أمل كبير في تجاوز هذه المحن وأن نجد الأمان بدلا من التدهور الحاصل لدينا.