المنبرالحر

شراء المنتجات المصنعة في العراق / إبراهيم المشهداني

يعاني الاقتصاد العراقي منذ فترة طويلة من أحادية الجانب باعتماده شبه التام على إنتاج وتصدير البترول وإهماله شبه التام للقطاعات الإنتاجية الأخرى وخاصة الصناعة والزراعة ، ويجد ذلك تعبيره في النسبة المنخفضة من تخصيصات الموازنات السنوية التي لا تزيد في كلا القطاعين على 7 في المئة وضعف مساهمتهما في الإنتاج المحلي الإجمالي ، ويعود السبب في ذلك إلى الانعطاف نحو سياسة اقتصاد السوق التي لم تحقق خلال السنوات العشر الاخيرة اية نسبة من النجاح لان هذه السياسة التي رسمت ملامحها سلطة الاحتلال لم تتخذ على اساس واقع وحاجات الاقتصاد العراقي وإنما من خلال رؤية نظرية مسبقة فإذا حققت النجاح في بلد ما فأنها اخفقت في بلدان عديدة . إن فشل هذه السياسة بالرغم من الاجراءات الكثيرة التي اتخذتها الحكومة والتي لم تحقق شيئا على الارض ، يتطلب مراجعة جذرية لمنظومة السياسات والإجراءات التي اتخذت بصورة مختزلة بعيدا عن واقع الاختلال البنيوي في الاقتصاد وإعادة بناء القاعدة التحتية للمنشآت الاقتصادية.
ويبدو ان هذا الواقع اخذ يقلق الحكومة ويؤرق الوزراء الذين يقودون الوزارات الانتاجية لذا اتخذت الحكومة إجراءات رغم أنها جزئية إلا أنها تصب في الاتجاه الصحيح ، فقدت اصدرت الامانة العامة لمجلس الوزراء دائرة المتابعة والتنسيق الحكومي بكتابها ذي العدد 25670 في 21/8/2013 اعماما يتضمن تأكيدها على ضرورة شراء المنتجات المصنعة محليا من القطاع العام والمختلط والخاص دون تمييز تشجيعا للصناعة الوطنية ، وهذا الاعمام يؤشر اعتراف الحكومة بأهمية هذه القطاعات في عمليات التنمية الامر الذي يوجب على كافة الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة اخذ هذا الاعمام بمنتهى الجدية والاهتمام ، اذ ان هذا التوجه سيزيد من منحنى الطلب على المنتج الوطني.
ولكن السؤال المهم في هذا المجال: هل نواتج القطاعات المذكورة تكفي لسد الحاجة اليها من حيث الكم والنوع؟ في ظل إهمال مقصود لهذه القطاعات تنفيذا للسياسة الاقتصادية التي رسمها المحتل . والخرائط الكثيرة التي رسمتها هيئة المستشارين الهادفة الى تصفية الشركات الحكومية التابعة لوزارة الصناعة عن طريق هيكلتها بالرغم من دعوات الكثير من الخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي الى اعادة تأهيل المصانع من اجل اعادة دوران عجلتها وإعطاء الاهتمام الكافي للقطاع الصناعي الخاص المتوقف منذ تسعينات القرن الماضي نتيجة للحصار الاقتصادي وعدم توفر السيولة النقدية لدى أصحابها تكفي لإعادة تشغيلها ومن اجل تفعيل اعمام الامانة العامة لمجلس الوزراء آنف الذكر لا بد من اتخاذ الخطوات التالية
1. وضع إستراتيجية صناعية واضحة وإعطاء الأولوية للصناعة التحويلية التي تعتبر رافعة الاقتصاد الوطني حيث تراجعت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 6 في المئة عام 1979 الى 3 في المئة عام 990 ومن ثم إلى 1,7 في المئة عام 2008 ، مع تأمين المساهمة الفاعلة لممثلي القطاع الخاص والعاملين وسائر اطراف العملية الإنتاجية وعرضها على مجلس النواب لإصدار التشريع المناسب لتوفير عنصر الإلزام .
2. إعادة النظر في معايير التقييم لدراسة الجدوى الاقتصادية الواجبة لتقييم واقع المنشآت والمشاريع الاقتصادية ومواءمتها مع الأهداف المستقبلية المرجوة للقطاع الصناعي .
3. الاسراع في عملية اعادة تأهيل المصانع والشركات التابعة الى وزارة الصناعة في ضوء الجرد الذي يحدد المصانع القابلة وغير القابلة للتأهيل وبحسب حجم الضرر الذي اصابها .
4. تفعيل قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 والكف عن التأجيلات غير المبررة التي تصب في مصلحة حيتان التجارة والتي تتعارض مع الاسباب التي دعت الى تشريعه وفي مقدمتها حماية المنتج الوطني .
5. تفعيل العمل بنظام ادارة الجودة وفق المقاييس الدولية بهدف تحسين نوع المنتج الوطني وتلبية احتياجات الطلب المحلي موضوع بحث اعمام الامانة العامة في اعلاه وصولا الى تقليص استيراد المنتج الاجنبي الرديء وتوفير العملة الصعبة .
6. ايلاء اهتمام خاص بالقطاع الصناعي الخاص ودعم متطلبات دوران عجلته التي تتمثل بإعفاء الصناعيين من الديون القديمة المترتبة بذمتهم والتي عجزوا عن الايفاء بها نتيجة لتوقف مصانعهم بسبب الحروب والحصار الاقتصادي وتزويدهم بقروض ميسرة عديمة الفائدة أو بفوائد قليلة ، وهذه الخطوة تنسجم تماما مع اقتصاد السوق الذي سارت عليه الدولة وثبت في الدستور العراقي.