اخيرا قالت اوراق الانتخابات البرلمانية كلمتها الفصل، بعد انتظار وترقب قرابة العشرين يوما ،واسفرت نتائج صناديق الاقتراع، عن ارقام حددت حصص الكتل السياسية المرشحة من مقاعد البرلمان العراقي القادم، لا ننكر ان النتائج كانت مخيبة لتوقعات البعض ممن لم يشتروا ذمم الناخب او يبتزوا ارادته ، ومغايرة لطموح التغيير الذي ينشده البعض كالنساء مثلا عبر احراز مراكز لا بأس بها لمن تمثلهن في البرلمان الجديد، نعم لم تفز بعض مرشحات كنا نتوسم بهن خيرا، لكنها لم تخيب ظن اصابعنا حين انتخبت امرأة تمتلك كل هذه الشجاعة والتي يقل نظيرها عند بعض الرجال ، لنرفع قبعاتنا وننحني تقديراً لابنة الناصرية هيفاء الامين. كان لرسالتها الوقع المطمئن لنفوسنا وشدّ لعزمنا لان رحلة التغيير بدأت ولم تنته بعد، ان الامل باقامة الدولة المدنية التي باتت حاجة انسانية اكثر منها مطلبا سياسيا مازال يحدونا ولم يغادرنا بعد.
ربما كان انشغال الحكومات السابقة بالتناحر والمناكفات السياسية، سببا لاستبعاد المرأة وبشكل غير مقبول ولا مرضي، وخير دليل على ذلك التنازل العكسي لاستيزار المرأة في الحكومات ما بعد عام 2003 ، حتى استقرت على وزارة واحدة في الحكومة السابقة ولوزارة شكلية لا صلاحيات لها ، كما همشت دور المرأة سياسيا في لقاءات المصالحات وحل النزاعات والصفقات العسكرية وغيرها، فلم تعر اهمية تذكر لنصف المجتمع المعطل، ولم تحاول جهدها التفكير في كيفية رفع العصي من دولاب تأهيل وتطوير المرأة عبر اشراكها بالعملية السياسية الجارية، رغم توقيع العراق اتفاقية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (1325) بشأن المرأة والسلام والأمن، وربما تتحمل المرأة جزءا من المسؤولية فهي ارتضت ان تهمش في الادوار السياسية الحكومية ،ناهيك عن سعي الحكومة لتشريع القوانين المجحفة بحقها.
كان الطموح ان تتمخض الانتخابات البرلمانية الجديدة ، عن دور اكبر للنساء الديمقراطيات، ليكون صوت المرأة حاضرا في اروقة البرلمان، رغم ان نضال المرأة تكلل بالحفاظ على نسبة الكوتا النسوية لكن الشكوك تساورنا بشأن احتمالية تغييب المرأة في تشكيلة الحكومة الوزارية الجديدة مرة اخرى، وبحجة عدم الكفاءة او قلة الامكانات المتاحة للمرأة. وقد تجد الحكومة الجديدة من يساندها في هذا الامر من عضوات البرلمان انفسهن فهن ابعد ما يكن عن مناصرة قضية المرأة، وباعتراف البعض منهن ، ان بعض النائبات كن مجرد مدافعات حقيقيات لصالح سلطان الرجل.
نتوسم خيرا بمن حصدن عددا من مقاعد البرلمان في ان يكن اهلا لقضية المرأة ، فاعداد الارامل والمطلقات بازدياد مضطرد في عراق غاب عنه الامان، ولتكن صوت المرأة المغيب بتمثيل قوي على مستوى المناصب القيادية والوزارية.