بغداد - ناطق محمد
بعد إعلان النتائج النهائية، ومعرفة كل كتلة حجم مقاعدها في مجلس النواب، تجري وبوتيرة متسارعة تفاهمات حول شكل الحكومة المقبلة.
وفيما تؤكد القوى السياسية الفائزة عدم تجديد ولاية ثالثة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، تلفت إلى أن هناك توجها لتغيير جميع المناصب بما فيها الوزارية، وذلك لإبعادها عن الاحتكار لجهة دون أخرى.
وفي حديث لـ"طريق الشعب" أمس الثلاثاء، قال حميد معله القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي إنه "بعد الإعلان الأولي لنتائج الانتخابات وقبل المصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية أصبح واضحا حجم كل كتلة"، موضحا إن "الكتل السياسية بدأت حراكا جيدا مع بعضها البعض، ومن ضمنها كتلة ائتلاف المواطن الذي يسعى لتشكيل حكومة فريق واحد منسجم".
وأضاف معله أن "كتلة المواطن بدأت تحاول تشكيل التحالف الوطني بشرط أن يكون مؤسسة فاعلة منضبطة بنظام داخلي"، مشيرا الى ان "المجتمع العراقي يتكون من مكونات عدة والنظام الانتخابي حسب النتائج الأولية لم يأت بنتائج فوز كاسحة لكتلة معينة، فلا بد من ان يكون هناك حراك قوي، على أمل تشكيل حكومة عابرة للطائفية، منسجمة وقوية".
وأوضح القيادي في المجلس الاعلى إن "هناك دعوات كبيرة لتغيير شخصيات الرئاسات الثلاثة، كما إن هناك دعوات لتغيير المناصب بالنسبة للكتل، ودورانها، كي لا تكون حكرا لكتلة معينة، وخاصة منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان"، لافتا إلى ان "منصب رئاسة الوزراء سيكون لأحد شخصيات التحالف الوطني".
بدوره، رأى عبد الجبار السعدي الخبير السياسي أن " صعوبة التحالفات القادمة تصعب من عملية تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك لوجود شبه استحالات في تحالف بعض الكتل مع بعضها"، موضحا أن "العملية الديمقراطية في العراق لا تسير في مسارها الصحيح، بسبب ان الرواسب الاجتماعية والطائفية والعرقية لا تزال موجودة، وهذا يؤدي إلى وضع خطوط حمراء بين الكتل السياسية، بالتالي أصبحت بعض الكتل تمثل الطائفة أكثر مما تمثل السياسة".
وأضاف السعدي في حديث مع "طريق الشعب" أمس، إن "صعوبة تشكيل التحالفات تؤدي إلى التدخل الخارجي في تشكيل الحكومة"، لافتا إلى أن "اغلب الكتل تريد إجهاض الولاية الثالثة للمالكي، ولكن هناك توافقا على ان يكون رئيس الوزراء من التحالف الوطني حصرا سواء من دولة القانون ام من الكتل الأخرى".
وبيّن المحلل السياسي ان "فرص استبعاد المالكي عن منصب رئيس الوزراء أكثر من فرص بقائه، لان كتل التحالف الوطني لديها إمكانية التحالف مع كتل أخرى من خارج الوطني، بينما دولة القانون من الصعوبة أن يتحالف مع كتل خارج التحالف الوطني"، مستبعدا ان "تكون هناك ضغوطات خارجية لإعادة المالكي لولاية ثالثة".
من جانبها، اعلنت كتلة الاحرار عن مباشرتها حوارات حول تشكيل الحكومة المقبلة. وفيما شددت على عدم "خروج" رئاسة الوزراء من التحالف الوطني، ألمحت الى ان العراق لا يمكن ان يحكم "بمكون" واحد.
وحصلت قوائم التيار الصدري الثلاث وبضمنها كتلة الأحرار على الموقع الثاني في نتائج الانتخابات العامة برصيد 34 مقعدا بعد ائتلاف دولة القانون الذي حصل على 95 مقعدا، فيما جاء ائتلاف المواطن ثالثا بواقع 31 مقعدا.
وقال أمير الكناني في مؤتمر صحفي بحضور النائبين جواد الجبوري وحسن الجبوري، وحضرته "طريق الشعب"، إنه "باشرنا العمل مع شركائنا الوطنيين للبدء في الحوارات لتشكيل الحكومة القادمة، التي تقوم على أساس المواطنة وبناء مؤسسات الدولة، وتبتعد عن التهميش وإقصاء الشركاء، وتحافظ على سيادة العراق ووحدة شعبه وأرضه، وتحافظ على كرامة مواطنه وتقدم الخدمات وتبتعد عن خلق الأزمات". واردف ان "قوائم التيار الصدري حصلت على 34 مقعدا على الرغم من الاستبعادات غير المبررة لمرشحينا والخروقات وعمليات التزوير المنظمة التي صاحبت عملية الانتخاب". إلى ذلك، قال المحلل السياسي إحسان الشمري، إن لغة التوافق ستبرز في المفاوضات بين الكتل الفائزة لتشكيل الحكومة المقبلة.
وأضاف الشمري لـ (IMN)، أن "نتائج الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات تلمح إلى امكانية تكرار حكومة الشراكة أو المحاصصة، لان المفاوضات لتشكيل الحكومة جرت في وقت مبكر بين أغلب الكتل".
وأوضح أن "من يكسب هذه المفاوضات مع الأطراف الأخرى، هو من سيشكل الحكومة أو الكتلة النيابية الأكبر، في الأيام المقبلة".
من جهة أخرى، وبعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، بدأ دولاب الحراك السياسي لتشكيل التحالفات بالدوران؛ إذ تسعى جميع الكتل السياسية للإسهام "بشكل فاعل" في التشكيلة الحكومية الجديدة.
ولم تفلح جميع الكتل السياسية في الحصول على المقاعد التي تعزز موقفها في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد حصول ائتلاف دولة القانون على المركز الأول بـ 95 مقعداً، وبفارق كبير عن بقية الكتل، الأمر الذي دفع تلك الكتل للتفكير بالتحالف "برغم اختلاف الرؤى والمواقف" في ما بينها لتنافس "دولة القانون" وحده.
ولم تستطع قوائم العربية ومتحدون والوطنية ـ كل على حدة ـ حصد الأصوات التي تؤهلها لان تكون عنصراً مؤثراً وضاغطاً في الوقت عينه على الحكومة الجديدة والبرلمان الجديد، ما دفعها للتفكير بالائتلاف معاً وتشكيل تحالف جديد أطلقوا عليه اسم "التحالف الجامع".
في حين، أكدت آلا الطالباني النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الجمهورية جلال الطالباني ان "الكتل الكردستانية اجتمعت وشكلت لجنة للتحرك صوب الاحزاب الفائزة، والحوار مع كل الكتل السياسية الفائزة"، مشيرة الى انه "لا يوجد لدينا مرشح محدد لرئاسة الجمهورية"، لكنها استدركت قائلة "اننا نعتبر منصب رئاسة الجمهورية استحقاقا للكرد". واشارت الى ان "اي منصب قيادي في بغداد هو من استحقاق الاتحاد الوطني الكردستاني وباتفاق الكتل الكردستانية والاطراف السياسية العراقية الاخرى، وسيكون لنا مرشح لتولي منصب رئيس الجمهورية".
من جانبه ابدى سالم دلي النائب عن ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه اياد علاوي امتعاضه من نتائج الانتخابات البرلمانية.
وقال دلي "نحن غير راضين عن نتائج الانتخابات، والموضوع الآخر المؤسف هو ان الشعب وضع الكتل السياسية في معادلة صعبة وحرجة، في وقت كان الشعب يبحث عن التغيير والحلول".
فيما بحث وفد حزب الفضيلة الاسلامي "ائتلاف الفضيلة والنخب المستقلة" مع صالح المطلك رئيس القائمة العربية نائب رئيس الوزراء لشؤون الاعمار والخدمات، الاسراع في تشكيل الحكومة الجديدة.
وذكر بيان لحزب الفضيلة إن هناك أملاً "في أن يتمكن التحالف الوطني من تسمية مرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة ضمن المدة الدستورية، كي تنطلق عملية تشكيل الحكومة الجديدة وتباشر مهامها في أسرع وقت"، مشيراً الى "مساعيه الحثيثة في انجاز هذه المهمة الحيوية بالتعاون مع شركائه في التحالف الوطني".
وأكد "تطابق وجهات النظر حول ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وطنية تضم جميع الأطراف المؤمنة بالعملية الديمقراطية وفق برنامج عمل حكومي متفق عليه يتجاوز عقاب الماضي وتلكؤاته، ويعزز مشاركة الجميع في بناء الواقع على أسس العدالة الاجتماعية وحفظ كرامة المواطن وحقوقه الاساسية، وفق مبدأ المواطنة ونبذ الطائفية المقيتة وتساوي الجميع امام القانون".