مجتمع مدني

ماذا عن معاناة العاملين بالأجور اليومية..؟

حياة العمال ــ التحقيقاتمن صفة عاطل عن العمل إلى صفة أجير يومي انتهت رحلة الشاب أحمد على سياج أحدى دوائر الدولة بلافتة سوداء كتب على وجهها ( تنعى فقيدها الراحل أثر حادث مؤسف ) وعلى الرغم من وجود هذه اللافتة إلا أن اسم الشاب احمد لم يدون في سجلاتها كونه موظفا بأجر يومي! أي أنه موظف من الدرجة العاشرة بعد الألف!... الشاب أحمد كعشرات الشباب الذين اجبروا على العمل في دوائر الدولة باجر يومي يتقاضوه يوميا أو شهريا حسب طبيعة العمل الذي يتراوح بين عامل خدمة في دوائر البلدية وبين محاسبين وإعلاميين ومهندسين في مشاريع الأعمار. فوارق متعددة يشعر بها موظفو الأجر اليومي وهم مجبرون على تقبلها، فعلى الرغم من خضوعهم الكامل لكافة التبعات القانونية المترتبة على موظفي الملاك الدائم ألا أنهم غير مشمولين بالمكافآت والحوافز فضلا عن الحقوق التقاعدية التي تمنح لموظفي الملاك الدائم، وتبعاً لهذه الفوارق تكون فرصة زواج موظفي الأجر اليومي أقل بكثير من موظفي الملاك الدائم وربما هذا ما جعل الشاب احمد ينهي حياته بلا زوجة ولا أطفال يحملون اسمه في الحياة.
هم كسائر موظفي الدولة على الملاك الدائم، يؤدون واجبهم بكل إتقان فهم يحضرون وفقا للزمن المحدد ويغادرون الدائرة مع الآخرين ولكن يتم تسريحهم في أي وقت رغم رواتبهم المتدنية التي لا تكفي كأجور نقل فيما يحلمون بيوم يكونون فيه أسوة بالموظفين المؤقتين أو على الملاك الدائم، علما أن اغلبهم من أصحاب الشهادات والتحصيل الدراسي المناسب ومن ذوي الخبرة في العمل.

حاجة وظيفية

على الرغم من تزايد أعداد الأجراء اليوميين في دوائر الدولة،وكل دوائر الدولة تعمل بوظيفة الأجر اليومي لسد حاجتها من الموظفين وهي أعداد ليست بالقليلة الا إن المسؤولين أكدوا أن تواجدهم يعد ضرورة ملحة للقضاء على مشكلة البطالة كونها من المشاكل التي تزيد من نفقات الدولة فكل مواطن يكلف الدولة مبالغ غير قليلة من المال،وبقاؤه بلا إنتاج سيضاعف العبء على الدولة، كما إن وجود عاطلين عن العمل من ذوي الشهادات والخبرات يؤدي إلى هدر وضياع الموارد البشرية والأيدي العاملة التي بإمكانها أن تسهم في تنمية الدولة..
أعضاء في البرلمان أكدوا أن استحداث هذه الوظيفة جاء لسد النقص الحاصل كون بعض الأعمال تكون وقتية ولا تحتاج إلى تخصيصات وظيفية على الملاك الدائم لذا تم استحداث الأجراء اليوميين الذين يعملون بشكل مؤقت حتى نهاية فترة العمل في المشروع.هذا الأمر يساهم في امتصاص البطالة وفي تمشية أعمال الدوائر الحكومية دون الضغط على وزارة المالية من خلال تخصيص رواتب ثابتة في حال تم تعيينهم على الملاك الدائم مع انتفاء الحاجة لوجودهم. أن استحداث وظيفة الأجر اليومي جاء لامتصاص البطالة من الشارع وإيجاد حلول جزئية لمشاكل العاطلين عن العمل وبالتالي الحصول على مبالغ تساهم في رفد مصاريفهم. والمحاولة في زيادة خبرات العاملين سواء من الخريجين أو غيرهم وإدماجهم في أدارة المشاريع فضلا عن المساهمة في توفير مبلغ من المال وان كان بسيطا لكنه يساعدهم في سد بعض احتياجاتهم الحياتية، وان هناك طلبات كثيرة من قبل الخريجين وغير الخريجين للعمل في دوائر الدولة يقابله عدم وجود درجات وظيفية مخصصة مع الحاجة للموظفين،لذا يتم اللجوء الى التعاقد مع موظفين بأجور يومية. وقد أدت الأعداد المتزايدة في طلبات التعيين إلى وجود ضغط كبير من قبل العاطلين عن العمل للحصول على تعيين بأجور يومية إلا إنه ليس بالإمكان استيعاب كل الإعداد كون المبالغ المخصصة من المشاريع لهذا الأمر غير كافية لاستيعاب الدرجات الوظيفية كافة.

التحول إلى ملاك دائم

طالب معظم موظفي الأجر اليومي في بعض الدوائر الحكومة المحلية، بإيجاد فرص عمل على الملاك الدائم، مشيرين إلى أنهم اكتسبوا الكثير من الخبرات والمهارات التي بإمكانها أن تخدم البلد خاصة وان عددا غير قليل منهم من حملة الشهادات الجامعية وباختصاصات مهمة لا يمكن الاستغناء عنها .
أن موظفي الأجور اليومية والعقود والملاك هم من يسير العمل ألان في البلاد وكل حسب شهادته وخبرته، لكن للأسف لا يوجد قانون يحميهم ، ولكن هم الفئة المظلومة ألان في دوائر الدولة ومؤسساتها وهم من يعمل حتى أيام الجمع والعطل ويوم توزيع الراتب. لذا من الضروري أن يتم الالتفات إلى هذه الشريحة من الموظفين الذين عانوا الأمرين جراء انتظار أخبار تدخل السرور الى قلوبهم. فالعديد منهم لا زالوا ومنذ ما يقرب من الخمس أو الست سنوات بلا أمل بالتثبيت مع الأخذ بنظر الاعتبار أنهم يتقاضون أجورا لا يمكن لها أن تعينهم على مواجهة مصاعب الحياة لاسيما أرباب الأسر منهم، وبالتالي فتثبيتهم على الملاك الدائم أو تحويلهم لموظفي عقود سيكون بمثابة بلسم لآلامهم التي طال أمدها.

الحاجة لضمان اجتماعي

ناشطون في حقوق الإنسان والمجتمع المدني أكدوا على وجوب شمول العاملين بالأجر اليومي بالحقوق الوظيفية أو جزء مما يتمتع به أقرانهم من الموظفين على الملاك الدائم، وأوضح المحامي ( ثامر التميمي ) : بأن خضوع العامل بالأجر اليومي للمسؤولية القانونية في حال عدم التزامه بالضوابط يدعو إلى ضرورة تمتعه بالامتيازات والحقوق التي تنص عليها قوانين العمل، مؤكدا على ضرورة مناقشة هذا الأمر من قبل المختصين في الحكومة المحلية ورفع مطالباتهم للحكومة المركزية أو البرلمان من أجل القضاء على التناقضات. وبين الشاب ( مصطفى عبد الأمير ) الذي كان يعمل باجر يومي في البلدية لما يزيد على ثلاث سنوات : إن تركه العمل جاء نتيجة للانتظار غير المنطقي لفرص التعيين أو الشمول بضمان وظيفي يؤمن حياة أفراد عائلته في حال أصابه أي مكروه وأضاف قائلا :- العمل باجر يومي لا يوفر لنا الضمان فضلا عن ضرورة الالتزام بالدوام الرسمي الذي يضيع الكثير من وقتنا من اجل بضعة آلاف نجنيها من وقوفنا في الشارع وتحت وطأت الحر والجوع في حين أننا نعمل في المعامل الأهلية بعيدا عن المؤثرات الجوية. أما العامل (حيدر عبد الواحد ) يذكر : أن عمال الأجور اليومية العاملين في دوائر ومؤسسات الدولة لا يحصلون على أية امتيازات وظيفية أسوة بباقي موظفي الدولة. مبينا أن العطل والمناسبات لا يتم فيها احتساب أجور لهم مما يضيف هماً ومعاناة أخرى إلى همومهم الحياتية والمعيشية الصعبة. ويقول أن جل عمال الأجور اليومية هم من الفقراء وضعيفي الحال ويعيلون عوائل كبيرة، ويطالب بان تحتسب لهم الأجور أيام العطل والمناسبات كغيرهم من موظفي الدولة الذين لا تتاثر رواتبهم بالعطل والإجازات.ويشاركه في الرأي العامل باجر يومي (سجاد احمد ) الذي قال : أن كثرة العطل والمناسبات باتت سببا في قطع أرزاق عوائلنا, ومن غير الإنصاف أن لا تحتسب أجورنا خلالها كوننا نعيل عوائل تعتمد في معيشتها على ما نحصل عليه من أجور يومية. مطالبا باحتساب نصف الأجر على الأقل عن كل يوم عطلة.ويشير العامل ( أيمن عامر ) : إلى صعوبات حياتية يعيشها عمال الأجور اليومية تتمثل في كونهم من الفقراء ولا توجد لهم مصادر رزق إضافية أو بديلة يستطيعون من خلالها تأمين قوت عوائلهم خلال أيام العطل التي تحجب فيها أجورهم اليومية.فيما يبين (كريم كاظم ) : أن بعض عمال الأجور اليومية يضطرون أثناء العطل إلى البحث عن عمل بديل في قطاع البناء الأهلي بدلا من الركون إلى الراحة، نتيجة العوز واعتماد عوائلهم في معيشتها على مايحصلون عليه من أجور يومية. وأوضح أن البحث عن عمل بديل خلال العطل لا يمكن أن يوجد بسهولة نظرا لكثرة العاطلين عن العمل من الشباب الباحثين عن أية فرصة للعمل وتوفير قوت العائلة اليومي.
هذه المعاناة تتطلب سن تشريعات لحماية هؤلاء العاملين وإعطاءهم حقوقاً لان دول العالم تعطي حقوقاً وظيفية للعاملين في القطاع الخاص تؤمن لهم ولعائلاتهم العيش بأمان في حال حدوث أية مخاطر أثناء الوظيفة.لعل أكثر الشرائح تضررا بشكل مباشر من كثرة العطل والمناسبات هم العاملون في دوائر ومؤسسات الدولة بصفة عمال أجور يومية، إذ تحجب عنهم الأجور في العطل والمناسبات ما يشكل عبئا مضافا إلى قائمة معاناتهم المعيشية.