- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 11 كانون2/يناير 2015 12:18

ما حدث يوم الأربعاء من عملية إرهابية في يمثل جريمة مروعة يدينها كل أحرار العالم. وإننا في التيار الديمقراطي العراقي، نعلن إدانتنا واستنكارنا بأشد ما تكون الإدانة ويكون الاستنكار لهذا العمل الإرهابي، كما نعبر عن تعاطفنا كديمقراطيين عراقيين مع الضحايا، ومع ذويهم ومحبيهم، ومع الشعب الفرنسي. ونعلن تضامننا مع جميع ضحايا الإرهاب، ودفاعنا عن حق
حرية التعبير وحرية الصحافة.
إن ما يزيد من حجم وخطورة هذه العملية الإرهابية، إنها علاوة على كونها قتلا لاثني عشر ضحية من المواطنين الفرنسيين الأبرياء، فهي تمثل استهدافا صارخا لحرية التعبير، وحرية الصحافة، ولقيم التسامح واحترام التنوع. ومما يضاعف من استنكار هذه الجريمة، أنها ارتكبت من أشخاص ضيفهم البلد الذي ارتكبوا هذه المجزرة فيه، ومنحهم كامل حقوق المواطنة، وجعلهم يتمتعون بالحرية، بما لم يتمتع أكثرهم بها في بلدانهم.
وإن هذه العملية الإرهابية، ليست إلا حلقة من حلقات الإرهاب العالمي، لابد أن تشكل جرس إنذار آخر لدول العالم أجمع ، ليتأكد لها حجم خطورة القوى الإرهابية. ومن هنا لا بد من وقفة عالمية مسؤولة لمواجهة هذا الخطر، لاسيما وإن الإرهاب قد تحول الى ظاهرة دولية، بحيث لم تعد تشعر أية دولة أنها بمنأى عنه، مما يتطلب تضافر الجهود في محاربة الإرهاب.
وإن مواجهة ودحر الإرهاب العالمي، لا يكون بمعزل عن مسؤولية المجتمع الدولي في دعم العراق في حربه التي يخوضها ضد تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية، فالعراق بات يحتل موقع الصدارة في هذه الحرب التي اتسعت ساحاتها لتشمل قارات العالم جميعا، ليس فقط لما يواجهه من قتل جماعي يومي، واستباحة لكل الحقوق والقيم الإنسانية على يد الإرهاب، ويعانيه من التطرف والتكفير وضعف ثقافة تسامح، وإنما لامتلاك، تنظيم داعش، اعتى قوى الارهاب واشدها وحشية وظلامية، السيطرة على ارض تقارب مساحتها ثلث مساحة العراق نصب عليها خليفة ويعمل ليجعل منها قاعدة ومركزا لقوى الارهاب في العالم يقدم لها كل انواع الدعم للقيام بعمليات ارهابية، لذا فإن دحر الإرهاب في العراق سيضعف كثيرا من فاعلية هذه القوى الظلامية في المنطقة والعالم.
ولأجل القضاء على الارهاب، يجب أن لا تقتصر محاربته امنيا وعسكريا، بللا بد وان تشمل العوامل السياسة والاجتماعية-الاقتصادية والثقافية التي توفر بيئة صالحة لظهور ونمو وانتشار الافكار والحركات الظلامية المتطرفة، وفي مقدمتها الاستبداد السياسي والقهر والتمييز الاجتماعي والاقتصادي والانتقاص من حقوق و مباديء المواطنة عبر
سياسات تقود إلى تهميش فئات وشرائح اجتماعية واسعة واقصاء جماعات لإعتبارات تتعلق بانتماءاتهم الأثنية أو الدينية أو الطائفية أو السياسية أو لافكارهم وقناعاتهم ، ونزع او مصادرة أو تقييد حق التعبير والمطالبة بالحقوق وبالرأي. وفي هذا السياق تبرز أهمية دعم واسناد القوى
الديمقراطية بمختلف اطيافها ، التي تعمل في ظل ظروف وأجواء ضاغطة ومشحونة بمختلف انواع التعصب المنغلق اثنيا وطائفيا، من أجل نشر وتكريس مباديء وقيم المواطنة واحترام التنوع والقبول بالأخر واركان الديمقراطية الأخرى، ومن أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية .
وإذ نؤكد ، نحن في التيار الديمقراطي، تعاطفنا مع ضحايا هذه المجزرة، ننطلق من موقع مسؤوليتنا كديمقراطيين في الدفاع عن حق الحياة، بوصفه أقدس حق من حقوق الإنسان، ويليه حق الحرية في التعبير، كقيمتين من القيم الإنسانية العليا لدى كل أحرار العالم، وبقطع النظر، عما يتفق البعض أولا يتفق البعض الآخر ربما مع طريقة التعبير الساخر لمجلة شارلي أبدو، إذ
ليس من شيء يمكن أن يبرر الأعمال الإرهابية.
ونعلن إن مجزرة باريس، ليست بقضية تهم الأوربيين وحدهم، بل هي قضية كل الأحرار، المدافعين عن الحرية وعن الإنسان وحياته وأمنه وكرامته، والمدافعين عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام.
لتندحر قوى الظلام والإرهاب المعادية للحرية وللحياة وللقيم الإنسانية.
والنصر للحرية لكل الشعوب.
والمجد لضحايا الحرية في باريس، وفي العراق، وفي كل مكان في العالم.