- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 20 أيلول/سبتمبر 2016 18:20

بدأ العد التنازلي للعام الدراسي الجديد وتهيئة طلبة المراحل الدراسية المنتهية السادس الابتدائي والثالث المتوسط والسادس الاعدادي المعروفة بالبكلوريا للدوام والمذاكرة، وتعد هذه المرحلة حاسمة في تحديد المصير والانتقال من مرحلة مدرسية إلى أخرى، خصوصا الدراسة الجامعية، التي تكون مرهونة بتحصيل معدل لتحقيق هذه الانتقالة، ويرى البعض أنه لا يمكن الاعتماد على التدريس في المدارس الحكومية وهي بهذا المستوى التدريسي الموجود في مدارس اليوم للحصول على معدل دراسي مرموق، ولابد من التدريس الخصوصي في تحديد مصير أبنائهم!
العديد من الطلبة وذويهم أبدوا تذمرهم من ارتفاع أسعار أجور الدروس الخصوصية وقيام المدرسين باستغلال الموقف وطلب أسعار خيالية مقابل حصص قليلة ومكثفة.
ظاهرة "الدروس الخصوصية" أخذت مجالاً واسعاً في بنية مظاهر وخصوصيات المجتمع العراقي، حتى أصبحت من الأعباء الثقيلة التي يرزح تحتها أولياء الأمور، وهذا ما لمسناه من العائلات التي أبدت التذمر من هذه الظاهرة، فهي ليست ظاهرة ترفيهية أو أنها جاءت من غير دوافع حقيقية لتفشيها بل إنها كغيرها من الظواهر الاجتماعية الناشئة في ظل ظروف وأوضاع جديدة تنتاب المنطقة برمتها وللأسف الشديد ومع احترامنا لكل الأساتذة والإخوة المدرسين إلا أن هناك البعض منهم من لا يمتلك شهادة الدبلوم على اقل تقدير، وتراهم يمارسون هذه المهنة في بيوتهم، ويتم الاتفاق وابرام "الصفقة" من خلال جهاز الهاتف النقال!
في البداية استطلعنا آراء أولياء الأمور وهم طرف فعال في هذه القضية فكان لهم رأيهم الخاص.
أعباء مادية
يقول المواطن أبو ثائر من حي الجهاد، وهو أب لطالبين، أحدهما في المرحلة الإعدادية والثاني في المرحلة المتوسطة "إنني أصبحت أكره موسم الدراسة بشكل كبير وكأنني أنا الطالب، لما يحدث من انقلاب داخل المنزل ومن حالة الطوارئ الدائمة، وكذلك أبنائي الذين لا أراهم إلا قليلاً على مدار اليوم لارتباطهم بمواعيد الدروس الخصوصية عقب انتهاء الحصص الدراسية المقررة في المدرسة، بالإضافة إلى الأعباء المادية الكبيرة التي أتحملها نتيجة الدروس الخصوصية والتي باتت عملية مستعصية وسرقة للوقت والمال.
ارباك موسمي للعائلات
أما أستاذ الاقتصاد الدكتور خالد علي الطائي، فقد كان له رأيه في الموضوع، يقول الطائي:" الدروس الخصوصية ظاهرة جديدة على المجتمع العراقي، نشأت في أحلك الظروف التي مر بها الشعب العراقي وفي أيام الحصار الاقتصادي في تسعينات القرن المنصرم لتحسين مستوى المدرس المعاشي، لكن الأساتذة والمدرسين استحسنوا هذه الممارسة بسبب الإقبال الكبير للطلبة وبدأوا اعتمادها مصدر رزق لهم ويهملون الدراسة الأساسية أي الرسمية في المدارس الحكومية ويركزون بكل اهتماماتهم على الدروس الخصوصية ولذلك لا يعطون حق الدروس الحكومية والتي هي الأخرى مصدر رزقهم الدائم مضيفا أن هذه الظاهرة تسبب إرباكا للعائلة العراقية وتؤثر على دخلها المحدود لكون أكثر مستويات المعيشة في العراق منخفضة وبالتالي يتحمل رب العائلة العبء الأكبر في ذلك وبهذا تعد ظاهرة سلبية ومؤثرة وتابع الطائي ومن خلال الاعلام والصحف ومنابر الخطباء في الجوامع والحسينيات نتمنى من الإخوة المدرسين مغادرة هذه الظاهرة التي باتت غير محببة لدى الجميع وفي الوقت نفسه إن المستوى المعاشي لهم أصبح جيد جدا من خلال الرواتب التي يتقاضونها من وظيفتهم الأساسية في هذا المجال".
عذر غير مقبول
يقول وليد الجبوري، ولي أمر طالب في السادس الإعدادي: "إن ضعف قابليات المعلمين والمدرسين وخاصة الجدد من الأسباب الرئيسة التي تجعل الطالب يلجأ إلى الدروس الخصوصية ولا يقوم بدوره بصورة صحيحة فقط يقوم بتقييم مستوى أداء الطلبة ومحاسبتهم على التقصير".
وتستغرب السيدة أم مريم، من إن المدرس الخصوصي لا يعطي المادة للطلاب بنفس الطريقة التي يعطيها لهم داخل الصف، والبعض يوعز السبب لكثرة الطلاب مقارنة مع العدد الذي يستقبله في البيت وهذا عذر غير مقبول لان المدرس الذي يشعر بالمسؤولية عليه أن لا يفرق في طريقة تدريسه، ولقد كان المعلمون والمدرسون سابقا يقومون بإعطاء دروس إضافية داخل المدرسة وبالمجان طبعا وهذه الحالة قد انقرضت الآن إلا القليل منهم وفي أوقات قصيرة جدا لا تعوض عن أي شيء".
كارثة خفية!
ويقول الحاج ابو علي :"ان تقطع من لقمة عيشك ورزق عائلتك مبلغا ماليا من اجل ان يتلقى ولدك دروسا خصوصية فإن ذلك لا يعد ترفا كما يتخيل البعض ولكننا مضطرون إلى ذلك لرغبتنا بأن يحصل اولادنا على معدلات عالية تؤهلهم للحصول على تخصصات جامعية مرموقة وبخلاف ذلك فلا يحق لنا كآباء ان نعاتبهم على عدم حصولهم على درجات عالية لأنني شاهدت بنفسي مدى التسيب في بعض المدارس وعدم انتظام الدوام والتساهل في مسألة الغيابات فضلا عن اللامبالاة التي يتصف بها بعض الاساتذة وللأسف والبعض منهم يتحجج بقلة الرواتب وغيرها من الامور مع ان ذلك لا يكفي ليكون مبررا لتهاون المدرس في اداء واجبه وصيانة الامانة الموكلة اليه".
"كلشي بسعره والما يقبل الله وياه"!
أما ولي أمر الطالب صهيب محمد فيقول:
إننا مازلنا نعاني ظاهرة التدريس الخصوصي حيث أن بعضا من المدرسين يتعاملون بمكيالين مبينا ان هناك مدرسين يأخذون سعرا لتدريس الطالبات وآخر لتدريس الطلاب وسعرا للتدريس المختلط!، فمثلا أن الطالبة التي تأخذ درسا خصوصيا مع قريناتها الطالبات يكون السعر أكثر مما تأخذ الطالبة درسا خصوصيا عاما أي مختلطا معتبرا أن هذه الظاهرة باتت تثقل العائلة فإذا كان الأب لديه أكثر من ابن في المراحل الإعدادية والمتوسطة فانه سيتحمل مصاريف دفع الدروس الخصوصية من اجل أن يعبر ابنه أو ابنته إلى مرحلة دراسية أخرى مؤكدا أن الطالب يلجأ إلى الدروس الخصوصية لشعوره أن أداء المدرس في الصف اقل من أدائه في الدرس الخصوصي .
الدروس الخصوصية أم الكليات الأهلية؟!
المواطنة أم زهراء تقول:" اضطررت إلى بيع مصوغاتي الذهبية لكي ادفع لابنتي تكاليف الدروس الخصوصية، نعم هي مكلفة جدا ولكن لابد منها لضمان معدل جيد يؤهل ابنتي إلى دخول كلية جيدة في جامعات حكومية أفضل من أن تأتي بمعدل ضعيف وتتجه إلى الكليات الأهلية ويكون عبؤها اكبر. هو عام واحد يحدد فيها المصير.
"مشي عشر دقائق وبالسيارة ساعة"!
ويتساءل المواطن حيدر سوادي هل تصدقون إنني ومن اجل أن أضع ابني لدى مدرس خصوصي قمت بجلب واسطة لهذا المدرس لكي يقبله لأنه لا يستطيع قبول عدد كبير يتعدى الثلاثين طالبا في كل دورة وعلى شكل وجبات ويتقاضى عن كل طالب من ثلاث مائة ألف إلى أربع مائة ألف دينار، اذا علمنا ان المدرس واقسم بذلك لا يشرح اكثر من عشرة قائق من المنهج في الصف بينما يقوم بتقديم شرح مفصل للطلبة في الدروس الخصوصية حيث حصل ابن اخي في العام السابق على معدل 95 في المائة، في الفيزياء عند دخوله في المجموعة في الدروس الخصوصية وقبل الدخول في الدرس الخصوصي كانت ورقة امتحانه 55 في المائة بسبب عدم شرح الاستاذ للمادة بذمة وضمير.. دعني أتساءل: اين الرقابة و اين مخافة الله و اين شرف المهنة؟" .
مضطرون للخصوصي
تحدثت السيدة ام وجدان، موظفة وام لأربعة ابناء عن هذا الموضوع قائلة :"لدي اربعة ابناء، ولدان وبنتان، الاولاد في الكلية الان، والحمد لله، اما البنات فواحدة في السادس العلمي والاخرى في الرابع الاعدادي".
وتضيف قائلة "أنا غير مقتنعة بالمدرس الخصوصي، ولكن الظروف احياناً تجبرنا على الرضوخ إلى أمور لا نحبها وبسبب انشغالنا في الوظيفة والبيت وانشغال الاب ايضاً بالعمل نضطر الى وضع مدرس خصوصي لكي يساعد الاولاد او البنات على فهم مواد لا يفهمونها في المدرسة اما بسبب عدم الانتباه او قلة الفهم او بسبب عدم تمكن المدرس من شرح المادة بشكل جيد مما يجعلنا نضطر الى وضع مدرس خصوصي خاصة في الصف السادس العلمي والأدبي".
صناعة الشخصية الاتكالية
يقول الدكتور مازن طاهر:" إن ظاهرة الدروس الخصوصية هي مسؤولية ثلاثة عناصر: الأول؛ هو المدرس الذي لم يستطع توصيل المعلومة بصورة واضحة وسهلة للتلاميذ، والثاني؛ هو التلميذ الذي لم يفهم جيداً، ويطالب ولي أمره بمساعدته بدرس خصوصي، أما العنصر الثالث؛ فهو ولي الأمر الذي يستجيب لرغبة الابن أو الابنة ويتحمل نفقات الدروس الخصوصية.
وعلى ذلك؛ فإن تفشي تلك الظاهرة يرجع إلى تقصير المدرس فضلاً عن أن الكتاب المدرسي ذاته بحاجة إلى ثورة شاملة من حيث التقسيم، والتفسير والفهرسة، وشرح المصطلحات الصعبة، ولابد أن تصاحب المادة رسوم توضيحية وبيانات وصور وخرائط وإخراج جيد كي تخلق حالة من الارتباط بين الطالب والكتاب المدرسي، فلا يلجأ إلى الكتب المساعدة التي يقبل عليها الطلاب بمجرد بدء العام الدراسي، إلى جانب ذلك نحن بحاجة إلى إعادة النظر في نظام الأسئلة".
ويضيف الطاهر :"إن الدروس الخصوصية أصبحت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة روتينية، فقد صار من الطبيعي أن يحصل الطالب على درس خصوصي دون رؤية المعلم أو طريقة أدائه، وأصبح المفهوم السائد أن الطريق إلى المجموع هو الدرس الخصوصي".
ويرى الدكتور الطاهر أن من بين العوامل التي ساهمت في خلق جيل الدروس الخصوصية هو نمطية الامتحان، وقدرة محترفي الدروس الخصوصية من المعلمين على توقع وتخمين أسئلة الامتحان، وبالتالي يلجأ الطالب إلى ذلك للحصول على درجات مرتفعة، لكن المشكلة الأكثر خطورة أن الدرس الخاص يخلق من الطالب شخصاً اتكالياً لا يهتم بما يدور داخل الفصل المدرسي، وليس مهتماً بما يشرحه المعلم؛ لأن لديه بديلاً آخر خارج المدرسة".
الدروس الخصوصية لضمان المعدل الجيد
سالي محمد احمد، موظفة في القطاع الصحي أبدت رأيها في هذا الموضوع قائلة :"ان مشكلة الدروس الخصوصية تبدأ قبل بداية العام الدراسي وخاصة للمراحل المنتهية ولاسيما السادس الإعدادي الذي يبدأ فيها الأهل بحجز الأساتذة الجيدين وبأسعار مرتفعة لضمان حجز كرسي للدرس الخصوصي لدى الأستاذ الخاص لضمان نجاح الطالب وبمعدل جيد يؤهله إلى دخول كلية جيدة وهو شاغل الأهل الأكبر وكما أن النجاح لا يكون هو المطلوب فقط في هذه المرحلة وإنما المعدل الجيد".
تعددت الأسباب
الطالب سالم نجم، ثانوية عامة يقول: "إنني مضطر إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية؛ فالأساتذة لا يشرحون داخل الفصل بما يمكنني من فهم واستيعاب المنهج، غير أنهم لا يتطرقون إلى الكثير من الجزئيات في المادة التي لا يمكنني فهمها بمفردي، لذلك فأنا حريص على الدروس الخصوصية، لأنه أصبح مطلوباً منا أن نحصل على درجات مرتفعة في كل المواد، وهناك بعض المواد التي تتصف بصعوبتها؛ فأنا ألجأ إلى الدروس الخصوصية".
بينما يقول الطالب سلام جاسم :"أنا لا ألجأ إلى الدروس الخصوصية إلا في نهاية العام أو الفصل الدراسي، وقبل الامتحانات؛ ففي أسابيع قليلة يمكنني الإلمام بمنهج أية مادة والاستعداد لدخول الاختبار الخاص بها بدلاً من أن أعطي اهتماماً أكثر من اللازم منذ بدء الدراسة".
ويقول عبدالله مطر، طالب :"إنه لا يتقبل مدرس اللغة الإنجليزية ويشعر بالضيق الشديد كلما دخل الفصل، مما يؤدي في النهاية إلى عدم فهمه ما يقوله المدرس، لذلك فهو في حاجة إلى من يشرح له منهج اللغة الإنجليزية".
ويؤكد محسن على خطاب، ولي أمر :"إنني أصبحت لا أنشغل مع بدء العام الدراسي إلا بالتفكير في كيفية توفير تكاليف الدروس الخصوصية التي لا بد أن يحصل عليها أبنائي في ظل التردي الواضح في العملية التعليمية داخل المدارس؛ وإن لم أفعل ذلك فكيف ينجح أولادي؟ وهو ما يجعلني متوتراً طوال الوقت، فضلاً عن سوء العلاقة بيني وبين أولادي الذين أطالبهم دائما بعدم تضييع الوقت بعيداً عن المذاكرة؛ لأنني أتعب كثيراً لتوفير المال اللازم لدروسهم خشية الرسوب أو النجاح بمجموع قليل".
خسارة وربح
الطالبان عمر سامي وجعفر محمد علي، قالا ان الدروس الخصوصية تفيدنا في أكثر الأحيان وتعطي نسبة نجاح تصل الى 80 في المائة، ألا أنها تجعلنا نخسر ماديا حيث أن أجر درس الرياضيات يصل الى "400"، ألف دينار، وأجر الدرس الانكليزي يصل الى "450" ألف دينار.
المدرس الخصوصي ناجح!
اما الطالبات سمر ومها وراوية، فقد كان لهن رأي في الموضوع، وفحوى الرأي هو :"ان المدرس الخصوصي برأينا ناجح لان من خلاله نحصل على نتيجة ايجابية ويوصل المعلومة إلى ذهن الطالب ولكن نتمنى تخفيض الأسعار قليلا لان سعر الدرس الواحد ما لا يقل عن "300" ألف دينار ويحمل عبء ذلك أولياء أمورنا".
المناهج صعبة على وزن "المعلم عداوه وياي"!
أما الطالبات سولاف وهند، من مدرسة العزة للبنات ونور سعيد ومريم فاضل، من ثانوية مؤتة للبنات فكان حديثهن صريحا وبكل عفوية وعبرن عما في داخلهن بخصوص الدراسة العامة وما تواجههن من صعوبة في طرق التدريس البائسة، ما جعلهن يلجأن إلى الدروس الخصوصية بسبب صعوبة فهم المناهج الدراسية التي تحتاج إلى دروس خصوصية، وقالت احداهن إن إحدى المدرسات تشرح لهن فصلا في يوم واحد متسائلة أذن كيف نستوعب المادة؟، كما أشارت أن نسبة النجاح تكون متدنية.
بالمدرسة وين وبالبيت وين؟
الطالب ياسر مختار، طالب في الصف السادس العلمي يقول :"في الصف المدرسي، وبسبب العدد الكبير للطلاب لا نستطيع ان نفهم المادة بشكل جيد، بالإضافة الى ان المدرسين لا يقومون بشرح كل المادة بشكل جيد ويضعون اسئلة صعبة اثناء الامتحانات، فترى نسبة الرسوب كبيرة في الفصل الاول والثاني ما يؤدي الى اتجاه الطلبة الى الدروس الخصوصية لكي يفهموا المادة بشكل جيد في بيت الاستاذ واحياناً نذهب الى نفس المدرس الذي يدرسنا في المدرسة لكي يقوم بإعطائنا دروساً خصوصية فنرى تغيراً في اسلوب المدرس في المدرسة عنه في البيت"!
يابه الولد مضطر
أما الطالب عثمان محمد فيقول :"بعض المدرسين في مادة معينة لا يشرحون بشكل جيد وليس هناك مدرس اخر في المدرسة فنرى صعوبة المادة وعدم تمكننا من فهم جزء كبير من المادة فنضطر الى الذهاب الى مدرس اخر لكي يشرح لنا المادة".
من أجل معدل جيد
ويقول الطالب جليل زيدان في السادس العلمي أيضا :"سبب صعوبة المرحلة الاخيرة في الدراسة الاعدادية وحاجتنا الى الحصول على معدل جيد يؤهلنا إلى الدخول إلى الكليات المتميزة يجعلنا نضطر الى وضع مدرس خصوصي غير الذي في مدرستنا لكي يساعدنا على استيعاب المادة بشكل اقوى واكثر فاعلية من اجل حصولنا على درجات اعلى لكي نذهب الى الكلية التي نريدها".
عراقي شريف
المدرس سعد علي صادق، لديه خدمة 20 سنة في تدريس مادة الكيمياء يقول :"انا مدرس منذ اكثر من 20 عاما ومشهود لي بالكفاءة التدريسية في المدرسة وكرمت اكثر من مرة بسبب نسب النجاح العالية في مادة الكيمياء في المدرسة، وبالنسبة للدروس الخصوصية فهي مكملة للدراسة العامة التي يتلقاها الطالب أثناء دوامه الرسمي ولكنها تكون بشكل تفصيلي وبتركيز وتؤدي إلى رفع مستوى الطالب العلمي" مضيفا أن "لدينا خبرة في هذا الجانب حيث حصلت إنا على نسبة نجاح ثمانين في المائة وهذا عمل ايجابي يصب في مصلحة الطالب والمدرس على حد سواء وللعلم اني لم أدرس أي طالب من طلبتي في المدرسة دروسا خصوصية وانما اعطي الدروس الخصوصية للطلبة من المدارس الاخرى".
كلاسيك
أما المدرس عمر سعيد البياتي، اختصاص في درس اللغة الانكليزية فقال :"أكثر طلبتنا يعانون ضعفا في مادة الانكليزي وهذا يتطلب اهتماما من قبل الأستاذ وحث الطلبة على المتابعة والتركيز من اجل تحقيق نتيجة النجاح وللآسف أن بعض المدرسين مازالوا يستخدمون الطريقة الكلاسيكية القديمة ما يشكل عائقا أمام الطالب"، مؤكدا على تحقيقه نسبة نجاح تفوق الـ 70 في المائة للطلبة الذين اعطاهم دروسا في اللغة الانكليزية.
حالنه حال غيرنه
اما امجد حامد المندلاوي، استاذ رياضيات فيقول :"نحن كمدرسين نقوم بإعطاء الدروس الخصوصية لتحسين مدخولاتنا المادية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الرواتب الممنوحة للمدرسين والمعلمين واغلب موظفي الدولة ونحن لا نجبر الطلاب على الدروس الخصوصية مطلقا نحن نعطي حق التعليم في المدرسة من الساعة الثامنة حتى نهاية الدوام الرسمي بكل امانة، انا شخصيا اعطي يوميا خمس حصص في مادة الرياضيات، حصتان لطلاب الخامس الاعدادي وحصة لطلاب الرابع الاعدادي وحصتان لطلاب السادس الاعدادي حسب الجدول الموضوع من قبل ادارة المدرسة واعطي المنهج بكل امانة، اما بعد انتهاء وقت المدرسة، في ساعات اليوم المتبقية فهي من حقي، هناك موظفون يعملون سواق تكسي بعد الدوام الرسمي، وهناك من لديهم محلات وهناك يعملون عملا في شركات وغيرها ، اما نحن الاساتذة فنقوم باستثمار هذه الساعات للتدريس الخصوصي، هذه مهنتنا التي لا نعرف غيرها اذا علمت اننا نصرف طاقة مضاعفة في التدريس الخصوصي لكوننا نحتاج الى الراحة وكذلك نحن نقصر على عوائلنا واطفالنا بالوقت ولكن من اجل تعديل مدخولاتنا المادية وعدم الحاجة إلى الغير وكذلك نقوم بتدريس الطلاب الذين يحتاجون اوقاتا مضاعفة من اجل فهم المادة فلماذا يرى الناس ان عمل المدرسين هو الجشع والطمع!؟، اننا نعمل وندرس في اوقات راحتنا وليس اثناء اوقات الدوام الرسمية ويجب التفريق بين من يستغل وقت الدوام الرسمي ومن يعمل اثناء وقت راحته"!
انشقاق وفرقة
اما اخصائي علم النفس الدكتور احسان العوادي فله رأي في الموضوع، يقول :"ان لهذه الظاهرة أبعادا اقتصادية واخلاقية فقد أثرت ظاهرة التدريس الخصوصي في جوانب عدة منها الجانب الاقتصادي حيث تسبب الدروس الخصوصية ثقلاً كبيراً على العائلة وخاصة العائلة ذات الدخل المتوسط فترى العائلة ترصد جزءاً من دخلها للمدرس الخصوصي مما يسبب انخفاضاً في ميزانية العائلة.
اما من الجانب التربوي فتعتبر حالة تفرقة بين الطلاب الذين عوائلهم ميسورة والاخرين غير الميسورين فترى ذوي التدريس الخصوصي يحصلون في بعض الاحيان على درجات عالية وبقاء الذين لا يضعون المدرس الخصوصي في مفكرتهم على درجات متوسطة اي انه يسهم في انشقاق الصف الواحد او المدرسة الواحدة واحيانا يفضلون الطلاب الذين يضعون المدرس الخصوصي على الطلاب الذين لا يفضلون المدرس الخصوصي.
وهناك جانب اخلاقي حيث تؤدي الدروس الخصوصية الي تدني مكانة المدرس وسقوط الهالة التي تحيطه كونه يرفع الكلفة بينه وبين طلابه الذين يأتون الى بيته من اجل الدروس الخصوصية.
في الختام نرى أن الاهتمام بالعلم والتعليم في المجتمعات المتقدمة يعتبر ركناً أساسياً وسمة من سماتها وأولوية من أولوياتها بدءاً بالمدارس وتوفير المستلزمات والخدمات فيها مرورا بمناهجها العلمية وكوادرها التدريسية وانتهاءً بغرس القيم والأخلاق فيها وكان من نتاج هذا الاهتمام والرعاية بجانب العلم والتعليم هو مجتمع متحضر يعرف حقوقه وواجباته ومن ثمرات التحضر تقدمه علمياً , وإنسانيا , واقتصاديا , وهنا لا أريد المقارنة بين مجتمعنا والمجتمعات المتقدمة من ناحية العلم والتعليم ان اخفاق بعض المؤسسات التربوية في اداء وظائفها التعليمية يؤدي الى ان يدفع المجتمع و الاسرة الثمن حيث ان دفع مبالغ كبيرة للمدرسين يؤدي الى هدر موارد المجتمع وموارد العائلة خاصة وان الاسرة عادة تحتاج الى هذه النقود لأمور اخرى ذات اهمية كبرى.
وان قلة ادراك العائلة وانشغالها في امور الحياة ادت الى انتشار هذه الظاهرة في المجتمع حتى اصبحت امراً مألوفاً في مجال الدراسة ولا ننس العنصر الاهم في هذه القضية وهو الطالب نفسه حيث انه لو استوعب المادة بشكل جيد ثم عاد الى البيت وكرر ما فعله في المدرسة وادى واجباته بصدق وتفانٍ لما كانت هذه الظاهرة موجودة.