فضاءات

من أجل أن تعود عقولنا المهاجرة الى الوطن

في معظم الجامعات والمؤسسات التعليمية الأوربية والأمريكية والعربية، لابد أن تجد واحداً أو أكثر من عقولنا المهاجرة قسراً ولأسباب مختلفة. يسعى هذا الباب للتعريف بهذه العقول كأول خطوة للسعي من أجل عودتها للوطن

الدكتور حسن حلبوص
طبيب عراقي من مواليد النجف، أكمل دراسته الجامعية في مدينة هامبورغ الألمانية ونال درجة الدكتوراه في الطب من جامعة دوسلدورف في جراحة العظام ثم نال شهادة في جراحة الاطفال وأخرى في الطب الرياضي وثالثة في أمراض المناطق الحارة من جامعات هامبورغ أيضاً. عمل رئيساً لقسم جراحة العظام في نفس المدينة ومحاضراً في جامعة دوسلدورف. حاول العودة الى الوطن لكن عراقيل كثيرة أعاقت ذلك. في حوار عاجل معه أخبرنا:

كنت على مر العقود الخمسة التي عشتها في المنفى، أحلم بالعودة للوطن وخدمته بما إكتسبته من معارف. وتوفرت الفرصة، أو هكذا توهمت، بعد سقوط الدكتاتورية لكني لم أفلح فقد وضعوا في طريقي حواجز لا حد لها .. فإضافة الى الأجراءات البيروقراطية المخيفة التي تسري هناك والفساد، فقد أرادوا التلاعب بتعادل الشهادة ومطالبتي بالتدرج الطبي، وأنا الإستشاري الذي أجريت الاف العمليات الجراحية، وصلت الى أكثر من 40 عملية في الأسبوع!!

كيف يمكن الإستفادة عراقياً من التجربة الألمانية في التأمين الصحي والعلاج؟

العلاج متاح وفق القانون لكل الألمان وهو عالي المستوى ويحفظ حقوق المريض فيما لو تعرض الى خطأ أو إهمال من قبل الطبيب. اليوم أنا استشاري متطوع في نقابة الأطباء للنظر في العمليات التي يعتقد وجود خطأ في إجرائها. كانت هناك سابقاً حالات إصطفاف من قبل الأطباء الى جانب الطبيب المخطئ، لكن المجتمع الألماني تجاوز هذا الخلل بقوانين تضمن حقوق المريض وتثقف الناس بها.

وماذا عن نشاطاتك الأخرى؟

أعمل مستشارا متطوعا في دائرة الهجرة لولاية شمال الراين الألمانية وعضوا فاعلا في جمعية الجراحين، وأحضر العديد من المؤتمرات الطبية والعلمية سنوياً. في مجال العمل الاجتماعي كنت احد مؤسسي حركة المجتمع المدني العراقية في المانيا، ونشطت ولا أزال في العديد من المنظمات الانسانية العراقية والعربية و العالمية وكذلك منظمات الدفاع عن حقوق الانسان واتباع المذاهب والديانات في العراق وغيرها.
في معظم الجامعات والمؤسسات التعليمية الأوربية والأمريكية والعربية، لابد أن تجد واحداً أو أكثر من عقولنا المهاجرة، قسراً لأسباب مختلفة. يسعى هذا الباب للتعريف بهذه العقول كأول خطوة للسعي من أجل عودتها للوطن

الدكتور إبراهيم الخميسي

ولد في سوق الشيوخ ثم إنتقل مع عائلته الى البصرة حيث أكمل دراسته الجامعية في قسم الفيزياء، الأول على دفعته، ثم نال شهادة الدكتورا في الفيزياء النظرية والرياضيات من جامعة موسكو، وعمل فيها مدرساً حتى إنتقاله للعمل كرئيس لقسم الفيزياء في جامعة عدن وكمسؤول عن لجنة تقييم البحوث العلمية، قبل إنتقاله للعمل ولفترة في معهد الفيزياء النظرية بمدينة لوند السويدية. تركز نشاطه العلمي أساساً في البحث النظري لتركيب نواة الذرة وكذلك صفات وسلوك الجسيمات الأولية. درس تفاعل النواة مع الإلكترونات والنيوترونات بوضع بعض النماذج النظرية التي أدت إلى نتائج أفضل في مثل تلك الحالات، وحصل على نتائج أكثر عمومية وأشمل من تلك التي حصل عليها الفيزيائي النظري الأمريكي"فيشباخ"، وكانت، بالتالي، تقدم وصفاً أفضل وأكثر تفصيلاً لتركيب النواة الداخلي. أما في مجال الجسيمات الأولية فقد أفضت بحوثه بشأن بعض الجسيمات، مثل ميو ميزون والنيوترينو، إلى نتائج جديدة حول طبيعة تلك الجسيمات، كإستقطابها ودورانها الذاتي وسلوكها إثناء تفاعلها مع غيرها من الجسيمات أو عند تحولها إلى جسيمات أخرى، محاولاً المساهمة في إغناء اللوحة الفيزيائية لتركيب المادة، ونشرت تلك البحوث والدراسات في أشهر المجلات الأكاديمية السوفياتية والمجلة الأوربية للفيزياء وبعض المجلات الأمريكية العلمية المختصة. ترجم كتاباً عن أهم النظريات والأفكار الفيزيائية عن تركيب المادة والكون ونشأتهما وتطورهما من الروسية إلى العربية، وصدر عن دار مير بعنوان "الكواركات..البروتونات.. الكون". كما كان دوماً ناشطاً مدنياً ونقابياً متميزاً. طريق الشعب إلتقته في مدينة مالمو حيث يقيم وكان لها معه الحوار التالي:

اخر موضوع غير تخصصي إهتممتم به أو ربما لا تزالون في نشاطكم المتعدد الجوانب؟

هو موضوع الديمقراطية، بمعنى كيفية تطوير وتعميق الديمقراطية. وبالملموس، أعطي مثالاً على ذلك، كيف يستطيع أهالي منطقة سكنية معينة أن يشاركوا في إتخاذ القرارات التي تخص منطقتهم في ما يتعلق بالبيئة والبناء والتعمير والتغيير، و كذلك آفاق تطوير منطقتهم في المستقبل. أي أن القرارات لا تأتي من فوق، من بلدية المدينة مثلاً، وإنما بالمشاركة مع المواطنين في تلك المنطقة السكنية. وهكذا بالنسبة إلى المدارس والجامعات وأماكن العمل!

أهم ما أنجزتموه في الآونة الأخيرة.

تأسيس دار "ميزر" للنشر، إصدار كتاب "عين الإعصار" عن العالم العراقي الكبير عبد الجبار عبد الله، قريباً سيصدر أول قاموس علمي سويدي - عربي وفي اليد مشاريع أخرى لنشر مقالات وكذلك كتاب حول آخر التطورات المهمة في علم الفيزياء. أخرين

الكتاب الذي قرأتموه مؤخراً وتنصحون الاخرين بقراءته.

"التصميم العظيم" ( The Grand Design)الكتاب باللغة الإنجليزية، إذ لم يترجم إلى العربية حسب علمي. ومؤلفه عالم الفيزياء النظرية الإنجليزي ستيفان هاوكنغ. ومتعة القراءة هنا أن الكتاب يثير مسائل خلق الكون والمادة، ويدعو إلى التفكير العميق والمناقشة والإختلاف والتأمل!

في العتمة التي تخيم على الوطن، هل ترون ثمة كوة ضوء؟ ومن أين يأتي الأمل برأيكم؟

نعم، أرى خيوطاً من الضوء بدأت تتجمع، رغم الصعوبات الجمة، لتشكل، كما آمل ذلك، حزمة ضوئية تستطيع إضاءة مساحات أوسع! والأمل هو في الشباب الذي بدأ يكسر حاجز الركود والرتابة والخوف والتردد، وأخذ ينظم الفعاليات والتظاهرات والنشاطات المتنوعة. وهذا يعني أن وقت التحديات قد بدأ، ولن يهدأ إلا بحدوث تغيير في العراق الذي يستحق الأفضل!

كيف تنظرون الى واقع العراقيين في الغربة اليوم؟

وضع العراقيين في الغربة يكاد يكون إنعكاساً لما يحدث في داخل الوطن. معظمهم منقسمين حسب إنتماءاتهم وميولهم الفكرية والعرقية والدينية. ومع ذلك فهنالك ما يوحد أغلبهم وهو الشعور بإنتمائهم إلى العراق! فعندما فاز المنتخب العراقي لكرة القدم بكأس آسيا إندفع آلاف المهاجرين العراقيين، على إختلافهم، في عدة مدن أوربية إلى الساحات الرئيسية للتعبير عن فرحتهم بذلك الإنتصار، بعد أن أحزنتهم أخبار الوطن من خراب وإرهاب ودمار! حدث ذلك أيضاً عندما لعب الفريق العراقي تجريبياً في مالمو السويدية مع الفريق البرازيلي، حيث إمتلأ الملعب الكبير بمئات العراقيين وهم يحملون الأعلام العراقية ويهتفون للعراق! هذا بالحقيقة ما نحتاج إليه، أن ينفتح العراقيون على بعضهم ويهدموا الجدران المصطنعة التي تفصلهم عن بعض!