فضاءات

حقوق الأرامل.. هل أصبح الحلم المتواضع مستحيلاً ؟ / عامر الشيخ علي

اصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل دائرة رعاية المرأة في العام 2008. والتي تعنى بشؤون المرأة خاصة ممن فقدن المعيل أي الأرامل والمطلقات والمشردات وغيرهن، ولتجنيبهن التعرض للإذلال ومهاترات الروتين القاتل في دوائر الدولة والمراجعات الكثيرة في وسط خانق بالمفسدين والمبتزين والمرتشين،
وتشير أرقام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بوجود ثلاثة ملايين أرملة وخمسة ملايين يتيم، اما أرقام الجهاز المركزي للإحصاء فقد بلغت تسعمائة ألف أرملة تقريبا، وحدد تقرير اليونيسيف لرعاية الأمومة والطفولة بان عدد الايتام قدر خمسة ملايين وتسعمائة الف طفل، فيما تختلف إحصاءات دائرة المرأة والتي يبلغ العدد المسجل لديها (440) ألف أرملة. فالأرقام مؤشر لصورة مأساوية وهي تحول البلد الى موطن للأرامل، ويدل التباين في الارقام على عدم الاهتمام بشريحة الأرامل والمطلقات والتي يزداد عددهن نتيجة حوادث العنف والإرهاب المستمرة، لا يؤدي الى صعوبة حصولهن على حقوقهن المشروعة والتي كفلها الدستور.
الأرملة زينب حسين لازالت تعاني مع ابنتيها وولدها من وضع اقتصادي سيئ بعد وفاة زوجها بإحدى التفجيرات الإرهابية، فهي لغاية اللحظة لم تحصل على مستحقاتها كأرملة، مع انها تسكن في الإيجار، وهذا يعني توفير مبالغ كافية لسد متطلبات معيشة العائلة وأطفالها. وقالت حسين لـ"طريق الشعب": أجد عناءً كبيراً عندما أراجع دوائر الدولة للحصول على مستحقاتي، وغالبا ما أتعرض للابتزاز من قبل الموظفين لتمشية معاملتي، واتالم عند سماعي أخباراً عن توزيع شقق او قطع سكن للأرامل والمطلقات، لكن عند سؤالي الأرامل والمطلقات هل حصلن على شقة او?قطعة ارض فجوابهن جميعا لا... ولا اعلم لمن توزع تلك الشقق !
وفي السياق ذاته، تحدثت ممثلة وزارة المرأة الناشطة ازهار الشعرباف قائلة " لقد عملت الوزارة على توزيع (200) شقة في النجف، رغم أنها غير كافية،فاغلب الأرامل تعيش في مناطق التجاوزات وبيوت الصفيح، لذلك علينا تخصيص شقق أكثر لهن.
وبينت الشعرباف الحالة قائلة " هناك قضية قد تكون خافية عن الحكومة والوزارات أن المبالغ التي تعطى للأرامل هي منحة، وربما المانح في وقت ما لا يمنح تلك المبالغ لذلك لابد أن يكون هناك قانون يخصص مبلغ تلك الرواتب من ضمن ميزانية الدولة. وعليه فمن الأفضل دراسة الوضع الاقتصادي للمرأة بشكل عام والأرامل على الأخص، لوضع برامج بناء قدرات للمرأة، ومساعدتها بإيجاد مهن تستطيع من خلالها أن تعيل عائلتها.
أما السيد يوسف غازي خليل مدير قسم العلاقات والأعلام في دائرة المفتش العام في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فقال " عملت الوزارة على تقديم مشاريع قوانين الى مجلس شورى الدولة بما يخص حقوق الأرامل، وقانون العنف الأسري وقانون رعاية المرأة لغرض أقرارها، لكن لغاية الآن لا نعرف ما هو مصيرها ؟
واضاف أن " الحد الأعلى لراتب الأرملة التي لديها خمسة أولاد يبلغ (225) ألف دينار، أي (100) ألف دينار للأرملة و (25) ألف لكل طفل، ويعد هذا المبلغ ضئيل قياسا بمتطلبات العيش، لذا قدمت الوزارة مقترحاً لزيادة الرواتب على أن تكون (450) ألف دينار كحد أدنى، وهذا المقترح لم ير النور بعد.
وأعربت الناشطة نقية اسكندر عضو رابطة المرأة عن استيائها من ضآلة المنح والرواتب قياسا بإعداد الأرامل والمطلقات الكبيرة في البلد، وطالبت وزارة المرأة بان تكون أكثر جدية بما يخص تحسين الوضع الاقتصادي لهن، وتبين اسكندر بحديثها، بان أكثرهن قد باعت الشقق الممنوحة لتوفير مبالغ مالية تعينها على المعيشة مقابل البقاء في السكن في مناطق التجاوزات.
ومن اجل النهوض بواقع المرأة وتحديد الأرامل والمطلقات لابد من تنفيذ إحصاء عام للسكان من اجل الحصول على رقم محدد بعددهن، لوضع إستراتيجيات وطنية لتحسين أوضاعهن، وتفعيل المادة 30 من الدستور التي تهتم بالضمان الاجتماعي لهن، وتخصيص أبواب ثابتة من الموازنة العامة لدفع الرواتب، فضلا عن فتح قنوات للتواصل والتنسيق بين المنظمات المختصة والجهات الحكومية، وزيادة التخصيصات المالية لوزارة الدولة لشؤون المرأة لدعمهن، وتوفير العناية الطبية لهن، ومنح قروض صغيرة لفتح مشاريع تشجيعية، وتوفير سكن ملائم من خلال بناء مجمعات سكنية للتمليك أو الإيجار بأسعار رمزية.