فضاءات

اخر يوم في السجن/ د. عاصم عبد الرزاق عزت

لا اتذكر يوما تحديدا لان عملية اطلاق سراحي منتصف عام 1966 كانت عملية معاناة و صمود تماما كأيام السجن نفسها لثلاث سنين و نصف، فعوضا عن اخلاء سبيلي في اليوم الذي أبلغتني فيه ادارة سجن الحلة بذلك عقب نقلى اليه من سجن نكرة السلمان نقلوني الى سجن رقم واحد العسكري ثم الأمن العامة ثم الرمادي ثم رقم واحد مجددا واحتجزوني هناك لمدة شهر تقريبا، اخذوني بعدها الى الامن العامة حيث كان يوم اخرا من التحدي والمجابهة ومن ثم الى رقم واحد فجرا حيث هب الرفاق الموقوفين( اظن ان طيب الذكر الشخصية الوطنية غضبان السعد كان احدهم) الى اسعافي بالماء والكساء( بجامة جديدة) ثم لنوم عميق من الإنهاك حد الاغماء ولكن ما هي الا ساعات قلائل الا والمنادي يطلب مني الذهاب اليه لمقابلة مسؤول في وزارة الدفاع وطلب مني الركوب بسيارة عسكرية الى هناك.

اقتادوني الى الطابق الثاني في وزارة الدفاع ويبدو انه كان شعبة الاستخبارات العسكرية واجلسوني في الممر مقابل غرفة مكتوب على بابها مدير المكتب النقيب..........المشهداني كان منظرا مهولا لي وللمارين ( قد يهون العمر الا ساعة و تهون الارض الا موضعا) فانا شاب متعب ببجامة و هم ببزات وشارات، فاستجمعت قواي و وقفت ناويا الهتاف بحيات شعبي و حزبي في اللحظة التي فتح بها باب الغرفة ( وينه هذا عاصم ) اجبته بشبه هتاف لا فتآ سمع و بصر المارة ( انا ابن هذا الشعب دكتور عاصم ) طلب مني الدخول وهو يتمتم ( هاي شنو بعدنا ما خلصنا منكم) ثم طلب مني تقديم براءة ( يالله انطي براءة و خلص نفسك ) شعرت ان ذلك اشاره الى انهم سيعدمونني، فقلت له ليلة امس طلبتم مني تقديم براءة في الامن العامة و لم اعرف الاسماء ولكني اقرأ اسمك النقيب ........ المشهداني و قالوا لي انطي براءة لو تندم و هسه انا وانت ولو على رقبتي ولو على رقبتك تنطي انت براءة من اهلك وعمامك..

اغتاظ ورفع سماعة التلفون وقال سيدي هذا ما يقبل ينطي براءة ووجه كلامه لي انشاء الله تندم
(تعال وياي الضباط يردوك) واقتادني الى نهاية الممر و فتح باب كبيرة طلب مني الد خول خلالها واذا بي في صالة واسعة يتصدرها مكتب محكمه يجلس عليه خمسة ضباط برتب عالية ناداني من كان يرأسها اجلس دكتور عاصم واشار الى كرسي حديد ابيض اللون من مثل تلك الكراسي التي تستعمل في حدائق النوادي
نريد ان نسألك بعض الأسئلة انا .. فريق............ عبد الرزاق النايف وزير دفاع و الى يميني فريق او قائد............. ابراهيم الداوود و هذا فريق ,امر الانضباط العسكري......... عبدالكريم وهذا الى يساري. رئيس استخبارات فريق ......... شفيق الدراجي وهذا. الفريق ......... \ يبدو عليك ولد طيب اتفضل اشرب استكان جاي اجبت وانا لم اشعر في تلك اللحظات الا بالحفاظ علي قيمي و اعتدادي بمثلي و كرامتي. سادتي هل يسعدكم ان تكونوا بهذه الرتب العالية و تطلبون مني الجلوس وانا ببجامة اجابني و بأدب عال نأسف لهذا و أضاف ما الذي تنوي عمله لو اطلقنا سراحك اجبت ان اكون طبيبا جيدا اعالج المريض و المحتاج حتى ممن اساء الي. اجابني هناك من لا يطمئن لإطلاق سراحك اجبته و هل تخافون من سماعتي الطبية و هنا التفت عبد الزاق النايف( و اقولها للحق و التاريخ والانصاف ) الى بقية الجماعة ..
هو مثل هذا الشاب ينسجن مو اكلكم لازم نستعجل ابحركتنا.
و اذاك وقفوا كلهم وقال .... عبد الكريم ذو النظارات السميكة: دكتور هذا السايق مالتي ايوصلك للبيت بسيارتي .
هكذا كان اخر يوم في السجن و لو كان يجري توقيفي كل سنة او اقل ليوم او يومين لا لشيء سوي (صحيفة اعمال ) خصوصا عام 91 و ما بعده .
ولن انسى ليلة اطلاق سراحي تلك الليلة التي احياها الاهل والجيران واخص منهم عائلة اكرم رؤوف