- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأحد, 06 آذار/مارس 2016 20:16

قبل ثلاث سنوات، حين احتفلنا هنا، في هذا الحضن النواسي الاخضر، بافتتاح اول دورة لهذا المهرجان، الاول من نوعه في منطقتنا وليس في العراق فحسب، قلنا اننا نبتغي من اقامته تأسيس علاقة تداول وحوار دائمين مع قرائنا وجماهير مواطنينا، من جانب، ومع بقية المنابر الصحفية وعموم الاسرة الصحفية العراقية الواسعة وزميلاتنا وزملائنا العاملين فيها، من جانب آخر.
فهذه العلاقة بجناحيها كليهما تتيح لنا، كوسائل اعلام، ان ننهض على نحو افضل بالمهمات الكبيرة التي نتصدى لها، مهمات تقصي المعلومات والآراء، وجمعها، ونقلها الى جمهورنا وأواسط الرأي العام، بتجرد وصدق ومهنية، وبما يمكـّنهم من اتخاذ المواقف السليمة المتوازنة إزاءها. كذلك العمل المشترك على توفير متطلبات الانجاز السليم والسلس لتلك المهمات، واولها اصدار التشريعات واتخاذ الاجراءات الضامنة للحق في الوصول الى المعلومات، ولحرية الصحافة وحرية التعبير، ولحماية الصحفيين وتأمين حقوقهم، وغير ذلك.
وقد اسعدنا كثيرا ان توجهنا هذا، وسعينا المخلص إلى وضع مهرجان "طريق الشعب" منذ لحظة ولادته، تحت تصرف العائلة الصحفية العراقية، وجعله مهرجانا لها جميعا، لقيا الترحيب والتجاوب من طرفها. فكان ان بدأ المهرجان، وجرى، وانتهى، بمشاركتها وبالحضور المباشر لكل منها في جناحها - خيمتها الخاصة على ارضه. وبذلك تحول وهو بعد في المهد، الى مشروع مهرجان لعموم الصحافة العراقية.
وتواصل هذا الموقف الايجابي في المهرجانين اللاحقين الثاني والثالث، سنتي 2014 و 2015 ، وتعزز باقبال المزيد من زميلاتنا الصحفيات وزملائنا الصحفيين، على المشاركة فيهما وفي ندواتهما وفعالياتهما الاعلامية والثقافية المختلفة. كذلك رفدته مشاركة العديد من المنظمات غير الحكومية والجهات الثقافية المختلفة، التي راحت هي الاخرى تكرس حضورها السنوي على ارضه.
ايها الاحبة
بهذا الارث الباعث على الاعتزاز للمهرجانات الثلاثة الفائتة، عدنا صباح اليوم الى الجوار الجميل لشهرزاد وشهريار، لندشن مهرجان "طريق الشعب" الرابع.
جئنا لنجد فضاءه يحتضن هذه المرة اجنحة ثلاث وعشرين جريدة ومجلة، وستٍ من دور النشر، وسبعِ منظمات مجتمع مدني فاعلة. وليطالعنا على ارضه ولاول مرة، الجناح الكبير لوزارة الصناعة، الذي يروّج للانتاج الصناعي الوطني تحت شعار "صنع في العراق" ، وجناح مفوضية الانتخابات الذي يعرض على زوار المهرجان تحديث سجلاتهم الانتخابية، وجناح المكتبة الجوالة التابعة لمديرية العلاقات في وزارة الثقافة، التي تحمل الكتاب وانوار المعرفة الى بنات وابناء المناطق النائية.
جئنا الى ارض المهرجان لنستقبل في الساعات التالية ضيوفنا من اعضاء مجلس النواب ومن المثقفين والصحفيين، الذين شارك بعضهم اعتبارا من منتصف النهار في الندوة المكرسة لشخصية المهرجان هذه السنة - عميد الصحفيين العراقيين، العزيز الراحل فائق بطي، وأسهم بعض آخر في الجلستين الحواريتين حول الصحافة الرياضية، وحول حقوق الصحفيين وحمايتهم. وسبق هؤلاء وأولئك زملاؤنا في جريدة "الصباح" الذين تحدثوا عن المطبعة الجديدة الحديثة لجريدتهم، قبل ان يباهوا بالشاعر حمزة الحلفي الذي رافقهم لالقاء بعض قصائده.
وجئنا الى هنا حاملين الجوائز التي يمنحها المهرجان كل سنة لشخصيات صحفية وثقافية، وهي جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي، وجائزة كامل شياع لثقافة التنوير، وجائزة هادي المهدي لحرية التعبير. وسنعلن في جزء لاحق من حفلنا هذا، اسماء الاعزاء الثلاثة الفائزين بها هذه السنة، وندعوهم الى المنصة لتسلمها، ولنحتفي سوية بهم.
علما ان هذا الحدث لن يمر من دون جديد. ففي جعبة المهرجان هذه السنة جائزة اخرى، رابعة، يمنحها لاول مرة، وهي جائزة عبد الجبار وهبي للمنجز الصحفي، التي يكرِّم بها الصحفيين المتميزين بعطائهم على امتداد سنوات مسيرتهم الصحفية. وسنصفق ايضا لاول قاطف لهذه الجائزة، وهو يصعد الى المنصة لتسلمها.
ولكن قبل هذا وذاك، سننقل اليكم بعد قليل، وحال انتهاء هذه الكلمة، نص الرسالة التي تلقاها مهرجاننا من اول عراقية ترشح رسميا لجائزة نوبل للسلام، وقد ورد اسمها ضمن القائمة الرسمية التي اعلنت يوم امس الاربعاء للمرشحين لنيل هذه الجائزة في سنة 2016.
انها الشابة العراقية الايزيدية الباسلة نادية مراد، التي دعوناها ونحن نهيئ لمهرجاننا هذا، لتحل ضيفة عليه، معربين عن الرغبة في احتضانها باعتبارها شخصية المهرجان، والاحتفاء معكم ومع اوساط شعبنا بها وبنضالها المتفاني من اجل اهلها وبنات وابناء شعبها الايزيدي، الذي تعرض ويتعرض إلى السبي والابادة، على ايدي عصابات داعش المتوحشة، ومن اجل كل العراقيين الذين وقعوا ويقعون مثلهم، ضحية لهذا التنظيم الاجرامي الغاشم.
الا ان نادية المنشغلة بهذه القضايا النبيلة، والمنغمرة في عمل يومي لا يكل في سبيلها، اعتذرت عن تلبية دعوتنا، ووجهت الينا يوم امس الثاني من آذار، رسالة في هذا الخصوص، سنتلوها عليكم بعد قليل.
زميلاتنا الصحفيات، زملاءنا الصحفيين
الحضور الكريم
يلتئم مهرجاننا اليوم، فيما نواجه نحن الصحفيين العراقيين، الانتهاكات والاعتداءات التي تطالنا من جهات عديدة، أبرزها الإرهاب.. نواجه والمؤسسات الإعلامية، دعاوى قضائية بالمئات، تشكل تحدياً كبيراً وصعباً لحرية التعبير عن الرأي.
ويكمن سبب هذا اساسا في المنظومة القانونية، التي لا تؤمّن الضمانات الكافية لحرية العمل الصحفي، بل ان بعض تشريعاتها ونصوصها تشكل خطرا على هذه الحرية.
فقانون ما يسمى "حقوق الصحافيين" الذي شرعه البرلمان في آب عام 2011، ما زال يمثل تهديداً حقيقيا لحرية الصحافة بصورة خاصة، ولعموم حرية التعبير. لا سيما وان خمسا من مواده شرعنت العمل بالقوانين الموروثة من الحقبة الدكتاتورية البائدة.
وزادت الحكومة الحالية الطين بلة، باحالتها الى مجلس النواب مسودة بالغة السوء لمشروع قانون حرية التعبير، كانت قد أعدت في عهد الحكومة السابقة، وتمثل في الحقيقة تجاوزا خطرا على مبادئ الدستور والنظام الديمقراطي، حيث تضمنت بنودا لم تعرفها حتى قوانين البلدان الدكتاتورية.
والاسوأ من هذا ان مجلس النواب تجاوب مع الحكومة في ذلك، حيث قام في شهر تشرين الثاني الماضي بقراءة ثانية للمسودة المذكورة وأعدها للتصويت، في إجراء وصف بانه قانوني روتيني، الأمر الذي أثار حفيظة المنظمات المدنية، فضلاً عن الصحفيين والنشطاء.
وما تجدر الاشارة اليه كذلك ان البرلمان والحكومة لم يعيدا النظر طيلة السنوات الماضية في جملة تشريعات موروثة من الحقبة الدكتاتورية السابقة، تكبل بمعنى الكلمة حرية الصحافة وحرية التعبير بصورة عامة، فظلت بالتالي قائمة نافذة. وهذه القوانين هي: قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 ، قانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968 ، قانون وزارة الإعلام لسنة 2001 ، قانون الرقابة على المصنفات والأفلام السينمائية رقم 64 لسنة 1973 ، وقانون نقابة الصحفيين لسنة 1969 .
يضاف الى هذه القوانين أمر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 14 لسنة 2003 الذي يخص النشاط الإعلامي المحظور، ويمنح رئيس الوزراء صلاحية اغلاق أية وسيلة إعلامية، ومصادرة معداتها وأموالها، بل وسجن العاملين فيها.
ان هذه القوانين الموروثة تتيح للحكومة غلق الصحف ووسائل الإعلام الاخرى، وليس مجرد مراقبتها والتدخل في سياستها التحريرية.
وقد احبطت الكتل الكبيرة في مجلس النواب في السنوات الماضية وما زالت تعرقل حتى اليوم، الجهود التي بذلها ويبذلها بعض النواب، لا سيما في لجنة الثقافة والاعلام، لتشريع قوانين اخرى، تحمي العمل الصحفي وحريته، مثل قانون حق الحصول على المعلومة، وقانون هيئة الإعلام والاتصالات، وغيرهما.
ويسرنا ان بعض جوانب هذه المسألة المهمة كان موضوع الندوة الحوارية، التي جرت عصر اليوم في مهرجاننا هذا تحت عنوان "حقوق الصحفيين وحمايتهم بين القانون والواقع"، واسهم فيها بعض اعضاء مجلس النواب، الذين يجلسون معنا الآن في هذا الحفل.
زميلاتنا وزملاءنا ، ضيوفنا الاعزاء
جميل ان يبقى الحظ يحالفنا في كل سنة، فنقيم مهرجاننا في عشية واحد من اجمل الايام في كوننا، الثامن من آذار – عيد المرأة العالمي.
والاجمل ان نحتفي بهذا العيد، وان نزف في مناسبته اعطر التهاني واحلى التمنيات الى رفيقاتنا وزميلاتنا في "طريق الشعب" وفي عامة الصحف ووسائل الاعلام العراقية.
وان نهنئ معهن امهاتنا وبناتنا وحبيباتنا وشقيقاتنا، وبنات شعبنا العراقي كافة.
وان نتوجه بالتهنئة ايضا الى نساء العالم اجمع، مستذكرين مرة اخرى واخرى مستهل قصيدة الجواهري الشهيرة:
حييتهنَّ بعيدهنّ ، وحمدت شعريَ ان يروح قلائدا لعقودهنّ
ختاما ايها الاعزاء، اسمحوا لي ان اعرب عن عميق الامتنان لكم على تلبية دعوة "طريق الشعب" والمشاركة في مهرجانها السنوي الرابع، مهرجان الصحافة العراقية، راجين ان تكونوا وجدتم في وقائعه وفي اجوائه، المتعة والفائدة معا.