من الحزب

في الاجتماع الاخير للرئاسات : حميد مجيد موسى : التغيير الشامل استحقاق سياسي وحاجة ملحة

طريق الشعب
التأم يوم الاربعاء الماضي الاجتماع الثالث للرئاسات الثلاث
ورؤساء الكتل والاحزاب السياسية، على اساس جدول عمل اعدته رئاسة الجهورية بالتشاور مع الرئاسات الاخرى.
ومن اجل التعرف على مجريات هذا الاجتماع ومواد بحثه، وما دار فيه وحصيلته، التقت " طريق الشعب "، الرفيق حميد مجيد موسى، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الذي مثل الحزب في هذا اللقاء وبيّن ان هذا الاجتماع قد فرضته الحاجة الملحة والماسة للتشاور ولتبادل الرأي حول اهم القضايا والاستحقاقات التي تواجه الوطن في هذه المرحلة الخطرة، وقد تميز الاجتماع بالصراحة والجدية والمسؤولية رغم ان مواد بحثه بحاجة الى لقاءات اخرى للتوصل الى تصورات نهائية بشأنها، فمن ابرز القضايا التي طرحت على جدول العمل موضوعة الإصلاح، ومدى ضرورته والحاجة الى التغيير، سواء على مستوى التوجهات أو على الهيئات والمؤسسات.
واضاف : هنا تراوحت وجهات النظر بين الحاجة والضرورة إلى اجراء تغيير فعلي وجوهري، وبين من ما زال لا يرى في التغيير الا تعديلات شكلية لا غير. وقد تباينت الرؤى ايضاً حول مديات هذا التغيير ومدى جذريته والحاجة لوضع رؤية متكاملة عن ابعاده. فقسم لا يزال يتصور ان الامر مجرد تغييرات ادارية وفنية فوقية، في حين يعتقد آخرون بان هناك استحقاقا سياسيا يتطلب تغييراً او اصلاحاً حقيقياً ينطلق من رؤيا متكاملة ذات ابعاد سياسية – اقتصادية، اجتماعية وعسكرية امنية، فضلا عن كونها ادارية.
وبين موسى : ان المشكلة تكمن في ان البعض لا زال متشبثاً وبدرجات مختلفة وبصياغات مواربة بمنهج المحاصصة الطائفية – الاثنية ويغلف ذلك بتركيز الحديث عن استحقاق المكونات والتوافق والتوازن والمشاركة. كل هذه المصطلحات تطرح في اطار مفاهيم ملتبسة غير واضحة، تستهدف الابقاء على ما كان قائما بشكل او آخر. وهناك من يرى ان منهج المحاصصة اصل الكوارث واساس البلاء ولا بد من تجاوزه والاتيان ببديل يعتمد المواطنة .
وعن الآليات ووسائل تحقيق وتجسيد الاصلاح والتغيير اوضح حميد موسى بانه هنا اصطدمت الآراء ايضا مع بعضها البعض. فما زال عند بعضهم لم يحسم بعد امر طبيعة التغيير والذي يجب ان يبدأ في قمة السلطة، فهناك طروحات متنوعة، فمرة يتم الحديث عن اصلاح جذري واخرى شامل وثالثة جوهري ورابعة جزئي، وهذا ما يولد التباسات وعراقيل غير محمودة تعرقل بالتالي اتخاذ القرار الواضح والسليم لانجاز عملية التغيير.
وبين سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بان هناك اختلافا في شأن مفهوم حكومة التكنوقراط ، وماذا يقصد به من معان وتأويلات وبالتالي كيفية اختيار التكنوقراط والجهة المسؤولة عن اختيارهم، وهل يعني ذلك رفض اسهام السياسيين الاكفاء والذين قسم منهم تنطبق عليهم مواصفات التكنوقراط ام لا؟ وكيف يتمكن رئيس الوزراء والفريق القريب منه ان ينجز هذه المهمة من دون التشاور مع الآخرين؟ وهل المطلوب ان يجري الاختيار خارج اطار التشاور مع القوى السياسية، والهيئات والمؤسسات الرسمية الدستورية، ام ان الامر يحتاج الى وضوح دون ان يكون ذلك مبطئاً او معرقلاً لوتيرة انجاز الاصلاح والتغيير . نعم، اختلفت التقديرات، ولكن اتضحت وجهات نظر كل طرف.
لقد اجل النقاش في هذه المواضيع الى لقاء قادم تكون فيه الرئاسات الثلاث قد انجزت تلخيص وجهة صحيحة وتشكيل لجنة كفوءة لمساعدة رئيس الوزراء لاقتراح الطاقم الوزاري الجديد وفقاً للمعايير العامة المتفق عليها، وان تدفع المسألة برمتها إلى الانجاز بفترة زمنية محددة اقترح البعض ان لا تتعدى شهراً واحداً.
واضاف : هذا ما جرى في الاجتماع والذي نأمل من خلال عرضه توضيح الامور بدقة ومن دون تهويل او مقاصد سلبية. اما موقف الحزب الشيوعي العراقي فقد قدمه الى الاجتماع الرفيق حميد موسى في مداخلتين خلصت الى :
1- البلد يعيش أزمة خطرة متعددة الجوانب عميقة وبالتالي فان عملية الاصلاح والتغيير ضرورة لا مندرجة عنها، وهي غير قابلة للتأجيل بعدما تحركت الجماهير بهذا الزخم الواسع مطالبة بالحقوق. فلا حاجة إلى اعادة النقاش حول ضرورة ذلك.
2- ان هذا الاصلاح يجب ان ينطلق بوضوح من خلال التخلي عن المحاصصة الطائفية- الاثنية، واعتماد مبدأ المواطنة.
3- يجب توفير كل الضمانات للاستجابة إلى هذه الحاجة الملحة والاستحقاق السياسي ومن دون تأخير او تلكؤ أو لأي سبب كان.
وعليه وبما ان اعادة تشكيل الحكومة هو خطوة البداية الملحة فلا بد من التحرك من خلال وضع رؤى واضحة وصريحة لاستراتيجية متكاملة للاصلاح بكافة الجوانب: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية والاعلامية . وبموجب هذا التوجه يصار الى تغيير شامل في قوام الحكومة . يتوجب هنا الكف عن مواصلة اطلاق التسميات التي تثير الجدل.ان الحاجة ماسة للتغيير الشامل
اما بشأن معايير تشكيل الحكومة، فبدلاً من الاستغراق في النقاش حول مصطلح التكنوقراط او ما يحمله من معان ، نؤكد على ضرورة اعتماد معايير وسمات واضحة ومحددة وملموسة لمن يكلف بالمهمات الحكومية وهي الكفاءة والمهنية والنزاهة والاخلاص لقضية الديمقراطية وتطورها في البلد والالتزام بالقانون والدستور والمؤسسات الدستورية المنتخبة، وممن يملكون القدرة والآهلية على ادارة الامكانات البشرية والمادية المتيسرة في مؤسسات الدولة بشكل سليم ولمصلحة الشعب بعيداً عن اية شبهة فساد. وان يضمن في التشكيل الوزاري التنوع والتوازن، وان يكون مفتوحا لجميع اطياف الشعب العراقي، وليس لشخص او حزب او كتلة او جهة معينة.
وكل ذلك يمكن ان ينضج اذا ما قامت الرئاسات الثلاث على الفور باللقاء وتقديم مقترح إلى الاجتماع القادم المزمع عقده قريباً (افترضنا اسبوعاً) لتشكيل لجنة من ذوي الامكانيات والمؤهلات لمساعدة رئيس الوزراء في اختيار من يراهم مناسبين لاسناد مسؤولية الوزارات اليها وغيرها من الشخصيات التي ترشحها الجهات المختلفة المعنية. وان ينجز في ذات الوقت مشروع الرؤى والافكار التي تنظم الاصلاح والتغيير واهدافهما وابعادهما ومآلاتهما النهائية ضمن حدود زمنية والتزامات محددة.
وان يجري السعي إلى انجاز كل هذه العملية بحدود شهر واحد ونحن نعتقد انه اذا ما توفرت الارادة الصادقة والعزيمة الجادة فان هذه الفترة كافية وقابلة للتحقيق، وخصوصاً نحن نعيش ظروفاً حساسة ومعقدة امنياً وعسكرياً، فداعش الارهابي ما زال يعبث في امور البلد ويمارس الوحشية مع ابناء شعبنا في المناطق التي يسيطر عليها، بل يهدد كيان الوطن باشد المخاطر. ومن ناحية اخرى ان ما نواجهه من ازمة اقتصادية – مالية خطرة تستوجب المعالجة الجادة والادارة السليمة، كي تتوزع أعباؤها على الجميع وفقاً لقدراتهم وليس بتحويلها على ذوي الدخل المحدود.
وختم موسى ان كل هذا يلح على من يعنيهم الامر ان يتعاملوا بمسؤولية ودراية عالية مدروسة وغير بطيئة لوضع البلد على الطريق الصحيح وتجنيب شعبنا المآسي والمطبات السيئة.