- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 16 تشرين1/أكتوير 2017 18:46

جميعنا نحن مواليد الخمسينات والستينات والسبعينات نحملُ في أيدينا ندوباً للقاحات الوقاية من أمراض الجدري والسل الرئوي ، حيث باتت هذه الندوب آثاراً على سواعدنا وزنودنا منذ طفولتنا وليوم الناس هذا ، ومازالت علاماتٍ فارقة لدينا !
وكلّما يسألني ابني الصغير : بابا ما هذا الأثر الذي في يدك ؟! أجيبُهُ : انّه بقايا لقاحات الجدري والسل مذ كنّا صغارا !
كلّ يومٍ أنظر إلى يدي لأتفحص هذه الندوب عند سماعي عما يعانيه أطفالنا المصابون بالسرطان من آلام وانتكاسات وموت بسبب انعدام العلاج في المستشفيات ،فتنزل دموعي لتلسع خدي وألعن كلّ مَنْ تسبب فيه من الأولين والآخرين، إذ انتشرت في الآونة الأخيرة إصابات السرطان نتيجة التلوث الذي تعاني منه أغلب مدننا لافتقارها إلى ابسط الخدمات ، وانعدام الوقاية الصحية والأدوية في المستشفيات وارتفاع أسعارها في الأسواق!
أطفالنا ومواليد الثمانينات والتسعينات وما بعدها لم توسَم أيديهم بآثار اللقاحات تلك ، حيث ابتكر النظام الفاشي المقبور لعبة الحروب ليعبئ البلد بالعسكرتاريا والتسليح ، وزاد الطين بلّة الحصار الذي فُرِضَ على الشعب ليموت العديد من الأطفال والشيوخ نتيجة سوء التغذية وشحّة الأدوية. وجاء التغيير وما اعتراه من فسادٍ وخرابٍ وطائفية ومحاصصة أجهزت على ما تبقّى من بنىً تحتيةٍ وخدماتٍ صحيةٍ وكهرباء وماء وتلوّث كلّ شيء بعدما ذهبت المليارات من الميزانيات الانفجارية هدراً وحساباتٍ في المصارف والبنوك الأجنبية والعربية، ليقضي على أمل تحسّن الوضع الخدميّ والصحيّ والماليّ في البلاد!
وما الصيحةُ التي يُطلقها الشباب اليوم منادين بالالتفات إلى أطفالنا المرضى وإنهاء معاناتهم بتوفير المستلزمات الطبية من علاجاتٍ وموادٍ للعملياتِ وغيرها إلاّ جرعة أمل يستمطرونها من غيم المروءات المتبقي في نفوس الطيبين. أمّا الفاسدون فلا رجاء في صحوة ضمائرهم لأنها تحجّرت بسبب الغشاوة التي غطّت بصيرتهم وما عادوا يبصرون الخير أبدا !
من أجلِ أطفالِنا اليومَ ، بل جميعِ الناسِ ، على المسؤول أن يقفَ وقفةَ تأملٍ ومراجعةِ ذاتٍ كي يُعيدَ حساباتِهِ ويبدأ من جديد ، فمن غيرِ المعقولِ أن تُهدرَ الملياراتُ هنا وهناك سحتاً ويبقى الناسُ والوطنُ في عذابٍ مستديمٍ يكبرُ يوماً بعد آخر !
ناسُنا ووطنُنا بحاجةٍ إلى كلّ ذرّة مروءةٍ وتفاعلٍ وضميرٍ حيّ من أجلِ أن نبني الدارَ ونعمّرَها ونمنحَ أطفالَنا جرعةَ أملٍ بمستقبلٍ زاهرٍ وسعيد ، لا أن نتركَهُم والدمعُ واليأسُ في عيونِهم ولسانُ حالِهم يقولُ : ماذا صنعتُم بِنا ؟! وكيف سيكونُ مستقبلُ الوطنِ والفسادُ والأمراضُ يفتكانِ بِنا؟!