ادب وفن

الفريد سمعان في المركز الثقافي البغدادي

صبيحة شبر

أقام الملتقى الثقافي لاتحاد الأدباء في المتنبي أصبوحة لاستضافة الشاعر الفريد سمعان، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء للحديث عن تجربته السياسية والأدبية، أدار الاصبوحة الروائي صادق الجمل في قاعة جواد سليم، وحضر الجلسة الكثير من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالحركة الثقافية العراقية..
قال صادق الجمل ان الفريد سمعان له اكثر من عشرين ديوان شعر وست مجموعات قصصية، هو أحد أبطال قطار الموت، وقد اعتقل في سجون الكوت ونقرة السلمان والحلة، وله اسهامات في مجال السياسة والرياضة والاقتصاد..
وقال شاعر الاطفال محمد جبار ان الفريد سمعان أديب وانسان ومن المساندين للشباب وان جميع المنتديات المنضوية تحت خيمة الاتحاد يساهم الفريد سمعان في تشجيعها ، ثم سأل الأستاذ جبار: ما هو تأثير الطفولة في نتاج الفريد سمعان، وهل مارس الكتابة أثناء الطفولة؟
أجاب الفريد سمعان ان مواهب كل انسان لها شيء من الطفولة، كنت في الصف الثاني وكانت هناك مسرحية تصور الصراع بين الأسد والحطاب، كانت فكرة المسرحية جميلة، أقيم حفل نسائي في الرمادي عام 1937، ويوم تقديم المسرحية اختفى الحطاب، مما سبب حيرة المعلم الذي سأل: من حفظ الدور، ثم جلب الدشداشة التي يلبسها الحطاب وقمت بالدور فصفق لي الحاضرون..
وكنت في مدرسة مسيحية في بغداد فيها فرقة للنشيد، كنت عضوا فيها، وكان صوتي جميلا آنذاك، وفي الثاني المتوسط جاءنا أستاذ من الحلة يدرسنا التاريخ، وقد تحدث معنا عن كيفية كسب الانسان لشخصيته، وأعطانا كتبا للعقاد وطه حسين كل هذه الاشياء ربما قد اثرت في شخصيتي.
أصبحت في الثانوية انشر دون ان يجرى لقصائدي التعديلات..
وقال الروائي حميد الربيعي ان الفريد سمعان ليس شخصا واحدا، انما عدة أشخاص: الصديق والأديب والسياسي، ولا يمكن ان نقصره على وجه واحد، ومتى ما ذهبنا اليه نجد الترحيب والرغبة في الحلول، ولا يخطر ببالنا ان يكون الاتحاد دون الفريد، وهذا التاريخ المتجسد أمامنا بشخص الفريد هو التاريخ الذي تابعناه، ثم طرح الروائي حميد الربيعي السؤال: قل لي بربك الفريد سمعان: كم مرة أحببتَ؟
أجاب الفريد سمعان انه كانت له علاقة مع معظم الأدباء والشعراء، أمثال مهدي المخزومي، عبد الملك نوري، لميعة عباس عمارة، علي جواد الطاهر، وهذه الوجوه رسمت مسيرة الاتحاد، وعرفت بدر شاكر السياب في البصرة واستفدت منه، وقد كتب السياب مقدمة لديواني الأول، وذكر انه سيكون له شأن كبير في الشعر العراقي، وكان الحاضرون يقفون ان حضر الجواهري، ولا يجلسون الا ان جلس الجواهري، هذه المحبة للكبار كان لها التأثير الكبير..
الأستاذ جبار سهم السوداني قال ان الفريد سمعان يمثل عصرا كاملا، كتب الكثيرون عنه، الابداع الأول في حياته هو الشعر الذي هو جموح، وهو الآن الأمين العام لاتحاد الأدباء، وهذا قيد، فالحرية انطلاق، والمسؤولية قيد، فكيف يوفق الفريد سمعان بين شاعريته وبين قيد الأمانة العامة؟ وثانيا ثمة قيد من الابداعات، نأمل أن يعدد لنا هذه الابداعات، وأيها الأقرب الى قلبه؟
أجاب الفريد سمعان انه احب الكتب والورق، وعنده مكتب محاماة يزدهر بالكتب، ومكتبة خاصة بالاتحاد، وأتمنى ان أقرأ هذه الكتب، فالإنسان يجب أن يكتنز، ويقدم عطاء زاخرا، وبين المحتفى به ان اولاده في ألمانيا يطلبون ان يلتحق بهم، لكنه يرفض، فلا يمكن أن يعيش في مكان غير العراق، الذي يشعر به بحيوية لا تكون معه في مكان آخر، كما أشار الى انه يحضر كل الندوات ويستقبل الوجوه الطيبة، لهذا لا يشعر بمرور الساعات، وقال انه يتمنى أن تجمع كل الكتب في كتاب واحد..
وسأل الروائي صادق الجمل: لماذا لا تقدم كتبك الى المكتبة الوطنية؟
أجاب الفريد سمعان انه سوف يقدمها الى جهة تستفيد منها..
وسأل الأستاذ علي عبد اللطيف السامرائي: هل تعتقد ان قطار الموت ونقرة السلمان اخذا دورهما في الكتابة؟، وكيف ترى الحزب الشيوعي العراقي؟ وبعد أن أنصفتم الشعب العراقي، هل أنصفتكم الحكومة العراقية؟
أجاب الفريد سمعان انه في الخمسينيات وخلال نضال الشعب العراقي، كان هناك الكبار مثل السياب والجواهري، الذي كان محرضا كبيرا، كنا نقاتل الشرطة ونتعرض للأذى، وكنا نقرأ قصائد أسعد الشبيبي الذي نادى بسقوط الملكية، وأجمل ما كتب السياب حين كان منتميا لليسار مثل حفار القبور والمومس العمياء وغريب على الخليج، وللجواهري أخي جعفر التي كتبها بعد استشهاد أخيه.
قرأ الشاعر الفريد سمعان بعض قصائده.
وسأل القاص سالم الحميد: هل سجلت تاريخ حياتك؟
أجاب الفريد سمعان انه كتب ثلاثين حلقة في جريدة طريق الشعب، ووصلت بالحوار والأحاديث الى ثورة تموز وان شاء الله أواصل الكتابة..
قال الأستاذ علي الفواز ان الحديث عن الفريد سمعان هو حديث عن الثقافة العراقية بكل اشتباكاتها السياسية والفكرية، لأنه منذ الأربعينيات ارتبط بحركة الشعر، حين كان قريبا من السياب ونازك الملائكة، وبدأت الحياة العراقية تتفاعل مع الايدولوجيات الثورية، وفي هذا الجو تشكل وعي الفريد سمعان، وظل الفريد سمعان واحدا من الشهود الفاعلين على تحولات الثقافة العراقية، ولم يكن إيديولوجيا وسياسيا بالمعنى الجامد، بل كان حميميا، وكانت كتاباته شعرية تتغنى بالإنسان، ومثلما كان يعمل في الفكر الثقافي، كان ينشط في العمل الإداري، ?هو ذاكرة وعلم من اعلام ثقافتنا..
وقال الناقد علوان السلمان إن الفريد سمعان في شعريته وهو الانسان الشاعر القاص والسياسي الذي جمع بين المتعة والمنفعة، وكانت قصائده معاناة حسية لا تكشف عنها الرموز، القصيدة عنده كائن متعدد الصور، مرتبطة بوحدة عضوية، وشعره التفاتة الى الذات الانسانية في التعبير عن الأزمنة..
الدكتور رعد الركابي قال ان الحديث عن الفريد سمعان هو حديث عن بناء مجتمع مدني اخذ طابع التغيير، وان الابداع الفكري اخذ ينمو في الخمسينيات من خلال المعلم..
وسأل الأستاذ لطيف جاسم: هل هناك عراب في حياة الفريد سمعان؟ ام ان الفريد صنع نفسه؟
قال الفريد سمعان انه كان هناك تأثيرات مختلفة لشعراء وأدباء، وما زلتُ أتعلم..
وقال الناقد سعيد مطر ان قطار الابداع لم يتوقف، كان متحركا يصنع الحراك الثقافي، والفريد سمعان له حضور دائم، شباب في أعماقه، الحيوية تتدفق باستمرار، متنوع العطاءات، له قدرة على احتواء الآخر..
في الختام قدم صادق الجمل شهادة تقدير للمحتفى به الفريد سمعان.