بـَـغـدَادُ قـَـلـبـِي فـِـي يَــدَيـكِ فـَـعـَذبـِي إنْ شِئْتِ ، أو إنْ شِئْتِ شُلَّ العَاطِبُ
إمـَّـا صَـبَـبْـتُ سَـعِـيـرَ عُـتـبي لمْ أكـُنْ لـِسِـوَى تـَضَـاريـم ِ الفـُؤادِ أعَـاتِـبُ
وَأنـَا ابـنـُكِ المِـغـوَارُ مـَـسْـقـَط دِجـلـَةٍ ذا القلبُ والسَّعـَفُ الإهَابُ الشَّاحِبُ
بـِالرُّغـم ِ مِـن أنَّ الـغـَريَّ بـِأضـلـُعِـي لـَـهـَـبٌ وَلـِي حَـتـَّى رُبَـاهُ حَـبَـائِـبُ
وَتـَـوقـَّـدَ الـرَمـْـلُ الشَّـرُوبُ ، سَـرَابُـهُ رئـتِـي وَأورَدَنِـي الفـُرَاتُ الساكِـبُ
فـَيَـرَاعَـتِـي سَـيـفٌ بـَـريـقُ صـَـلِـيـلِـهِ شِعري وَخفقُ القلبِ غِـمـدٌ ضَاربُ
أنـَا ذلك الـشــحـــرُورُ دِجـلـَة أيـكـَتِـي وَلـَئِـن تـَوَهـَّـمَ بي حَـزيـنٌ نـَاحـِـبُ
أطري حفيفَ غصُونَ عزِّكِ أخضرا ً حـتـَّى يُـمَـزِّقـُنِـي ارتِعَاشٌ قـَاصِـبُ
وَالـنـَـارُ تـُخـضِـعُ خـَافِـقِـي وَتـَمَـجـُّـهُ إذ لـَمْ يَـعُـدْ فِـيـهِ اخـضِـرارٌ صَايبُ
أتـَفـَيَّـأ الـبَـسَـمَـاتِ حَـيـثُ مـَـدَامِـعـِـي فِـي غـَابِ لِـحـيَـتِـيَ البَهـِيم سَوَاكبُ
فـَغـَسَلـْتُ فِـي مَـندِيل صُبـحِـكِ أدمُعِي نـَسَجَـتهُ مِن هَمْس الحَرير كوَاعِبُ
لا تـَعـتِـبـِي إمــَّـــا زَفــَـــرْتُ تـَألـُّـمـا ً مـِن نـَار أحـلامِـي ، فـَما أنا عَاتبُ
أو إنْ زَرَعْـتُ رُؤايَ في لـُجَـج السَّـنا عـَـيـنٌ مـُـخـَضَّـبَـة وَوَجـهٌ قـَاطـِـبُ
أ فـَتـُوقِـدُ الـدَربَ الشـمـُوع ؟ ، وَفرقدٌ أكـلـَتـْهُ مِـن جُـوع الظـلام مَـخـَالبُ
وَعـَزيـْفُ ثـَورَتِـك الـوَضِيـئة تزدهي حَـيـثُ ازدَهَـتْ بدَمِي اللفوح نوَائِبُ
أوَّاه يـَـا أعـشـَــــى لـَـو أنـَّـكَ عـَـائـِـدٌ مـَـا طـَاوَعَـتـْكَ بـِأنْ تـَقـُولَ مشاربُ
حَـسـبـِي بـِأنْ أطـَأ النـُجُـومَ وسُـلـَّـمِي حَـسَــدٌ وَبَـغـضٌ وَانـتِـقـَاصٌ كـَاذِبُ
وَتـَـكـَـادُ تـَـعـثـُـر أرجُـلِـي فـَأزُمـُّـهـَـا مِـلء الـطـَريـق ِ ضَـفـَادِعٌ وَجَنادِبُ
إنْ كـُنـْتـُمُ مِـن صُـنـع ِ لـَيـل ٍ دامـِـس ٍ فـَأنـَا مـِـن الفـَجـر الـنـَـدِيِّ تـَلاهُـبُ
أوَ كـُنـْتُ فِـي ثـَوبِ الـدُّجـَى مُتـَدَثـِّرا ً جَـهَـلـَتْ ضُـحَـاي أبَـاعِـدٌ وَأقـَـارِبُ
وَرَسَـبْـتُ إذ طـَفـَحَ الـحُـبَـابُ فـَإنـَّـمـَا بـِثـُـمـَالـَةٍ ثـَمـِـلا ً يَـعـُـودُ الـشـَّـارِبُ
وَأنـَـا أحـَـدِّقُ ذاهـِـــلا ً تـَـجـتـَـاحـُـنِـي مِن عَصْفِ حُسنِـكِ هَزَّة وَتـَطـَارُبُ
يَـا ضِحـكـَة الــزمـَـن ِ المُقـَيَّد أزهرتْ برَنِين صَوتِك فِي الصخُور مَعَاثِبُ
بَـغـدَادُ يَـا قـَمرَ الشُـمُـوس ِ وَيَا ضُحَى الإصبَـاح هَـلْ يَغشَاكِ ليلٌ شَاسِبُ ؟
فِـي كـُـلِّ يـَـوم ٍ فـِـي ظِـلالِـكِ مـُـبْـهـِجٌ بـَـكـرٌ وَمـُـبْـدٍ لـَمْ تـَـنـَـلـْهُ رَحـَـائِـبُ
وَالأغـنِـيَـاتُ الـعَـابـِـقـَاتُ مـَــسـَـامـِــعٌ وَنـَـقِـيُّ ذيـَّـاك الـهـَــوَاءِ طـَــوَارِبُ
أنـتَ الـسَـمـَـاء لـِـذِي الـسمـَـاء مُـدَقـِّقٌ مِـن جُـودِ جُودِكِ فـَيضهَا المُتوَاهِبُ
وَبحَـيـثُ كـَانـَـتْ ذِي الـبَـسِيطـَةِ غـَابَة وَالــزَاهِـيـَـاتُ مـَـسَـابـِعٌ وَمـَــذائِـبُ
أشـجَـارُهـَا رُعـبٌ وَخُـضـرُ مِـيَـاهِهـَا صَـابٌ وَكـَالِـحَـةِ الـكـُهُـوفِ مـَأوِبُ
لِـيُـرَى شَـمِـيـمُ عـِرَارِ نـَجـدٍ مُـزهِـرا ً زَهـوَ الـعَـشِـيَّةِ وَالـَصَـبَـاح مَشَاعِبُ
وَالـبَـرَكـَة الـحَـسـنـَاء تـَغـتـَسِلُ السَّمـَا فِـيـهَـا وَدجـلـَة غـِـبـطـَة تـَتـَقـَاطـِـبُ
ألــوَى نـَبُـثُّ وَقـَـيـدهـَـا لـِـمـُــرُوجـِــهِ وَبـِسِـرِّ مَـسْـمَعهـَا الدُمُوع تـُصَابـِبُ
هـرونُ يـلفـَحـُهـَا بَـدِيـدَ ضِـيـَـائِــهِ فتصُبُّ فائِضَة الهبَاتِ أطـَايبُ
أبـرَادُهُ نـَسـجُ الـرَبيع ِ يـَخِـيـطـُهَـا عَـبَـقٌ وَيغزلهَا الغمَام السَّاكِـبُ
بـِجَـبـِيـنِـهِ مـِـن خـَـالـِـدٍ وَمَـغـَـارِهِ لـمْـحٌ وَمِن عَمرُو بنُ وُدٍ ثاقِـبُ
فـَبـِأيِّـمَـا أرض ٍ هـَطـَلـْتِ فـَإنـَّـمـَا مَغـنـَايَ مُزدَهِرٌ وَثغرِي عَاتِبُ
والـطـرقُ رَبـدَاءٌ يُزَمجـِرُ فـَوقهَا رِعـبٌ وَيَرتعِدُ الهَـوَاءُ الوَاحِـبُ
وَمُعَاقِـرينَ الأنـسَ تـدفـَعُ غـرمَهُ بـِدمـَا مَعَاقرةِ الشقـَاء ضَـرَائِـبُ
شَـاءَ القـَضَاءُ بأنْ يَـشُـلَّ سَوَامِقا ً يَبَسٌ وَتسقِى الازدِهَارَ طحَالـِبُ
وَبأنْ تـُغـَرَّق بالـدُمـُوع ِ مَـكـَـارِمٌ وَتتيهُ في خُضر الـبُرُودِ مَثالِبُ
مَـن كانَ يَحسبُ أنَّ ذلك يَـنـطفي وتشبُّ من أعمى الرمادِ لواهبُ
الليلُ فِي غـَابَـاتِ نـَخـلِـكِ غـَـيـرَة نفثتهُ مِن صَدرِ السَّمـَاءِ مَعَاطِبُ
يَسجُو فـَيَرقصُ فِي خَمَائِلِكِ الندَى وَتـَغـَرِّدُ اللحـنَ الرَوِيَّ سَوَاربُ
وَتـَسِـيـلُ مُـثلجَـة الـريَاح فـَيَنتشِي حَقلٌ وَتستدُنِي الزُهُورُ سَبَاسِـبُ
وَالـبَـدرُ فـِـي شـُـطـــــآنِـه مُـتـَأوِّدٌ وَكـَأنـَّه لِـضِـيَـاءِ عَـينـِكِ قـَارِبُ
وَالـنـجـمُ زفـرَاتٌ يُـصَوِّرها على صَـفـوَ الـدُّجَـى مِجذافِهِ المُثائِبُ
وَضَـلالُ هـُولاكـو يُكـَسِّرُ زَهوَهـَا سُخط الضَحَايَا وَالنجيعُ الشَاخـِبُ
أمس ِ عَـلى بيبَان ِ سُورِكِ هُشِّمَتْ للفرس ِ وَالروم ِ الغُـزَاةِ مَطـَالِـبُ
يَا مَـرسَـح الـشعَـرَاءِ وَالفِكر الذِي لـَمْ تـَبـرَح ِ الـدُّنـيَـا بـهِ تـَتـَجـَـاذبُ
وَوَقـَفـْتُ حَيثُ نظِير وَجهكِ شَافِعٌ وَتـَرِي وَأغـنِيَتِي ضُحَاكِ الـوَاهِبُ
سَـكـرانُ مِن صَهبَاءِ بَسمَتِـكِ التِي سَـكِـرَ الخُـلودُ بهَا وَجُنَّ الـشَّارِبُ
وَأنـَا أحـَـدِّقُ ذاهـِـلا ً تـَجـتـَاحـُنِـي من عصف حُسنكِ هِزَّة وتطاربُ
تـَتـَلاطـَمُ الأمـوَاجُ حَـولَ سَفِـينتِي وَيَغِيثُ أشرِعَتِي الطمُوحَة غَارِبُ..