رشيد غويلب
"البابا ليس يساريا، لكنه يتحدث وكأنه واحد منا"، هكذا وصف "الكسيس تسبراس" لقاءه مع البابا فرنسيس: وكان البابا قد استقبل الخميس الفائت في لقاء شخصي كل من الكسيس تسيبراس زعيم حزب اليسار اليوناني، ونائب رئيس حزب اليسار الاوربي، والتر باير، الذي كان حتى عام 2006 رئيسا للحزب الشيوعي النمساوي، ويشغل الآن منصب منسق شبكة "تحول اوربا" للبحث والتأهيل التابعة لحزب اليسار الاوربي. وقال تسيبراس بعد اللقاء ان البابا وصف الازمة الاقتصادية بـ"ازمة قيم"، ومن "غير المعقول"، ان تسعى السياسة اولا لانقاذ البنوك، بدلا من ان يساورها القلق بشان انقاذ الناس. وبخصوص المهاجرين طالب البابا ببذل جميع الجهود الممكنة لمنع المزيد من موت اللاجئين في البحر الابيض المتوسط.
وقال تسيبراس كانت مفاجأة سارة أن تكون مواقف اليسار قريبة جدا من موقف الكنيسة الكاثوليكية. "على الرغم من أننا ننطلق من مواقف أيديولوجية مختلفة، ولكننا نؤمن معا بمبادئ التضامن والعدالة والتماسك الاجتماعي".
وفي اللقاء قدم الزعيم اليساري للبابا، عرضا لعواقب استمرار الركود الاقتصادي في اليونان بعد
اربع سنوات من سياسات التقشف القاسية". وطلب عضوا الوفد من البابا "الاستمرار في مواصلة الكفاح، والحديث من أجل حقوق وكرامة الناس، وطرح المبادرات لوضع حل لأزمة الشرق الأوسط".
وفي تقريره عن اللقاء، اشار راديو الفاتكان ، الى ان البابا تناول في لقاء غير رسمي مع نائب رئيس حزب اليسار الاوربي القضايا الاجتماعية. من جانبه شدد المتحدث باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي أن الاجتماع لم يكن ذا طبيعة سياسية. وكانت وسائل الاعلام اليونانية قد تناولت لقاء البابا مع القادة اليساريين باهتمام واسع.
واكد تسيبراس، ان الحوار مع البابا فرنسيس كان واسعا، وتناول الفقر، ووضع المهاجرين، والازمة الاقتصادية، وخطر الحرب الداهم: "ان الحوار بين الكنيسة وقوى اليسار مهم، على الرغم من تبنينا لاديولوجيات مختلفة، ولكننا في الكثير من النقاط نريد التوصل الى نفس الشيء، مثل التضامن والعدالة". وان البابا قدر عاليا، كما يقول زعيم حزب اليسار اليوناني، "المبادرات للنضال ضد الظلم الاجتماعي". وتم في اللقاء تناول الوضع السياسي داخل اليونان باختصار"ما الذي حدث؟ الاثرياء اصبحوا اكثر ثراء، والفقراء ازدادوا فقرا. لقد انقذنا البنوك وليس الناس".
ووصف تسيبراس اللقاء بـ"التاريخي"، ويبدوا ان اللقاء تم تقييمه بهذه الدرجة في دوائر اخرى: فحال الاعلان عن اجراء اللقاء، بدأت عملية ممارسة الضغوط في داخل اليونان، كما صرح تيسبراس الى الصحافة النمساوية "الحكومة اليونانية لا ترغب فيما اقدم عليه، لانها لا تحبني".
وتسود الحكومة اليونانية والاتحاد الاوربي اجواء مشدودة، ففي انتخابات البرلمان الاوربي الاخيرة، احتل حزب اليسار اليوناني الموقع الاول في بلاده، تاركا حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الحاكم خلفه. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة الى تقدم حزب اليسار على غريمه اليميني بست نقاط.
وفي اوساط الكنيسة، ليس هناك اتفاقا على التوجه الجديد للبابا فرنسيس. وفي اطار سياق المعارضة اصدر خمسة كرادلة كتابا ضد التوجه الجديد، تم فيه التأكيد على عدم وجود مساحة للتغيير. ولم يجري في السابق اثارة الشكوك في الكنيسة، بشان توجه يطرحه البابا. ولهذا فان لقاءا مع قائد يساري يثير سخط الاتحاد الاوربي، لا يمكن ان يمر من دون وجود ردود فعل سلبية داخل الكنيسة الكاثوليكية.
وتم تنظيم اللقاء من خلال علاقة حزب اليسار الاوربي بحركة "فوكولار" الكاثوليكية، التي تعقد هذه الايام مؤتمرها العام في روما. وكان والتر باير، الذي قام بنسج خيوط هذا اللقاء، قد أكد ان طرفي اللقاء ارادا مد جسور للحوار على اساس "الارادة الطيبة للناس"، واضاف ان التحضير للِّقاء "استغرق سبعة أشهر، وبهذا حققنا لقاءا مع البابا اسرع من تحقيق لقاء مع عمدة فيينا، الذي ما زلنا ننتظره".