- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 27 كانون2/يناير 2015 20:30
رشيد غويلب

بعد اقل من 24 ساعة على فوزه التاريخي في الانتخابات المبكرة التي شهدتها اليونان الاحد الفائت، ادى رئيس الوزراء الجديد، و زعيم حزب اليسار اليوناني الكسيس تسيبراس الاثنين الفائت، اليمين الدستوري. وسيقر البرلمان اليوناني بتشكيلته الجديدة شرعية الحكومة، في اول جلسة له، في الخامس من شباط المقبل. وتسيبراس، ذو الاربعين عاما ، هو اصغر رئيس وزراء في تاريخ اليونان. واول عمل قام به هو وضع اكليل من الزهور على النصب التذكاري لـ 200 شهيد شيوعي قامت قوات الاحتلال النازي بتصفيتهم في الاول من ايار عام 1944 في منطقة كيسراني شرقي العاصمة اليونانية اثينا، بعد ان قامت الحكومة اليونانية العميلة باعتقالهم في عام 1936، وسلمتهم لقوات الاحتلال في عام 1941 . وكانت اول عاصمة زارها رئيس الوزراء الجديد هي العاصمة القبرصية نيقوسيا، وليس العاصمة البلجيكية بروكسل، كما توقع كثيرون، حيث مقر الاتحاد الاوربي.
تحالف الخيار الوحيد

رغم الفوز غير المسبوق الذي حققه حزب اليسار، الا انه لم يحصل على الاغلبية المطلقة لتشكيل الحكومة بمفرده، وبالتالي فان الحاجة لشريك في تحالف برلماني حاكم لابد منها. وأصبحت مهمة حزب اليسار صعبة بعد رفض الحزب الشيوعي اليوناني، امتداد لمواقفه المتشددة المعروفة، الدعوة التي تلقاها من رئيس الوزراء المرشح، اذ اعلن الحزب الشيوعي عبر وسائل الاعلام: " لا نجد سببا للقاء برئيس حزب اليسار ورئيس الوزراء الجديد" واضاف الشيوعي "وسنظل امناء ازاء الشعب اليوناني لما اعلناه في حملتنا الانتخابية، من اننا سوف لم ندعم او نتعاون مع الحكومة الجديدة". ويرى متابعون ان رفض الحزب الشيوعي لدعوة اليسار، اجبرت الاخير على عقد تحالف مع حزب "اليونانيون المستقلون"، وهو حزب قومي يميني شعبوي، انشق قبل الانتخابات من حزب "الديمقراطية الجديدة" الذي قاد الحكومة المنتهية ولايتها في اليونان. ويتبنى مواقف رافضة للمذكرات الموقعة مع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوربي والمفوضية الاوربية، ويطالب بالغاء القسم الاكبر من الديون، كما يرفض املاءات الحكومة الالمانية على حكومة اليونان وشعبة، ويطالب حكومة برلين بدفع التعويضات عن جرائم الاحتلال النازي لليونان، وهي مشتركات اساسية مع حزب اليسار، على الرغم من الاختلاف الايديولوجي، واختلاف المواقف بين الحزبيين في قضايا اخرى.
ان رفض الحزب الشيوعي قد وضع رئيس الوزراء امام خيارات صعبة فليس بامكانه تشكيل حكومة اقلية بمفرده، على الرغم من حاجته لمقعدين اضافيين في البرلمان فقط. ولا وجود لارضية للتحالف مع احزاب التحالف الحكومي السابق المسؤولة عن سياسات التقشف التي دمرت البلاد، والخضوع الكامل للمؤسسات المالية العالمية. ومن المعروف ان جوهر الحملة الانتخابية لحزب اليسار قد تركز على مراجعة جذرية لسياسة التقشف واثارها المدمرة، في بلد لا يملك ثلث مواطنوه تأمين صحي، ويعيش انهيار كامل للقطاع الصحي، وتبلغ البطالة فيه 60 في المائة. وهناك الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر ويعجزون عن تأمين الغذاء الضروري، والطاقة الكهربائية. والوعود الانتخابية للحزب هي تغيير هذا الواقع. وهنا لم يبق على رئيس الوزراء المكلف سوى التحالف مع حزب "اليونانيون المستقلون"، على اساس تحالف حكومي ينحصر في السياسة الاقتصادية، ويقوم على البرنامج الآني لحزب اليسار في هذا القطاع. من جانب آخر اكد المسؤول في حزب اليسار عن قضايا اللاجئين، ان لا تأثير للاتفاق الحكومي على سياسة حزبه بشان اللاجئين، والمعتقلات الخاصة بهم. وان "انتصارنا الانتخابي هو انتصار لليونانيين والمهاجرين".
ورغم النقاش الواسع الذي سببه التحالف الحكومي الجديد، الا ان حزب اليسار اليوناني قد تلقى التأييد من قوى اليسار الاوربي المهمة، باعتبار ان خيار التحالف كان مفروضا علية، اذ ما علمنا ان القوانين النافذة في اليونان تفرض على الحزب الفائز تشكيل حكومة خلال ثلاثة ايام، وبعكسه فستستمر الحكومة القديمة في اداء مهامها، ويصار الى انتخابات مبكرة مرة ثانية، ومن جانبهم ابدت احزاب الاشتراكية الدولية والخضر، في المانيا خصوصا، نقدا شديد للتحالف الحكومي في اليونان، انطلاقا من ان حزب اليسار وحليفه يؤكدون على اضعاف دور المراكز المالية الاوربية، والتأكيد على استقلالية القرار اليوناني، وهنا فان المانيا ودورها المؤثر في الاتحاد الاوربي سيكون اكبر المتضررين من هذه السياسة. وستكون المهمة الأولى الأصعب للحكومة الجديدة هي المواجهة مع الاتحاد الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء فيه، بشان قضية ملموسة، هي الغاء القسم الاكبر من ديون اليونان، واعادة المفاوضات حول الاتفاقات المجحفة التي مررتها حكومة اليمين السابقة.