- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 06 تموز/يوليو 2015 19:01
رشيد غويلب
أسفر الاستفتاء العام الذي نظمته حكومة اليسار في اليونان الأحد الفائت، ليقول الشعب كلمته في المقترحات الجائرة التي تضمنها مقترح وزراء مالية منطقة اليورو بالتفاهم مع اللجنة الثلاثية (صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوربي، والمفوضية الأوربية)، عن انتصار كبير جديد لحكومة اليسار في اليونان فقد صوت 61,31 في المائة بـ»لا» لمقترحات المراكز المالية العالمية.
وكان الاستفتاء قد بدأ في الساعة السابعة من صباح امس الاول الأحد، واغلقت مراكز الاقتراع ابوابها في الساعة السابعة مساء بتوقيت اليونان. وبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت 9,8 مليون مواطن، بضمنهم 100 الف ناخب من الشبيبة يشاركون في عملية تصويت لإول مرة في حياتهم. ونص سؤال الاستفتاء على « هل ينبغي قبول المقترح والمكون من جزئين، والمقدم من قبل المفوضية الأوربية، والبنك المركزي الأوربي، وصندوق النقد الدولي ، في الخامس والعشرين من حزيران؟».
واتفق اغلب المتابعين اليساريين في اوربا على ان نتيجة الاستفتاء تعد انتصارا للديمقراطية، وان الاستفتاء يمثل التصويت الثاني بعد انتصار اليسار الانتخابي ضد السياسات الكارثية لتخفيضات الخدمات الاجتماعية والخراب الاقتصادي، وكذلك منح الرفض شرعية جديدة وعميقة للحكومة اليونانية في جولات المفاوضات المقبلة، وان الجميع مطالب بالعودة الى طاولة مفاوضات عادلة.
وتأتي الاهمية السياسية لرفض اكثرية الشعب اليوناني سياسية التقشف لتؤكد جملة من الحقائق لعل اهمها: رفض قاطع لمذكرات التفاهم التي وقعتها حكومة اليمين السابقة مع المراكز المالية، وان اغلبية اليونانيين عبروا عن اعتزازهم بكرامتهم وتاريخهم الوطني كما طالبهم رئيس الوزراء قبل يوم واحد من الاستفتاء. كذلك أعطى الاستفتاء ضربة قاضية لنظام الحزبيين البرلماني السابق، ولوقوف حزب اليمين الديمقراطية الجديدة، وحليفه السابق الباسوك الى جانب مؤسسات اعلام الرأسمالية والكنيسة ضد الأكثرية الشعبيبة، ونتيجة ذلك المباشرة اعلان رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة اليمنية عن استقالته من منصبه كزعيم لحزب الديمقراطية الجديدة بعد اعلان النتائج بساعات قليلة.
وشكل الفقراء والمعدمون القوة الرئيسة في معسكر الرافضين، ففي احياء اثينا الفقيرة بلغت نسبة رافضي التقشف 80 في المائة. وتأتي نتيجة التصويت لتعزز تراث اليسار الجذري واعتبر بعض المتابعين نتيجة الاستفتاء الانتصار الأهم في اوربا الغربية، منذ انتصار ثورة القرنفل في البرتغال، التي أنهت استبداد الفاشية في نيسان 1974 . ويعطي الانتصار الجديد دفعة جديدة إلى نضال اليسار في اسبانيا والبرتغال وبقية الدول الأوربية، واليسار العالمي ويمثل كسرا لدائرة سلطة الخوف.
واحتفل انصار الحكومة ومعسكر الرفض في مركز اثينا وكان اول المتحدثين إلى المحتفلين، وزير المالية اليوناني يانس فورافاكس، الذي اعلن قبل الاستفتاء عن الاستقالة من منصبه، في حالة خسارة الاستفتاء، وشكر رئيس الوزراء اليوناني في ساعة متأخرة من مساء امس الأحد، جميع المشاركين في التصويت بغض النظر عن موقفهم والأوربيين الذين تضامنوا مع الشعب اليوناني ودعموه في اتخاذ قراره الشجاع. واكد ان هذا التفويض ليس ضد اوربا، ولا وجود لحلول سريعة، وان على اوربا ان لا تسير في اتجاه واحد. وان حزبه وحكومته يريدان اوربا التضامن والديمقراطية. وانه سيعود لطاولة المفاوضات من اجل يونان قادرة على العمل ومن اجل حل حقيقي لمشكلة الديون. وان هدف الحكومة هو تحقيق العدالة الاجتماعية، وان لا تتحمل غالبية الشعب اعباء الأزمة. وان الهدف الأسمى هو انتصار الديمقراطية، ، وذكر في التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي، الذي صدر غداة إجراء التصويت، والذي أيد في الجوهر مطالبة الحكومة اليونانية باعادة هيكلة الديون، وإلغاء جزء منها، وان من دون هذا الإجراء لا يمكن الخروج من ازمة الديون. ويذكر ان التقرير المذكور سبب ازمة بين صندوق النقد الدولي والإتحاد الأوربي، لأن حكومات الإتحاد الأوربي عملت على إعاقة نشره. في كلمة كان قاسمها المشترك المطالبة بالعدالة الاجتماعية.
ولم يضعف زخم التأثير الايجابي للتصويت أعلان وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، أمس الاثنين، عقب الاعلان عن نتيجة الاستفتاء عزمه على الاستقالة من منصبه . وقال فاروفاكيس في تصريح إنه «احيط علما» بأن عددا من مسؤولي منظومة اليورو يعتبرونه شخصا غير مرحب به في اجتماعات وزراء مالية المنظومة. إن استقالته «فكرة اعتبرها رئيس الحكومة مفيدة له في سعيه إلى التوصل الى اتفاق مع الدائنين». وقال «ولهذا السبب، قررت ترك منصبي في وزارة المالية اعتبارا من اليوم». يذكر ان وزير المالية المستقيل قد وصف ممارسات المؤسسات المالية الرأسمالية بأعمال الإرهابية ضد شعب اليونان.
وقال رئيس الحكومة أليكسيس تسيبراس عقب الاعلان عن النتيجة إنه طلب من رئيس البلاد الدعوة الى اجتماع القادة السياسيين صباح امس الاثنين. ودعا تسيبراس الى تشكيل «جبهة وطنية قوية» تتولى عملية التفاوض لخروج البلاد من أزمتها المالية. وقال تسيبراس لرئيس البلاد بروكوبيس بافلوبولوس «علينا استئناف المفاوضات فورا، وينبغي تشكيل جبهة وطنية صلبة من أجل التوصل الى حل فوري».
من جانبها اعلنت المستشارة الألمانية انها اتفقت مع الرئيس الفرنسي على عقد قمة اوربية عاجلة غدا (اليوم) الثلاثاء. ومن المفيد ان العديد من قادة الإتحاد الأوربي أعلنوا احترامهم لقرار الشعب اليوناني، وطالبوا الحكومة اليونانية بتنفيذ وعودها في الوصول الى اتفاق سريع. وشهد امس الاثنين مارثوناً من اللقاءات بين قادة الإتحاد الأوربي على جميع المستويات