مدارات

برلين .. ربع مليون يحتجون ضد اتفاقيات التجارة الحرة

رشيد غويلب
شهدت العاصمة الألمانية برلين في العاشر من الشهر الحالي اكبر تظاهرة في السنوات الأخيرة ضد اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي، وبين الأخير وكندا. وتحدث منظمو التظاهرة عن مشاركة 250 الف متظاهر فيها، اي خمسة اضعاف افضل التوقعات التي سبقت انطلاقها، فيما اضطرت الشرطة الى تصحيح معطياتها عن التظاهرة، اذ اعلنت في البدء عن مشاركة 60 الف فقط، وعادت لتقول ان عدد المشاركين بلغ 150 الف. والمعروف ان معطيات وزراة الداخلية عادة ما تكون بعيدة عن الواقع وتسعى الى تقزيم اي فعل احتجاجي، خصوصا تلك التي تمس جوهر النظام الرأسمالي.
وتجمع المتظاهرون قبل ظهر يوم السبت الفائت، في ساحة واشنطن، الواقعة امام محطة القطارات الكبرى في برلين، و بسبب الاكتظاظ غير المتوقع، تم غلق المكان لفترات قصيرة، وانطلقت التظاهرة قبل موعدها الرسمي، ووصلت مقدمة التظاهرة هدفها النهائي، حتى قبل ان يتحرك عشرات الآلاف ممن في نهايتها من اماكنهم. ولم تشهد تظاهرة سابقة في عموم اوربا للحركة المضادة لإتفاقيات التجارة الحرة هذا الإتساع.
ودعت الى التظاهرة وشاركت فيها الحركة المضادة للعولمة (اتاك)، والنقابات العمالية، والحركات الإجتماعية،وحركة الدفاع عن البيئة والمستهلكين، والمنظمات الإجتماعية للكنيستين الكاثلوليكية والبروتستانتية، وقوى اليسار الالماني على تنوعها. ويركز نقاد الإتفاقيات على مخاوفهم من ان التوقيع عليها سيؤدي الى تآكل القواعد الأوروبية وانخفاض المعايير البيئية والاجتماعية. وهم يطالبون بوقف المفاوضات مع الولايات المتحدة بشان اتفاقية التجارة الحرة، وعدم التصديق على مثيلتها مع كندا. هذا وشهدت عدة عواصم، ومدن تظاهرات مماثلة شارك فيها الآلاف.
وطالب المتظاهرون بتجارة عالمية عادلة، ورفضوا الإتفاقات السرية التي تمهد الطريق واسعا لعمليات الخصخصة غير المحدودة، وطالبت اللافتات المحمولة في التظاهرة، ضمن امور اخرى عديدة باجراء استفتاء اوربي عام بشان التوقيع على الإتفاقيات. وسبق لأكثر من 3 مليون مواطن من جميع انحاء اوربا التوقيع على نداء مضاد لمشاريع الإتفاقيات. وتحدث في التجمع الختامي للتظاهرة العديد من الشخصيات الإجتماعية والسياسة الهامة، منهم رئيس الإتحاد الألماني للنقابات راينه هوفمان، الذي اشار الى ان النقابات ليست ضد التبادل التجاري العالمي ولا حتى ضد العولمة، ولكنها" تخشى من عدم توزيع ثمار العولمة بالتساوي". وان اتفاقيات التجارة الحرة تفقد فعاليتها، اذا لم تضمن حقوق العمال" واضاف "بكل قوانا المشتركة، يجب ان نمنع وقوع حقوق العمال تحت رحمة العولمة الجامحة".
ووجه رئيس اتحاد نقابات العاملين في القطاع العام الكندي باول مويست باسم 4 ملايين عامل رسالة وتحايا تضامنية للمتظاهرين. لقد وعدت اتفاقيات التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الامريكية وكندا بالرفاه، ولكن فقد 650 الف عامل كندي ومليون عامل امريكي اعمالهم حتى الان ، وقال "سنناضل جنبا الى جنب معكم حتى يتم التخلي عن اتفاقيات التجارة الحرة".
وخاطب رئيس حزب اليسار الألماني بيرند ركسنغر جموع المتظاهرين "ان الإتفاقيات تمثل تفويضا مطلقا لمضاعفة ارباح الشركات الكبيرة، وهذا ما لا نوافق عليه". وان هناك فقرات في الإتفاقيات، تحرم الدول من اعادة النظر، او الغاء عمليات الخصخصة التي يجري تنفيذها:" لاينبغي لطفلي ان يتربى على فكرة مضاعفة الارباح". ويجب ان تصبح الإحتجاجات اكثر قوة ، وتشكل مقدمة لأعمال جماهيرية واسعة. من جانبه اكد جمس شتاين رئيس حركة العاملين الكاثوليكين الكنائسية، على ان الإتفاقيات لا تهتم بحرية التجارة، بل تهتم بحماية الملكية الراسمالية. ان مثل هذه الإتفاقيات مسؤولة عن الفقر في العالم.