- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 11 تشرين2/نوفمبر 2015 19:13

هذا طلب سيدهش رئيس الوزراء. اي طلب هذا؟ الا يكفي ان يطلب المتظاهرون التغيير، ويشيرون الى هذا وذاك بالفساد؟ فما هذا الطلب الآن، طلب العيش في القرن الثامن عشر؟
سأوجه الحديث الآن للبرلمان، للوزارات واحدة واحدة وللأحزاب الدينية وللكتل التي تكتلت فوق رأس الشعب فلا ندري متى نتنفس: نريد العيش في القرن الثامن عشر! الثامن عشر الاوربي طبعاً. تعلمون لماذا؟ لانه اجمل، افضل، اكثر تقدما واحتراما للانسان مما نحن فيه هنا، في القرن الواحد والعشرين!
القرن الثامن عشر كان يريد ان يجعل امور العيش مستساغة بتطهير الميول من غلظتها وتوحشها. وكانت «اللذة» المعقولة غاية ما يشتهيه الرجل المخلص. والقرن الثامن عشر هو الذي جعل « اللذة « هي المحك في الجدل السياسي، كما كان يحكم على النظم والمشروعات بقدر ما تؤدي الى ازدياد سعادة الانسان. القرن الثامن عشر هو الذي ادان البؤس في القرون قبله ولم يمجدها!
وفي القرن الثامن عشر كانوا يقولون ان الله خلق الحكام والحاكمين ليسعدوا الناس ويجعلوا ايامهم اعياداً، لا ان يسرقوهم ويفرغوا خزينة البلاد ويتملكوا الارض وما عليها. وفي القرن الثامن عشر اعلنوا الكراهة للدسائس والحروب ومنازعات رجال الدين التي تستنفد حياة الناس بأمور عتيقة وعقيمة. وفي القرن الثامن عشر كانوا يقولون: ان جوهر الطبيعة البشرية هو السعادة والاستمتاع وما عدا ذلك حماقة وسخف. وان الله يريد الانسان سعيدا في حياته. وفي القرن الثامن عشر كانوا يرون ان السعادة والخير ليسا لطبقة واحدة ولكن لجميع الناس وجميع الافراد!
والآن اقول لأمانة العاصمة، لوزارة العدل، للشؤون الاجتماعية.. للدولة كلها: اتدرون لماذا اهرع الى القرن الثامن عشر؟ لان ايامنا مدمّرة، ملوثة، لا حياة فيها. فلا أمن، ولا شوارع نظيفة، ولا ماء صالح للشرب، ولا دوائر صالحة للمراجعة، ولا هواء صالح للتنفس، ولا نرى علائم حقيقية لتغيير الحال..
أسألوا انفسكم هل فعلا جعلتم الشوارع صالحة والماء صالحاً والحياة يمكن ان يعيشها الناس لا نقول برفاه، ولكن حياة مقبولة لا عوز فيها؟ فلا نرى شحاذين في الشوارع، ولا نرى كثرة العسكر وقلة الامان، ولا إعلاما يهرّج من الصباح للصباح والناس تموت في المستشفيات وتموت في الطرق وتموت من القهر!
أليس مخجلا ايتها الحكومة ان الناس في عهدكم يكرهون حياتهم ومقامهم، ويتمنون الرحيل كي لا يروا هذا البؤس وهذه البطالة وهذا القتل المجاني، ولا يروا هذا الخطف والتسلطن الفارغ للجهلة المسلحين، ولا يروكم؟!
راصد الطريق*