مدارات

هل يسمع المسؤول .... أطباء .. صيدليات*

الشعوب الفقيرة تلاحقها أمراض اضافية: فقر الدم، هشاشة العظام، تايفوئيد، ولا نقول بلهارزيا وجدري وتدرن رئوي. هذا قدر الفقراء وهذا ايضا سبب استماتتهم في النضال للخلاص من التخلف وعقابيله.
وما دام هذا هو الواقع، فالناس لكي تُبعِدَ الموت او لتشفى، تهرع لعيادات الاطباء لكي لا تُتهم بالاهمال وعدم مراجعة الطبيب قبل استفحال الداء. ولكن وأنت تزور عيادات الأطباء تجد الزحام في غالب العيادات، والناس تدفع من اثمان خبزهم وعيش اطفالهم واحتياجات عوائلهم، اجور الكشف والمعاينات. هذا بعض من دفاع الانسان عن حياته.
عرفنا اجرة الكشف، لكن هناك امام الطبيب رزمة ورق لمختبر معروف، ربما للطبيب حصة فيه. وهناك رزمة ورق للاشعة، وهنا «ربما» تعمل ايضا.. ثم هذه الوصفة: اذهب للصيدلية تحت! بعض الادوية اختارها الطبيب لا تتوافر في صيدليات أخرى. طريقة معروفة ليضطر المريض الى مراجعة صيدلية بعينها!
هل يُعقل هذا؟ حسناً، بعض الاطباء يستورد هو او يتفق مع مذخر في تمشية دواء معين. «دهن» مثلا، علبتين لكل مريض. مراجعوه اكثر من خمسين مريضا في اليوم. اذن مائة علبة يومياً لمدة شهر ثلاثة آلاف علبة! هكذا باع مُصّنِعُ الدواء الكمية المُتبقية لديه!
سؤالنا الى وزارة الصحة: مليارات صُرفت وتُصّرَف لهذه الوزارة والمرضى يملؤون العيادات الخاصة، وعشرات العمليات، بل مئات تجري في المستشفيات الأهلية. قد يكون الجواب: في كل العالم هناك من لا يريد الانتظار. اقول لكم بعض مرضانا يقترضون او يبيعون مدّخراتهم، وناسنا فقراء ولسنا مثل العالم!
لكن يظل السؤال: لماذا يتوجهون للعيادات الخاصة؟ هم يفضلونها. لماذا يفضلونها وهم فقراء؟ لانهم يجدون هناك اهتماماً. يجدون فحصاً جيدا. لا يثقون بالفحص السريع. وبعض الاطباء، وهذه حقيقة، بلا جدارة علمية!
نعم، بعض الاطباء. كثير من الخيرين يعتنون بالمريض، يفحصونه جيداً، يتعاطفون معه. لكن بعض الاطباء في المستشفيات ما زال يتعامل بـ «الطب الشفاهي» وبـ «الطب عن بعد».. المريض واقف على بعد متر والطبيب: أشبيك؟ خذ هذا. اذهب الى الصيدلية. انتهى كل شيء. شُفي المريض!
انتهينا من الطب، او اكتفينا لهذا الحد. والان الصيدلية!
انها المسألة الثانية يا وزارة الصفحة، يا مفتشها العام: كل صيدلية تبيع بسعر. في الاردن الادوية مسعرة، في سورية الادوية مسعرّة. في مصر الادوية مسعرّة. عندنا في العراق كانت مسعرّة، و»طمغة» كيمادية على جميع علب الادوية. ما الذي جرى ولماذا استعصت هذه المسألة، مسألة تسعير الادوية وتنظيم تجارتها؟ الاجوبة مختلفة، لكن الجواب الحقيقي لأن بعض المذاخر، بعض الصيدليات تعود لمقربين، تعود للاطباء والاداريين التابعين لوزارة الصحة. لان هناك حماية للخطأ!
مسألة اخرى: ادوية يجب ان تحفظ بدرجة حرارة معينة، تجدها على رفوف الصيدليات.
الصيدليات تقفل وبلا تبريد من التاسعة ليلا الى الخامسة عصراً في اليوم الثاني في درجة حرارة 50 ايام الصيف!
يا وزارة الصحة؛ انقذوا الناس. لا بد من تسعير الدواء، ولا بد من عيادات أصولية نظيفة.
أخيرا لا بد من صيدليات تتوفر فيها شروط سلامة الدواء وحفظه من التلف.
الناس يدفعون اجور طبيب ومختبر واشعات ثم يشترون دواء لم يحفظ بدرجة حرارة ملائمة.. اذا تعذرت سلامة الناس من الامراض، فلتكن سلامة الدواء!
هم شعبكم ايها الناس!
راصد الطريق*