- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 28 نيسان/أبريل 2016 08:32
حسن عبد الاميرشهد العقدان الأخيران انتشارا واضحا للأمية في العراق، الأمر الذي شكل ظاهرة خطرة مهددة للمجتمع، يتطلب الانتباه إليها، والاستفادة من تجربة الدول المتقدمة في علاجها.
امتلك العراق قبل حرب الخليج نظاما تعليميا يعتبر من افضل أنظمة التعليم في المنطقة، حيث خرّج نسبة عالية من القادرين على القراءة والكتابة. وفي العام 1979 حصل العراق على جائزة منظمه اليونسكو في القضاء على الامية، وذلك من خلال حملة وطنية شملت الأعمار من 15 ولغاية 45 عاما. غير إنه بسبب ما مر به البلد من حروب وحصار جائر، انخفض مستوى التعليم، وارتفع مستوى الأمية، ليستمر هذا الأمر الى ما بعد عام 2003 ، ويظهر بصورة كبيرة نتيجة الاحتلال الأمريكي وسوء أداء الحكومات المتعاقبة التي عجزت عن توفير الامن في البلاد، والذي يعتبر الركيزة الأساسية للعمل والبناء والتطور.
وعلى الرغم من تردي الوضع الأمني، حاولت وزارة التربية عام 2009 معالجة الامية في العراق من خلال حملة استقطبت اعدادا كبيرة من المواطنين الراغبين في التعلم، ولكن الأمر لم يستمر طويلا لأسباب عديدة.
لمعرفة المزيد عن مشروع محو الأمية للعام 2009، التقينا عددا من ذوي الاختصاص التربوي والتعليمي، والطلبة:
مدير احد مراكز محو الأمية في بغداد عبد الرزاق محمود، قال ان مشروع محو الامية، الذي يمثل بارقة أمل، بذلت له جهود، ورفد بالطاقات التربوية من أجل تنفيذه، لما للأمية من تأثير خطر على مستقبل البلاد وتقدمها، مشيرا الى انه كان من الداعمين لهذا المشروع منذ انطلاقه في السبعينيات، وكان أحد العاملين فيه ضمن قاطع قضاء المحمودية في بغداد، وكذلك عمل في مشروع محو الأمية للعام 2009، الذي انطلق في العام نفسه، واكتملت مرحلته الأولى (الأساس) عام 2013.
وبين محمود ان المشروع شهد اقبال الكثير من المواطنين الراغبين في التعلم والدراسة، "وقد صرفت لهم رواتب لمدة شهرين"، متابعا قوله: "إلا ان المشروع توقف عند مرحلة "التكميل" لأسباب عديدة، من بينها عدم توفر ابنية خاصة بالمراكز التابعة لمحو الأمية، فكان يتم الدوام في مباني المدارس العامة".
وأضاف قائلا: "ان من بين شروط نجاح المشروع الاستمرار في الدوام على مدار الأسبوع، ولمدة أربع ساعات يوميا، في حين ان الدوام اقتصر على يومي الجمعة والسبت اللذين لا تداوم خلالهما المدارس العامة".
ولفت محمود إلى ان اغلب المواطنين الذين تقدموا إلى المشروع، من كبار السن او من العاملين في الأعمال الحرة الذين اضطروا إلى التفريط في أعمالهم والتفرغ للدراسة، على الرغم من انهم أصحاب عائلات وبحاجة إلى دخل مادي"، موضحا انه بالرغم من الظروف الصعبة التي أحاطت بالمشروع وتسببت في عدم استمراره لفترة طويلة، إلا انه حقق نجاحا، وساعد قسما كبيرا من المواطنين على تعلم القراءة والكتابة.
المعلم محمد محمود، أحد الذين عملوا في مدارس محو الأمية، قال انه "منذ انطلاق مشروع محو الامية والتحاقنا بملاكه التدريسي، لاحظنا ان قسما كبيرا من المواطنين والمواطنات لديه الرغبة في تعلم القراءة والكتابة لأهمية ذلك في الحياة اليومية"، مبينا ان هناك نسبة كبيرة ممن التحقوا بمدارس محو الأمية كان هدفهم الحصول على الراتب، "الا انهم بعد ذلك واظبوا على تعلم القراءة والكتابة، ما أدى إلى نجاح المشروع الذي استقطب عددا كبيرا من الراغبين بالتعلم".
ودعا المعلم محمود الجهات المعنية إلى إعادة العمل في مشروع محو الأمية, لأهميته.
من جانبه قال المواطن يوسف محمد، احد الطلبة الذين درسوا في مدارس محو الأمية، ان "المشروع في بداية انطلاقه كان جيدا، وقد استطعنا تعلم القراءة والكتابة، ولكنه توقف بعد ذلك لأسباب لا نعرفها"، مشيرا إلى ان عدم صرف مستحقاتهم من الرواتب، سوى لشهرين، أثر عليهم كثيرا، لأنهم اصحاب عائلات، ومن ذوي المهن الحرة الذين تركوا أعمالهم في سبيل التعلم.
فيما قالت المواطنة عبير كاظم التي درست في مدارس محو الأمية، ان "المشروع مثل تجربة ناجحة وبادرة جيدة من القائمين عليه، وان نسبة كبيرة من الطلبة استطاعوا تعلم القراءة والكتابة، وقد ساعدهم هذا الأمر كثيرا في حياتهم اليومية".
وأضافت قائلة: "أتمنى ان يعود المشروع إلى العمل من جديد. فهناك رغبة كبيرة في التعلم لدى المواطنين".
ختاما، على وزارة التربية السعي إلى إعادة مشروع محو الأمية إلى العمل، والاهتمام به ووضع خطة شاملة له، تتمثل في تشكيل لجنة من الوزارة تشرف على المشروع، وتعيين الكوادر التدريسية، و توفير مدارس خاصة لمحو الأمية، وتأمين رواتب المعلمين والطلبة، فضلا عن تحديد وقت للدوام لا يتعارض مع أوقات عمل الطلبة من ذوي المهن الحرة.