مدارات

حزب "رازم" اليساري البولندي يعقد مؤتمره الثاني

رشيد غويلب
اختتمت في العاصمة البولندية وارشو، منتصف الشهر الحالي،وتحت شعار "عام ونحن معا"، اعمال المؤتمر الثاني لحزب "رازم" (معا) اليساري. وقام المؤتمر بمناقشة واقرار نظام الحزب الداخلي وانتخاب قيادة الحزب والقيادات المحلية. وقد شارك في اعماله قرابة الف مندوب، وكان بامكان اعضاء الحزب غير الحاضرين المشاركة في نقاشات المؤتمر عبر غرفة تواصل الكترونية مغلقة.
ولا يزال الحزب، الذي تأسس في العام الفائت، يعمل بصيغة القيادة الجماعية، ويبتعد عن انتخاب قائد فرد. ويُرجح آدم زاندبيرغ احد اعضائه المؤسسين، وابرز ممثلي الحزب اعلاميا اعتماد هذا الأسلوب الى قناعة اعضاء الحزب بان انتخاب قائد فرد يضعف الديمقراطية. وبدلا عن ذلك ينتخب الحزب رئاسة له مكونة من تسعة اشخاص، وينتخب المؤتمر لجنة وطنية من ثلاثة وثلاثين عضوا، تمثل فيها اللجان المحلية، وتكون مسؤوليتها تحديد الأهداف السياسية للحزب. ولا يحق لعضو القيادة الترشيح لأكثر من اربع دورات انتخابية.
وفي تصريح لاحد اعضاء رئاسة الحزب الذي اعيد انتخابه في المؤتمر: ان على الحزب ان يعزز دوره كحزب لـ " العمال المنتفضين "، اكثر من كونه حزبا للـ"الحالمين". وان بناء الشكل التنظيمي ليس مشكلة، فحتى خصوم الحزب السياسيين يعتبرون ان اعضاء الحزب يمثلون "روح الثقافة البولونية". ويجب ان يكون بناء التنظيمات المحلية دليلا على "طريقة التعامل مع الشعب"، حيث يجد الناس في مكاتب الحزب المحلية، مكاناً للخدمة وتلقي المساعدة. كما ان مكاتب الحزب تحدد مواعيد لتقديم المشورة القانونية مجانا في كل ما يتعلق بالهموم اليومية. وحزب "رازم" الى جانب "حركة الفوضويين" الصغيرة، هو الحزب الوحيد في البلاد الذي يقدم دروس تقوية مجانية للطلاب ودعماً قانونياً للمواطنين المهددين باخلاء مساكنهم بطريقة قسرية.
ولا يعاني الحزب حاليا من مشكلة مالية. صحيح انه بحصوله في الانتخابات العامة في تشرين الأول الفائت على 3,5 في المئة من الاصوات، لم يستطع تجاوز العتبة الانتخابية (5 في المئة) كي يدخل البرلمان، لكن تلك النسبة جعلته مشمولا بالدعم الذي تقدمه الدولة للاحزاب السياسية. وعلى هذا الاساس يحصل الحزب على ما يعادل 800 الف يورو سنويا. ولكي يمكن توظيف هذا المبلغ لتمويل النشاطات الأساسية للحزب وتلك التي تمس مصلحة المواطنين المباشرة، جرت استضافة مندوبي المؤتمر من قبل رفاقهم الساكنين في العاصمة. ويقول ناشطون حزبيون ان ذلك يعزز روح التضامن بين رفاق الحزب.
وهناك مؤشرات على امكانية تقارب النقابات العمالية مع الحزب بسبب ثباته على النشاط المباشر مع الناس. علماً ان تقارب نقابة "التضامن" التي تصدرت المعارضة للحكومة الاشتراكية في بداية الثمانينات مع حزب اليمين العنصري الحاكم، وفقدان الحزب الإجتماعي الديمقراطي صدقيته، وهو الذي عد خلفا لحزب العمال البولوني الذي قاد التجربة الإشتراكية السابقة في البلاد، يسرت للحزب اليساري الجديد ان يملأ الفراغ السياسي على يسار الأحزاب التقليدية.
وقد حوّر الحزب شعار حركة المنتديات الإجتماعية العالمية "عالم آخر ممكن" الى "سياسة اخرى ممكنة". ثم انه ليس من شك في ان السلوك السوي للمناضلين يكون احيانا اشد تأثيرا من الترويج الاعلامي.