مدارات

اسبانيا.. اليسار على عتبة انتصار تاريخي ؟

رشيد غويلب
دخلت الحملة لخوض انتخابات 26 حزيران في اسبانيا اسبوعها الثاني. وتخوض قوى اليسار الجذري الاسبانية هذه الإنتخابات بقائمة موحدة تضم حزب بودوموس (نحن قادرون)، واليسار الأسباني المتحد، الذي يلعب فيه الحزب الشيوعي الاسباني دورا رئيسا، والإشتراكيين البيئيين، اضافة الى تنظيمات اليسار الأخرى في الولايات الإسبانية.
وتشير استطلاعات الرأي الى ان قوى اليسار هذت تقدمت الى المرتبة الثانية تاركة الحزب الإشتراكي الإسباني (وسط) خلفها. واذا ما استقر الخط البياني لهذا التقدم، فسيكون على الحزب الإشتراكي ان يختار بين الدخول في تحالف حكومي يقوده اليسار، او الدخول بتحالف مع حزب الشعب اليميني الذي يقود اليوم حكومة تصريف الأعمال، والذي رغم خسارته الكثير من الأصوات لا يزال يحتل المرتبة الأولى بحسب احدث الاستطلاعات.
وستكتب نتائج الإنتخابات القادمة نهاية نظام الحزبين بوضوح تام. ولم تتبين بعد امكانية تحالف الحزب الإشتراكي وحزب الشعب بالضد من صعود اليسار ولابقاء نظام الحزبين على قيد الحياة، او امكانية ان تؤدي نتائج الإنتخابات هذا الشهر الى احداث تغيير ديمقراطي عميق في الحياة السياسية في اسبانيا.
لقد كان ممكنا على اساس نتائج انتخابات 20 كانون الأول 2015 تشكيل "حكومة التغيير"، لكن قيادة الحزب الإشتراكي رفضت تشكيل تحالف حكومي مع قوى اليسار الأسباني الأساسية على مستوى البلاد تحظى بدعم برلماني من قوى اليسار القومي في اقليم الباسك وولاية كاتالونيا، وذلك بسبب موقف الإشتراكيين الرافض لاجراء استفتاء لتقرير المصير في كاتالونيا. وحاول رئيس الحزب الإشتراكي بيدرو سانشيز التوصل الى تحالف حكومي مع حزب "المواطنين" الليبرالي اليميني حديث التكوين، ولكنه فشل في الحصول على الحد الأدنى للاكثرية البرلمانية المطلوبة.
كان الذهاب الى انتخابات جديدة امراً لا مفر منه، وبدا ان الإنتخابات الجديدة ستتمخض عن نتائج مماثلة لسابقتها. ولكن توصل قوى اليسار اليوم الى قائمة مشتركة تحمل اسم "نحن قادرون متحدون" اعاد ترتيب التوقعات. وستدخل قائمة اليسار هذه الإنتخابات في 11 ولاية ومنطقة حكم ذاتي، فيما يشارك اليسار بقوائم موسعة في عدد آخر من الولايات. فناخبو اليسار سوف لم يتوزعوا هذه المرة على قوائم متعددة، وستتيح هذه التحالفات امكانية ترشيح شخصيات مؤثرة، كانت تطالب بتجميع قوى اليسار.
قائمة اليسار والنصر المرتقب
مدير الحملة الإنتخابية لحزب "بودوموس" يريد توسيع دائرة ناخبي الحزب، ففي الإنتخابات الأخيرة كان الشبيبة يشكلون الوسط الأساسي لناخبي الحزب، وفي هذه الإنتخابات يبغي ان يدعم الآباء والأجداد ابناءهم.
البرتو غارثون اعلن ان اليسار الأسباني المتحد سيقود حملة انتخابية "تركز على المحتوى الطبقي"، بهدف "تحسين حياة الطبقات الشعبية". وفي نفس الوقت سيعمل على تجميع كل الذين ناضلوا ضد سياسة التقشف ودعموا مختلف المبادرات السياسية ، من اجل هزيمة نظام الحزبين. والبرتو غاثون هذا قيادي شيوعي يبلغ من العمر 30 عاما، تم انتخابه في 5 حزيران الحالي منسقا عاما لليسار الأسباني المتحد، وحصلت قائمته التي يدعمها الحزب الشيوعي في الإنتخابات الحزبية على 74,7 في المئة من الاصوات. وفي اول كلمة له بصفته الجديدة عبر غارثون عن قناعته بان "قائمة اليسار هي قائمة للفوز"، واضاف "ان مشروعنا يعبر عن مشروع للبهجة والتفاؤل السياسي، ويخيف اولئك الذين بدأوا حملة التخويف".
نتاج أحدث استطلاعات الرأي
بموجب معطيات احدث استطلاعات الرأي، ستحصل قائمة اليسار على نسبة 23,7 في المئة تمنحها 80 مقعداً في البرلمان، ويحصل الحزب الإشتراكي على 20,3 في المئة تمنحه 77 مقعدا. ويبقى حزب الشعب اليميني المحافظ يتصدر القوى المتنافسة بحصوله على 31 في المئة (130 مقعدا)، ويحصل حزب المواطنين الليبرالي على 14 في المئة (37 مقعدا). وبهذا فان تحالف قوى اليمين سوف لم يحصد الأكثرية في برلمان يبلغ مجموع مقاعده 350 مقعدا. ويترك زعيم الحزب الأشتراكي خياراته مفتوحة، فهو يرفض مقترح بودوموس الداعي للدخول في قائمة مشتركة في مجلس الشيوخ لنزع الأكثرية من اليمين المحافظ. لكنه يرفض ايضا التحالف مع اليمين الحاكم. وفي نفس الوقت ينظم الاشتراكيون حملة مشتركة مع المحافظين ضد برلمانات مدن برشلونة ومدريد ومدن أخرى والتي يتزعمها اليسار. ويزعم منظمو الحملة بان حزب بودوموس يتلقى دعما ماليا من حكومة فنزويلا. وسيحاول اليمين استخدام كل الوسائل بما فيها تلك التي تتعارض مع قيم الديمقراطية للحيلولة دون تحقيق اليسار انتصار التغيير المرتقب، وهو ما حدث في تشرين الأول الفائت في الجارة البرتغال.